ما هي نقطة ارتكاز الموقف الفلسطيني الرسمي في التعامل مع إدارة جو بايدن؟

حجم الخط

بقلم: د. دلال صائب عريقات

 

تحدث الرئيس دونالد ترامب، المنتهية ولايته، وبعد دقائق قليلة من مغادرته البيت الابيض، عن إنجازاته خلال فترة توليه منصبه، وتباهى بعدد من إنجازات إدارته وكان أهمها يتعلق بالشأن الامريكي الداخلي مثل إعادة بناء الجيش الأمريكي وتقديم أكبر تخفيضات ضريبية في التاريخ. ثم عند تطرقه لإنجازاته على مستوى السياسة الخارجية، فأهم ما تغنى به هو اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل!

أما جو بايدن وأثناء توجهه إلى البيت الأبيض لتسلم مهامه الرئاسية، قال: "لا يوجد وقت نضيعه عندما يتعلق الأمر بمعالجة الأزمات التي نواجهها". وترجم ذلك عقب تنصيبه مباشرة عندما وقع الرئيس الجديد 15 أمرا تنفيذيا، جاء أبرزها لتعزيز مواجهة الحكومة الفيدرالية لأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، وأوامر أخرى لها علاقة بالتراجع عن مواقف إدارة ترامب من قضايا هامة، منها تغير المناخ والهجرة.

على المستوى الفلسطيني، لقد رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بفوز بايدن الديمقراطي وهنأه بالتنصيب، وأعرب عن تطلعه للعمل مع الرئيس المنتخب بايدن وإدارته من أجل تعزيز العلاقات الفلسطينية الأميركية وتحقيق الحرية والاستقلال والعدالة والكرامة لشعبنا، وكذلك للعمل من أجل السلام والاستقرار والأمن للجميع في منطقتنا والعالم.

من الحنكة السياسية أن يكون الرئيس عباس قد بدأ محاولات التقرب من فريق بايدن، بهدف كسب ثقتهم لاستعادة التعاون مع الادارة الجديدة بعد المقاطعة الطويلة في ظل إدارة ترامب، لقد شهدنا مجموعة من حسن النوايا الفلسطينية للتعاون مع إدارة بايدن ابتداءً بإعادة التنسيق مع اسرائيل والعمل على إصلاح نظام دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى إضافة لاستئناف التعاون الأمني مع سلطات الاحتلال، كل هذه الصور وغيرها جاءت في إطار الجهود التي يبذلها للتقرب من بايدن والتأثير على توجهات الفريق العامل معه.

بالرغم من ترحيب وتفاؤل القيادة الفلسطينية بالإدارة الجديدة، يبقى السؤال: هل تتراجع إدارة بايدن عن قرارات ترامب المُجحفة بالحقوق الفلسطينية، هل يتعاون بإيجابية حول:

- إعادة فتح ممثلية منظمة التحرير في واشنطن؟!

- استئناف تقديم الدعم المالي للسلطة، المستشفيات والأجهزة الأمنية؟!

- دعم موازنة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"؟

- عودة وكالة التنمية الأميركية USAID لتنفيذ مشاريع في المناطق الفلسطينية المحتلة؟!

- إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس؟!

-الاعتراف والاستناد لقرارات الشرعية الدولية 242, 338, 194, 2334 ?!

- تحديد حدود إسرائيل التي تمثل الحليف الاستراتيجي لمختلف إدارات الولايات المتحدة الامريكية؟!

- اتخاذ مواقف جدية وقاطعة حول ملف الاستيطان؟!

- التراجع عن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة للدولة اليهودية؟!

فريق بايدن وحتى هذه اللحظة لم يرد/ يعقب على هذه الاستفسارات ولَم يتطرق لمواقف الإدارة الجديدة من هذه التساؤلات، ولكن الأهم الآن هو أن ادارة البيت الابيض الجديدة تُدرك تماماً أخطاء دونالد ترامب الاستراتيجية التي تحتاج للتراجع، ولذلك بدأ الرئيس الجديد جو بايدن عمله في البيت الابيض منذ الساعة الاولى بإصدار أوامر بالتراجع عن مواقف إدارة ترامب من قضايا هامة. وهذا يستدعي القيادة الفلسطينية لتذكير إدارة بايدن الجديدة بضرورة التراجع عن قرارات يأتي على رأسها قرار ترامب بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل.

لا دولة فلسطينية دون القدس؛ هذه حقيقة ثابتة ويجب أن ينطلق الموقف الفلسطيني في التعامل مع الادارة الجديدة على أساسها، وبالتالي على ادارة بايدن الاعتراف فوراً بالحق الفلسطيني في القدس والتراجع عن قرارات ترامب المُجحفة بالحقوق الفلسطنية، ابتداءً باعترافه بالقدس كعاصمة لإسرائيل والقرارات الأخرى المذكورة أعلاه. من المهم التوضيح لفريق بايدن أن هذه ليست "شروط"، هذه "حقوق" أساسية ونقاط ارتكاز للموقف الفلسطيني في التعامل مع الادارة الأمريكية الجديدة.

- د. دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الامريكية.