ستُجرى الإنتخابات العامة الفلسطينية بالتتالي في مايو ويوليو القادمين ولا يمكن التراجع عن ذلك القرار بغض النظر عن نتائج الحوار الفصائلي الشامل الذي سيعقد في القاهرة خلال الايام القليلة القادمة، فتلك الحوارات على قدر اهميتها فلا قيمة لها من الناحية العملية خاصة وانها تكررت على مدار سنوات طويلة دون ان تُفضي لأي نتائج ايجابية على الارض وبالتال فإن قرار الانتخابات جاء نتاج لضغوط ومتغيرات دولية واقليمية فرضت نفسها وجعلت من الانتخابات الفلسطينية وتجديد الشرعيات امرا لا بد منه ستجد الفصائل الفلسطينية نفسها مضطرة لخوضها بغض النظر عن موقفها من مناخات اصدار المرسوم الانتخابي.
تأخرت الانتخابات اثني عشر عاما "2009/2021" عاش خلالها الشعب سنوات من الضياع لا اريد التحدث عنها فقد سبقني الكثير في تناولها ولكن ما يهمنا الآن ان مرسوماً قد صدر وهذا يمثل الخطوة العملية الاولى على طريق انعاش العملية الديمقراطية وتجديد الشرعيات، ولذلك فإن العملية الإنتخابية بالترشح والإنتخاب هي حق مشروع مُكتسب يكفله النظام والقانون والدستور تتساوي فيه جميع الفصائل والأحزاب والمعارضين والمؤيدين والأفراد المستقلين فالجميع في هذا الحق سواء، ولا تستطيع كافة القوى التنفيذية والمتنفذة حجر هذا الحق عن أحد بضمانة الإنتماء للوطن والقضية، وأن المعركة الإنتخابية تستوجب فتح أبواب ميادينها على مصراعيها لفرز الأصلح في مناخات من الديمقراطية تَفسح المجال أمام قوى الشعب وجماهيره لتجديد عقدها الإجتماعي والسياسي مع من يفرزه صندوق الإقتراع وبمزاج وطني خالٍ من أي شوائب أو اي ضغوطات ولن يستطيع احد التلاعب بنتائج هذه الانتخابات التي ستخضع لرقابة عربية واقليمية ودولية تمتلك الجرأة في الاشارة وفضح اي عمليات "تلكك" او تلاعب في النتائج والمخرجات وهذا من شأنه التأسيس لسلاسة عملية نقل السلطات والصلاحيات وافساح المجال امام معارضة برلمانية تستطيع ممارسة دورها في مناخات تفرض فيها الشفافية نفسها على الطاولة علما بإن الانتخابات الثلاثية القادمة لن تسمح بسلطة الفرد الواحد او الاستفراد بالحكم فرئيس السلطة لن يكون رئيس منظمة التحرير والمجلس التشريعي مهمته التشريع ومراقبة اعمال الحكومة في الداخل في حين ان الشأن السياسي سيكون من الصلاحيات المطلقة الخاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية .
الانتخابات الفلسطينية " تشريعية رئاسية مجلس وطني" غاية في الاهمية ينتظر العالم بأسره مخرجاتها التي ستقود حتما الى حلول سياسية للصراع مع "اسرائيل" وبالتالي فإن الكلمة الآن للشعب الفلسطيني الذي عليه ان يقول كلمته ويحدد معالم مستقبله السياسي وهذا يفرض على الناخب الفلسطيني قبل الوقوف امام صندوق الاقتراع استحضار تجربة خمسة عشر عاما من التيه والمعاناة والتغييب العمد والتنكر لكافة حقوقه سواء كانت المعيشة والوظيفية او السياسية والاقتصادية ....الخ.
أقرأ في الانتخابات القادمة انها ستخلو من الرومانسية الوطنية والحزبية وان اصحاب الشعارات العنترية والتغني بأمجاد الماضي لن يجدوا من يسمعهم وان الواقعية والعقلانية ستفرض نفسها والشعب الفلسطيني يتحمل المسئولية بالكامل عن تقرير مصيره امام العالم فالكرة في ملعبه والعالم في انتظار قراره.