أغلقت الحكومة الأردنية أمس إحدى الساحات الرئيسة التي تخصصها فعاليات حزبية وشعبية مستقلة للإعتصام في عمان لـ"أسباب أمنية"، وفق مسؤول حكومي رفيع.
ووضعت أمانة عمان الكبرى أسياجاً حول الساحة التي تقع إلى جانب مسجد الكالوتي في عمان قرب السفارة الإسرائيلية، بناء على تعليمات أصدرتها وزارة الداخلية. وأعلن محافظ العاصمة (كبير الموظفين في وزارة الداخلية) خالد عوض الله أبو زيد أن إغلاق الساحة القريبة من السفارة الإسرائيلية جاء لأسباب أمنية، من دون الإشارة الى وقف الاعتصامات أو منعها.
وأوضح في تصريحات لـ "الحياة" اللندنية، أن عدداً من الشكاوى التي تلقتها محافظة العاصمة من مواطنين يسكنون بجوار الساحة، أفاد أن الاعتصامات تتسبب في ازدحامات مرورية وقلق للراحة العامة، وهو ما استدعى تحرك الأجهزة المعنية. ورفض أي ربط مسبق بين قرار إغلاق الساحة وتراجع أجـــــواء الحريات العامة، مؤكداً أن محافظة العاصمة لا تمنع أي فعالية حزبية أو شعبية مستقلة تلتزم قانون الاجتماعات العامة ساري المفعول، ولا تسيء الى الثوابت الوطنية الأردنية.
وكان معتصمون نفذوا وقفة احتجاجية في ساحة المسجد الكالوتي قرب السفارة الإسرائيلية قبل نحو اسبوعين حيث وقعت اشتباكات مع أفراد من الأجهزة الأمنية نتيجة منعهم من التقدم إلى باب السفارة، وجرى اعتقال عدد من المعتصمين وإحالتهم على محكمة أمن الدولة، وأفرج عنهم لاحقاً.
وتنفذ حراكات حزبية وسياسية وشعبية مستقلة عادة اعتصاماتها المنددة بالاعتداءات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية، في ساحة مسجد الكالوتي القريبة جداً من أسوار السفارة الإسرائيلية.
وعادة ما تشهد الاعتصامات في تلك الساحة احتكاكات مباشرة مع عناصر الأمن الأردنية التي ترفض خروج المعتصمين من حدود الساحة المخصصة للإعتصام، والتي يرجع استخدامها الى ما بعد تاريخ توقيع اتفاقية السلام الأردنية - الإسرائيلية عام 1994.
من جهته، أكد الناشط السياسي الأردني خالد رمضان أن إغلاق ساحة مسجد الكالوتي «رسالة تبعثها الحكومة الأردنية إلى الخارج في الوقت الخطأ»، خصوصاً «في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف».
وشدد رمضان الذي يترأس حراكاً شعبياً يحمل شعار التيار القومي الديموقراطي، أن إجراءات الحكومة الأخيرة متصلة مع سياساتها «القامعة للحريات»، والتي أسفرت في وقت سابق عن إغلاق ساحة الدوار الرابع في مقابل رئاسة الوزراء الأردنية، والساحة المتوسطة لدوار الداخلية وسط عمان خلال سنوات ما يعرف بـ»الربيع العربي».
وأوضح أن مثل هذه الإجراءات تنم عن «ذهنية رسمية مذعورة من الحراك الشعبي العفوي والتلقائي الذي يرفض أن يبقى ساكناً في وقت تشهد فيه المنطقة متغيرات كثيرة». وربط الإجراء الأخير وقرار حكومي صدر نهاية الأسبوع الماضي عن ديوان تفسير القوانين الأردني اعتبر ان جرائم الذم والقدح المرتكبة من خلال المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، تخضع لأحكام من قانون أصول المحاكمات الجزائية وليس قانون المطبوعات والنشر الأردنيين، ما اعتبره رمضان «ردة عن أجواء الحريات التي صنعها الحراك الشبابي والشعبي الأردني»، علماً ان نقابة الصحافيين الأردنيين رفضت القرار لأسباب تتعلق بـ»تعطيل قانون المطبوعات والنشر» لصالح قانون آخر، وفق عضو مجلس النقابة فايز أبو قاعود.
وأكد الناشط النقابي المستقل أبو قاعود وجود تجاوزات لآداب المهنة واخلاقياتها وحدود حرية التعبير والنقد المباح عبر بعض المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، الا أنه لا يجد أي مبرر لمعاقبة الموقع المهني وغير المهني، أو تعطيل تطبيق نصوص في قانون المطبوعات والنشر، مؤكداً مواصلة حراك نقابة الصحافيين لرفض القرار التفسيري، والعودة الى العمل بقانون المطبوعات والنشر بكامل نصوصه.