أعلن المحامي سيفاج توروسيان، المقيد في سجلات نقابة المحامين في باريس ومحامي بالمحكمة الجنائية الدولية، أنّه أبلغ ممثلية الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية بإحالة ملف عدم استجابة السلطة لقرارات محكمة العدل العليا بشأن إعادة راتب 165 موظفاً، إلى السلطات الأوروبية، لا سيما محكمة المحاسبة الأوروبية ولجنة الموازنة في البرلمان.
وقال توروسيان في بيانٍ وصل وكالة "خبر" الثلاثاء: "إنّ المحكمة العليا الفلسطينية أصدرت 17 حكماً نهائياً بعدم قانونية القرارات الصادرة عن وزارة المالية بقطع رواتب 165 موظفاً في السلطة الفلسطينية".
وأوضح أنّه أمام رفض السلطات تنفيذ قرارات أعلى محكمة في البلاد، لجأ المتقاضون إلى الهيئات الأوروبية، بطلب لتعليق المساعدة السنوية المتجددة البالغة 1.3 مليار يورو المخصصة "لبناء دولة الحق و القانون" أمام الإنكار الصريح للعدالة.
وبيّن أنّه في أعقاب دعاوى جماعية تطعن في تعليق دفع رواتب 165 موظفًا مدنيًا ومدنيًا وعناصر من قوات الأمن، حكمت أعلى محكمة في فلسطين بأنّ الراتب هو حق أساسي لموظف الخدمة العامة، وأنّ أيّ قرار إداري يُخالف ذلك هو بالضرورة غير قانوني.
وأشار إلى أنّ هذه الأحكام القضائية صدرت تدريجيًا من 2018 إلى 2020 وتتعلق بالرواتب التي تم تعليقها منذ عام 2015، مُؤكّداً على أنّ ذلك يُبيّن أنّ الإيقاف يعتبر تعسفاً سياسياً، حيث إنّ الموظفين المعنيين مقربون أو متعاطفون مع شخصيات معارضة مثل محمد دحلان المنافس التاريخي لمحمود عباس، وفق البيان.
وأضاف: "في العديد من القرارات الصادرة في عام 2020 ، كان قضاة محكمة العدل العليا شديدي اللهجة، وذكروا أنّ القانون الأساسي يمنع كل أشكال التمييز ووصفوا الحجة التي دفع بها النائب العام بأنها "عار حقيقي على شرعية السلطة القضائية"، وأنّه بموجبها ستفلت قرارات وزير المالية من أيّ مراجعة قضائية".
وتابع: "في ردٍ شجاع، شجبت محكمة العدل العليا "الرغبة في التنصل من الفضاء القانوني المتأصل في المجتمعات التي يقوم هيكلها على مبدأ سيادة القانون".
وأكّد على أنّ أحكام المحكمة النهائية بإعلانها بطلان قرارات وزير المالية، تستدعي تنفيذها الفوري واستئناف دفع الرواتب والمتأخرات، مُبيّناً أنّ السلطات لم تلتزم حتى الآن بمتطلبات قرارات محكمة العدل العليا.
واعتبر أنّ استمرار تعليق الأجور، وكذلك جمود السلطات، بمثابة إساءة استخدام للسلطة، ويعكس إنكارًا متعمداً و صريحاً للعدالة.
وأردف: "لقد تم إرسال عشر رسائل إلى النائب العام من أغسطس 2019 إلى نوفمبر 2020، كما تم إرسال رسالة إلى رئيس وأعضاء المجلس الانتقالي القضائي في يونيو 2020، بالإضافة إلى رسالتين إلى رئيس الوزراء، كما تم تقديم شكويين جنائيتين أخيرًا في شهري مايو ويونيو 2020 ضد وزير المالية لرفضه تنفيذ القرارات المعنية، مما يشكل جنحة، واستمرت جميع الخطوات بدون تأثير".
ولفت إلى أنّ المشكلة القانونية التي تطرحها هذه القضية الحساسة، هي عدم التنفيذ الطوعي لقرارات المحاكم التي تُدين الدولة، والتي لا مفر منها لأنّها تُشكل الجزء الأكثر حساسية من "سيادة القانون"، مُوضحاً أنّه بدون إدارة هادئة لهذا الجزء، ينهار حكم القانون.
واستدرك البيان: "في مواجهة الجمود الذي تعاني منه السلطات ، قام مكتب Torossian Avocats الفرنسي ، بتقديم المشورة إلى 165 موظفا فلسطينياً ، و في ديسمبر / كانون الأول ، قام بإبلاغ Eupol Copps (بعثة شرطة الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون)، وهي بعثة أنشئت منذ حوالي خمسة عشر عامًا من أجل - مساعدة السلطة الفلسطينية "في بناء مؤسساتها وإصلاح الأمن والعدالة" من أجل إيجاد حل للمشكلة القانونية المتمثلة في عدم تنفيذ أحكام المحاكم من قبل الدولة، وبقيت هذه الخطوات دون إجابة".
ونوّه إلى أنّ آخر منحة يتم تخصيصها من خلال آلية الجوار الأوروبية (ENI) ، للفترة 2017-2020 ، كانت 1.3 مليار يورو لصالح السلطة الفلسطينية، وذلك من أجل إنشاء "دولة القانون والعدالة والأمن وحقوق الإنسان".
وفيما يتعلق بالمساعدات المالية المباشرة، أوضح أنّ مساهمة برنامج "بيغاس" الأوروبي بلغت 152.5 مليون يورو، منها 85 مليون يورو كان من المفترض أنّ تُستخدم في دفع رواتب الموظفين.
وختم المحامي سيفاج توروسيان، البيان بالقول: "يُمكن تفسير هذه المسألة الحساسة على أنها فشل للمساعدة الأوروبية للسلطة الفلسطينية، وسيتعين على السلطات الأوروبية استخلاص جميع النتائج المترتبة على إنكار السلطة الفلسطينية المفترض للعدالة وتعليق كل المساعدات المالية التي تتعارض مع مهمة بناء سيادة القانون".