في اليوم الأخير لعدوان 2012 على غزة حين كان السلاح يطلق آخر ما في جعبته قبل أن يذهب لاستراحة دامت عاما ونصف العام، في ذلك اليوم التقيت الشيخ داوود شهاب الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي في مكتب الزميل أحمد عودة بوكالة «معا» الإخبارية بعد أن انتهينا من تبادل المواقع خلف الكاميرا، قلنا له، انتهى العدوان وانتهيتم من الجهاد الأصغر، الآن عليكم الانتقال للجهاد الأكبر، فأداء حركة الجهاد في تلك الحرب يؤهلها للعب دور أكبر في عملية المصالحة التي تعني غيابها استمرار مأزق الحالة الفلسطينية الآخذة بالانكماش والتراجع في ظل الانقسام.
قال الرجل، إن هذه ستكون الأولوية القصوى لدى حركته لأنها تدرك الخسارة التي أحدثها الانقسام في تآكل رأس المال الوحيد الذي يملكه الفلسطينيون ويخوضون به معاركهم وهو الإرادة الوطنية .. إرادة الشعب التي أصابها الفتور بفعل الصراع الداخلي ورؤية الفصائل وهي تتنازع على السلطة في ظل وضع بائس يعيشه الناس في قطاع غزة، وفشل الأطراف في إنهاء الانقسام بالرغم من مرور عام ونصف العام على توقيع اتفاق القاهرة آنذاك، متسائلا كيف نقنع الناس بجدارتنا بقيادتهم كأحزاب ونحن لسنا قادرين على التوحد وحل الخلافات بيننا؟ كيف نقنعهم بقدرتنا على التحرير ونحن أعجز من تشغيل حكومة موحدة؟.
حاول قادة الجهاد تحريك ملف المصالحة إلى جانب الفصائل الأخرى ولكن ممكنات القوة لدفع المصالحة لم تكن تحت تصرفهم، وكان لدى حركة حماس حينها رغبة بالتملص لأن عواصم عديدة على رأسها القاهرة كانت تتساقط في ايدي الإخوان ما يعزز الاعتقاد بإقلاع مشروعهم وكانت المصالحة حينها تعني إنقاذ الخصم الفاشل في ظل نجاح المشروع والثقة باستكماله قبل أن تنقلب الأمور لصالح خصمها حركة فتح والتي تقف الآن في موقع «حماس» آنذاك تراقب اختناق الأخيرة واشتداد أزمتها.
شاءت الظروف أن تجري مياه النهر في النيل فليس هناك ما هو ثابت في السياسة خصوصا في إقليم يهتز بشدة لترتكب «حماس» خطأها الأكبر بإعلان موقف من أحداث في القاهرة في يوليو 2013 فذهبت القاهرة بعيدا في معاداتها للحركة منذ أن فتح أسطولها الإعلامي ميزان أسلحته على الحركة ولأنها تحكم قطاع غزة كان من الطبيعي أن يدفع سكان القطاع ثمن هذا الخلاف الكبير والذي لم يجد منذ عام ونصف العام أي وسيط بل كان إعلام الجانبين يزيد الأزمة اشتعالا.
في الأشهر الأخيرة وبعد العمليات ضد الجيش المصري في سيناء ارتفعت وتيرة التصعيد وأغلق المعبر بشكل تام ودخل قطاع غزة في حالة موت سريري كان يدعو لتساؤلات تتطلب أي تحرك لفتح نافذة إنسانية وسط النار المشتعلة والمهددة بإحراق الناس ومصالحهم، فالمعبر هو الشريان الوحيد للمرضى والطلاب وحالات إنسانية كثيرة وقد توقف كليا ودخلنا في حالة من الفراغ بلا أفق وليس هناك من يشعر بما يعانيه سكان القطاع إلا من يعيش فيه، فقد تقطعت السبل بالجميع وفقد الطلاب مقاعدهم ومات الكثير على أسرة مستشفيات القطاع الفقيرة.
من هنا كانت أهمية تحرك حركة الجهاد في أصعب اللحظات حين ذهبت بوفد للقاهرة برئاسة أمينها العام ونائبه لتملأ ذلك الفراغ في محاولة لإيجاد حل لمسألتين، الأولى فتح ممر إنساني من خلال معبر رفح لإعادة شيء من الحياة للناس هنا والثانية محاولة تهدئة التصعيد المتبادل بين القاهرة وحركة حماس، فالاتهامات أصبحت الخبر الوحيد على وسائل الإعلام والتصعيد بدأ يأخذ منحنى خطيرا إذ يلوح بعض الإعلاميين في مصر بضرب غزة وهذا خارج المنطق وبدأت إجراءات تتخذ ضد «حماس» سواء قضائية أو مالية.
لم يغادر الوفد في موعده المحدد ما عكس جدية الحوار الذي دار في القاهرة إذ جرى تمديد زيارته حين لاحت في الأفق بوادر انفراجة ولو بسيطة في الملفين فلم يكن الطموح عاليا لأن الملفات معقدة، فمعبر رفح جرى اتفاق على أن تتسلمه السلطة ومصر ملتزمة بالتعامل مع السلطة كما جاء في تصريح السفير المصري في رام الله بأن القاهرة لا تتعامل إلا مع الشرعية الفلسطينية، أما الملف الثاني ملف العلاقة المأزومة بين القاهرة و»حماس» فهو أكثر تعقيدا فالأزمة ليست فقط سياسية لكان بالإمكان حلها بل تأخذ طابعا تنظيميا وأيديولوجيا.
لكن الوفد تمكن في إحداث نوع من الاختراق كرجال دفاع مدني يحاولون إنزال شعب كله معلق على شجرة الانقسام وحركة علقت نفسها على الفرع الأعلى فيها وعلقت معها الجميع، فالاتصالات التي لم تتوقف بين القاهرة ورام الله وغزة قد نجحت بحدود معينة في تحقيق تهدئة في العلاقة المأزومة حيث تم الاتفاق على أن تتوقف «حماس» عن مهاجمة القاهرة، وقد تم تنفيذ ذلك خلال خطبة الجمعة التي ألقاها نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد إسماعيل هنية حيث حمل جملة من رسائل التهدئة لمصر وكذلك الخطاب الذي ألقاه عضو المكتب السياسي خليل الحية أثناء تكريم أسر الشهداء في مخيم البريج أول من أمس، والذي قال فيه، «لا نعادي من نحب» ويقصد مصر طبعا.
أما على صعيد معبر رفح المعلق بمصالحة لم تتم وسلطة لم تتمكن من استلامه في ظل التلكؤ القائم فقد تم الاتفاق على إعطاء نوع من التسهيلات تمثلت بالموافقة المصرية على فتح المعبر للحالات الإنسانية ثلاث مرات شهريا وهذا مرتبط بالهدوء في سيناء، لأن العمليات الأخيرة التي تمت دفعة واحدة ضد مواقع الجيش المصري أجهضت فتحه سابقا بعد أن أعلنت مصر بأنها ستفتح المعبر، الأمل أن تتوقف هذه العمليات الإجرامية ضد الجيش المصري لأن الفلسطيني أول من يدفع ثمنها.
كان على القاهرة ألا تعيد وفد حركة الجهاد بخفي حنين للعديد من الأسباب منها، أن أزمة المعبر أصبحت تشكل أزمة للجميع وحرجا لمصر وثانيا لأن حركة الجهاد تحظى باحترام كبير في القاهرة فلم يسجل عليها أي تصريح يسيء ولو من بعيد لمصر فهي على الحياد من جميع القضايا، وثالثا لأن «الجهاد الإسلامي» لعبت دورا كبيرا في الانحياز للمحور المصري في الحرب الأخيرة في حين كانت أطراف إقليمية أخرى تسعى لمصادرة هذا الدور المصري بل أن حركة الجهاد استدعت إيران لدعم الموقف المصري وكان ذلك أول ملف على طاولة الرئيس المصري الجديد وقد نجح ولا يمكن إنكار دور الجهاد، وقد آن الأوان لأن تكافئ القاهرة حركة الجهاد.
تسجل حركة الجهاد موقفا أخلاقيا في السياسات القائمة، فهي تدعم بقوة المصالحة لإعادة بناء السلطة التي ترفض وجودها وهي ليست مستفيدة منها، وتحاول تحقيق تهدئة بين القاهرة و»حماس» في ظل أنها يمكن أن تستفيد من خنق «حماس» كحركة سياسية دينية يمكن ان تكون البديل لها، فمن الواضح ان هذا التنظيم أمين لهويته التي تعطي له الدور الوطني منذ انطلاقته حين كان العالم منقسما الى نصفين أثناء الحرب في أفغانستان التي كانت تقودها الولايات المتحدة الأميركية ضد الاتحاد السوفيتي وقد تمكنت من تجنيد قوى دينية في المنطقة لصالح حربها، انطلقت حركة الجهاد لتعيد الرشد لمن تاهت بوصلته وتعيد المؤشر الى فلسطين، تجسد ذلك في مقولة الشهيد المؤسس فتحي الشقاقي بأن فسطين هي القضية المركزية وليست كابول بالنسبة للعرب والمسلمين هكذا نشأت الحركة في تلك الظروف لتكون وسيطا بين الإسلام السياسي والوطنية الفلسطينية لعل من غرق بقضايا غير فلسطينية يدفع الناس ثمنها يستفيد من تجربة الجهاد .. دور هذه الحركة مهم لاستكمال المصالحة في ظل تنامي حضور الجهاد محليا وإقليميا.
قال الرجل، إن هذه ستكون الأولوية القصوى لدى حركته لأنها تدرك الخسارة التي أحدثها الانقسام في تآكل رأس المال الوحيد الذي يملكه الفلسطينيون ويخوضون به معاركهم وهو الإرادة الوطنية .. إرادة الشعب التي أصابها الفتور بفعل الصراع الداخلي ورؤية الفصائل وهي تتنازع على السلطة في ظل وضع بائس يعيشه الناس في قطاع غزة، وفشل الأطراف في إنهاء الانقسام بالرغم من مرور عام ونصف العام على توقيع اتفاق القاهرة آنذاك، متسائلا كيف نقنع الناس بجدارتنا بقيادتهم كأحزاب ونحن لسنا قادرين على التوحد وحل الخلافات بيننا؟ كيف نقنعهم بقدرتنا على التحرير ونحن أعجز من تشغيل حكومة موحدة؟.
حاول قادة الجهاد تحريك ملف المصالحة إلى جانب الفصائل الأخرى ولكن ممكنات القوة لدفع المصالحة لم تكن تحت تصرفهم، وكان لدى حركة حماس حينها رغبة بالتملص لأن عواصم عديدة على رأسها القاهرة كانت تتساقط في ايدي الإخوان ما يعزز الاعتقاد بإقلاع مشروعهم وكانت المصالحة حينها تعني إنقاذ الخصم الفاشل في ظل نجاح المشروع والثقة باستكماله قبل أن تنقلب الأمور لصالح خصمها حركة فتح والتي تقف الآن في موقع «حماس» آنذاك تراقب اختناق الأخيرة واشتداد أزمتها.
شاءت الظروف أن تجري مياه النهر في النيل فليس هناك ما هو ثابت في السياسة خصوصا في إقليم يهتز بشدة لترتكب «حماس» خطأها الأكبر بإعلان موقف من أحداث في القاهرة في يوليو 2013 فذهبت القاهرة بعيدا في معاداتها للحركة منذ أن فتح أسطولها الإعلامي ميزان أسلحته على الحركة ولأنها تحكم قطاع غزة كان من الطبيعي أن يدفع سكان القطاع ثمن هذا الخلاف الكبير والذي لم يجد منذ عام ونصف العام أي وسيط بل كان إعلام الجانبين يزيد الأزمة اشتعالا.
في الأشهر الأخيرة وبعد العمليات ضد الجيش المصري في سيناء ارتفعت وتيرة التصعيد وأغلق المعبر بشكل تام ودخل قطاع غزة في حالة موت سريري كان يدعو لتساؤلات تتطلب أي تحرك لفتح نافذة إنسانية وسط النار المشتعلة والمهددة بإحراق الناس ومصالحهم، فالمعبر هو الشريان الوحيد للمرضى والطلاب وحالات إنسانية كثيرة وقد توقف كليا ودخلنا في حالة من الفراغ بلا أفق وليس هناك من يشعر بما يعانيه سكان القطاع إلا من يعيش فيه، فقد تقطعت السبل بالجميع وفقد الطلاب مقاعدهم ومات الكثير على أسرة مستشفيات القطاع الفقيرة.
من هنا كانت أهمية تحرك حركة الجهاد في أصعب اللحظات حين ذهبت بوفد للقاهرة برئاسة أمينها العام ونائبه لتملأ ذلك الفراغ في محاولة لإيجاد حل لمسألتين، الأولى فتح ممر إنساني من خلال معبر رفح لإعادة شيء من الحياة للناس هنا والثانية محاولة تهدئة التصعيد المتبادل بين القاهرة وحركة حماس، فالاتهامات أصبحت الخبر الوحيد على وسائل الإعلام والتصعيد بدأ يأخذ منحنى خطيرا إذ يلوح بعض الإعلاميين في مصر بضرب غزة وهذا خارج المنطق وبدأت إجراءات تتخذ ضد «حماس» سواء قضائية أو مالية.
لم يغادر الوفد في موعده المحدد ما عكس جدية الحوار الذي دار في القاهرة إذ جرى تمديد زيارته حين لاحت في الأفق بوادر انفراجة ولو بسيطة في الملفين فلم يكن الطموح عاليا لأن الملفات معقدة، فمعبر رفح جرى اتفاق على أن تتسلمه السلطة ومصر ملتزمة بالتعامل مع السلطة كما جاء في تصريح السفير المصري في رام الله بأن القاهرة لا تتعامل إلا مع الشرعية الفلسطينية، أما الملف الثاني ملف العلاقة المأزومة بين القاهرة و»حماس» فهو أكثر تعقيدا فالأزمة ليست فقط سياسية لكان بالإمكان حلها بل تأخذ طابعا تنظيميا وأيديولوجيا.
لكن الوفد تمكن في إحداث نوع من الاختراق كرجال دفاع مدني يحاولون إنزال شعب كله معلق على شجرة الانقسام وحركة علقت نفسها على الفرع الأعلى فيها وعلقت معها الجميع، فالاتصالات التي لم تتوقف بين القاهرة ورام الله وغزة قد نجحت بحدود معينة في تحقيق تهدئة في العلاقة المأزومة حيث تم الاتفاق على أن تتوقف «حماس» عن مهاجمة القاهرة، وقد تم تنفيذ ذلك خلال خطبة الجمعة التي ألقاها نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد إسماعيل هنية حيث حمل جملة من رسائل التهدئة لمصر وكذلك الخطاب الذي ألقاه عضو المكتب السياسي خليل الحية أثناء تكريم أسر الشهداء في مخيم البريج أول من أمس، والذي قال فيه، «لا نعادي من نحب» ويقصد مصر طبعا.
أما على صعيد معبر رفح المعلق بمصالحة لم تتم وسلطة لم تتمكن من استلامه في ظل التلكؤ القائم فقد تم الاتفاق على إعطاء نوع من التسهيلات تمثلت بالموافقة المصرية على فتح المعبر للحالات الإنسانية ثلاث مرات شهريا وهذا مرتبط بالهدوء في سيناء، لأن العمليات الأخيرة التي تمت دفعة واحدة ضد مواقع الجيش المصري أجهضت فتحه سابقا بعد أن أعلنت مصر بأنها ستفتح المعبر، الأمل أن تتوقف هذه العمليات الإجرامية ضد الجيش المصري لأن الفلسطيني أول من يدفع ثمنها.
كان على القاهرة ألا تعيد وفد حركة الجهاد بخفي حنين للعديد من الأسباب منها، أن أزمة المعبر أصبحت تشكل أزمة للجميع وحرجا لمصر وثانيا لأن حركة الجهاد تحظى باحترام كبير في القاهرة فلم يسجل عليها أي تصريح يسيء ولو من بعيد لمصر فهي على الحياد من جميع القضايا، وثالثا لأن «الجهاد الإسلامي» لعبت دورا كبيرا في الانحياز للمحور المصري في الحرب الأخيرة في حين كانت أطراف إقليمية أخرى تسعى لمصادرة هذا الدور المصري بل أن حركة الجهاد استدعت إيران لدعم الموقف المصري وكان ذلك أول ملف على طاولة الرئيس المصري الجديد وقد نجح ولا يمكن إنكار دور الجهاد، وقد آن الأوان لأن تكافئ القاهرة حركة الجهاد.
تسجل حركة الجهاد موقفا أخلاقيا في السياسات القائمة، فهي تدعم بقوة المصالحة لإعادة بناء السلطة التي ترفض وجودها وهي ليست مستفيدة منها، وتحاول تحقيق تهدئة بين القاهرة و»حماس» في ظل أنها يمكن أن تستفيد من خنق «حماس» كحركة سياسية دينية يمكن ان تكون البديل لها، فمن الواضح ان هذا التنظيم أمين لهويته التي تعطي له الدور الوطني منذ انطلاقته حين كان العالم منقسما الى نصفين أثناء الحرب في أفغانستان التي كانت تقودها الولايات المتحدة الأميركية ضد الاتحاد السوفيتي وقد تمكنت من تجنيد قوى دينية في المنطقة لصالح حربها، انطلقت حركة الجهاد لتعيد الرشد لمن تاهت بوصلته وتعيد المؤشر الى فلسطين، تجسد ذلك في مقولة الشهيد المؤسس فتحي الشقاقي بأن فسطين هي القضية المركزية وليست كابول بالنسبة للعرب والمسلمين هكذا نشأت الحركة في تلك الظروف لتكون وسيطا بين الإسلام السياسي والوطنية الفلسطينية لعل من غرق بقضايا غير فلسطينية يدفع الناس ثمنها يستفيد من تجربة الجهاد .. دور هذه الحركة مهم لاستكمال المصالحة في ظل تنامي حضور الجهاد محليا وإقليميا.