رؤية إسرائيلية حول الملف الإيراني في ظل إدارة بايدن

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

بقلم: هاني حبيب

بينما تناول التقرير السنوي الأخير لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي برئاسة الجنرال يالدين والذي صدر قبل أيام، تصنيفاً للتحديات التي تواجه الدولة العبرية في العام 2021، فإن التقرير الأخير الصادر في نفس الفترة عن معهد السياسات والاستراتيجيات في إسرائيل برئاسة اللواء احتياط عاموس جلعاد قد انفرد بالحديث حول طبيعة العلاقة الإسرائيلية الأميركية في ظل إدارة بايدن ويلاحظ في هذا السياق أنّ كلا من التقريرين قد تناولا واتفقا حول التحدي المتعلق بالوضع الداخلي الإسرائيلي المتأزم، من شلل حكومي وفوضى في اتخاذ القرارات ودولة بلا ميزانية وتأثيرات جائحة كورونا وحكومات دون استراتيجية وسلم أولويات، وتراجع ثقة الجمهور بالدولة، ما يرى فيه التقرير الثاني المشار إليه ضرراً بالغاً في المجالات السياسية والأمنية في وقت تتغير فيه الإدارة الأميركية وبينما سيشكل بايدن ويؤسس لسياسة خارجية جديدة فإن إسرائيل ستكون منشغلة بأزماتها الداخلية بحيث لا يمكن لها أن تؤثر بالشكل المطلوب على التوجهات السياسية لإدارة بايدن.
ومن اللافت أن تقرير معهد السياسات والاستراتيجيات يركّز على أن طبيعة ومرتكزات العلاقات السياسية بين تل أبيب وواشنطن في ظل إدارة بايدن على ملف أساسي جوهري يتعلق «بالملف الإيراني» تحديداً. ومن خلال هذا الملف تظهر جملة من السياسات الفرعية بما فيها تلك المتعلقة بالملف الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي، فإيران من وجهة نظر التقرير مهتمة بالعودة إلى الاتفاق النووي مع رفع للعقوبات ما يمهد لها وضعاً شرعياً دولياً بما يمكن معه وجود مساحة محتملة لاتفاق بين إيران والولايات المتحدة بدعمٍ من روسيا والصين والدول الأوروبية وبما يخالف الموقف الإسرائيلي، مع احتمالات تصعيد غير مخطط له على خلفية الانتقام والثأر لاغتيال سليماني وفخري.
لا يتجاهل التقرير التوترات التي سادت العلاقات مع واشنطن حتى في ظل إدارة ترامب حول ملف العلاقات السيبرانية الإسرائيلية الصينية، حيث يشير إلى أن إدارة بايدن ستكون أكثر حساسية إزاء هذا الملف خاصة بعد الهجومات السيبرانية الأخيرة على الولايات المتحدة.
ولا شك أن هذه القراءة للسياسات الإسرائيلية حول الملف الإيراني في ظل إدارة بايدن تأخذ بالاعتبار التوترات التي سادت العلاقة بين نتنياهو والإدارة الديمقراطية برئاسة أوباما حول هذا الملف خاصة قبل وبعد التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني، لذلك فإن احتمالات استمرار هذه التوترات مع الإدارة الجديدة تفرض على إسرائيل رسم سياسة من شأنها الضغط على الإدارة الجديدة من أجل عدم الاندفاع لتحسين علاقاتها مع إيران وقد تستفيد إسرائيل في الضغط على إدارة بايدن حول هذا الملف من خلال وقائع مستجدة والتي حدثت، مؤخراً، على الصعيد العربي والإقليمي، والتي من شأنها تذكير الإدارة الأميركية الجديدة أن هناك تحالفاً عربياً وإقليمياً جديداً تقوده إسرائيل يضع في جوهر اهتماماته الملف الإيراني، ما يشكل ضغطاً على الخطوات التي من المحتمل أن تتخذها إدارة بايدن حول هذا الملف وهو ما لم تنتبه إليه قراءة معهد السياسات والاستراتيجيات المشار إليها.