سيناريوهات الانتخابات تعمل لصالح نتنياهو.. إلا واحداً

حجم الخط

بقلم: امنون هراري


ربما يكون الإغلاق خانقاً، وعدد الوفيات بسبب «كورونا» يرتفع بشكل كبير، وفي الخارج ثمة اشتعال ضخم لا يخمد بين الشرطة وقطاعات كاملة، لكن بالنسبة لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، هذه فترة جيدة جدا. بقيت أشهر تفصلنا عن الانتخابات، ويبدو أن كل شيء يسير لصالحه تقريبا. هذا ليس فقط منحنى مقاعد «الليكود» التي في جزء من الاستطلاعات تقفز (32 مقعدا في استطلاع «حداشوت 13» الأخير) وفي جزء منها مستقرة أو تنخفض قليلا (29 مقعدا في استطلاع «حداشوت 12»، أول من أمس). ولكن الاستقرار هو علامة تفاؤل بالنسبة له، مع الأخذ في الحسبان ما يحدث في الخارج.
إن استخذاءه أمام زعماء الأصوليين وأحفادهم كان من شأنه، على الاقل مؤقتاً، أن يمس بقوته في الاستطلاعات، حسب التاريخ وايضا حسب الاستطلاعات العميقة التي ما زالت تنبعث منها مشاعر مناوئة للأصوليين في اوساط المجتمع العلماني، وايضا في الجزء اليميني منها. ينجح تأثير التطعيمات في منع مس كهذا، حتى لو كانت الارقام في الاستطلاعات، كما يقول نتنياهو نفسه في «تيك توك»، لا ترتفع بالوتيرة ذاتها مثل «الأرقام التي نشاهدها ترتفع في الفحص المصلي».
ما يحدث خارج «الليكود» يدلل بصورة أفضل على الوضع الممتاز لنتنياهو. صعود «يوجد مستقبل» في الاستطلاعات وترسخه كحزب ثانٍ في حجمه مع 16 – 18 مقعداً هو بمثابة أنباء رائعة بالنسبة لرئيس الحكومة. هذا ما كان يأمل نتنياهو بحدوثه بالضبط: شيطان واضح على اليسار، وهدف تسهل الإشارة اليه والقول «إما أنا وإما هو». من السهل على نتنياهو أن يجذب أصوات اليمينيين وهم يرون في المقابل شخصية غير شعبية في اليمين مثل لبيد. هذا أسهل بكثير مما كانت عليه الحال قبل شهر عندما كان جدعون ساعر هو البديل. ولكن الأخير فقد ثلث قوته في الاستطلاعات، خلال شهر، والأكثر خطورة من ذلك أنه فقد الزخم.
أيضا ما يحدث في الأحزاب الصغيرة في الوسط – اليسار يعمل لصالح نتنياهو، طالما أن زعماء الأجنحة المارقة وعصابات الافراد، ميراف ميخائيلي ورون خولدائي وبني غانتس ونيتسان هوروفيتس ويارون زليخة وغيرهم، يواصلون التشاجر على من سيكون في المكان الاول في القوائم، التي وزنها يساوي صفرا أو فوق صفر بقليل، واللاعبون جميعهم يوجدون في خطر الفناء. وحيث إن كل استطلاع يظهر نتيجة مختلفة، مرة ميخائيلي تجتاز نسبة الحسم وخولدائي لا يجتازها، ومرة حزب «الاسرائيليون» أكبر من حزب العمل، يصعب خلق ارتباطات تمنع التبخر.
كان نتنياهو يريد أن يتنافس اكبر عدد من الاحزاب بشكل منفرد، وأن تتبدد الأصوات التي ستبقى خارج حفل توزيع المقاعد. في هذه الحالة فإن نصيب كتلته النسبي سيزداد. كل مقعد سيبقي حزب يسار في الخارج نصفه سيذهب الى نتنياهو وشركائه. المقعد 61 يمكن أن يأتي من «ميرتس» أو «العمل» إذا بقيت خارج الكنيست. ليس فقط ما يجري في اليسار يبتسم له: حغيت موشيه، المرشحة التي لم تعرف الى ما قبل اسبوعين أنها مرشحة، انتخبت باسمه لرئاسة «البيت اليهودي»، في الطريق الى الاتحاد مع بتسلئيل سموتريتش، ولما يظهر في الاستطلاعات كأربعة مقاعد اخرى يمكن لنتنياهو أن يجمعها لكتلته التي تكاد تصل سوية مع بينيت المقعد 59 – 60. الى ذلك يمكن إضافة الصعوبة في بلورة القائمة المشتركة التي تزيد احتمالية التنافس بصورة مستقلة   لـ»راعم»، شركاء نتنياهو في المجتمع العربي. هذا سيناريو سيكون نتنياهو راضيا عنه، بغض النظر كيف سينتهي: إما ببقاء «راعم» في الخارج، ويقلص تمثيل العرب في الكنيست (بهذا تزيد الحصة النسبية للكتلة المؤيدة له) أو أن «راعم» يدخل الى الكنيست، وتكون له أربع أصابع اخرى في الطريق الى حكومة الحصانة.
صعود لبيد، الخصومة المنهكة بين بقايا الوسط – اليسار، وما يحدث في اليمين الراديكالي وما يحدث في الوسط العربي، كل ذلك يعمل لصالح نتنياهو. فترة شهرين على موعد الانتخابات هي فترة طويلة، وكل شيء يمكن أن ينقلب. وحتى في الاستطلاعات الاكثر تفاؤلا ما زال لا يوجد لنتنياهو 61 مقعداً، حتى مع بينيت. ولكن الاتجاه واضح، الزخم يوجد لديه، والعوامل التي أدت الى صعوده، لا سيما عملية التطعيمات، ستتسارع فقط في الاشهر المتبقية. كل شيء يسير لصالحه في هذه الاثناء، حتى قبل بدء الحملة (الرسمية) وليس التي تتم إدارتها في غرفة الحكومة.
بقي أسبوع ونصف الاسبوع على إغلاق القوائم، ويبدو أن معظم السيناريوهات التي يمكن أن تحدث حتى ذلك الحين تعمل لصالح نتنياهو. عمليات التوحد «الصغيرة» في اليسار ما زالت عالقة، وايضا الاتحاد «الكبير»، المفترض بين يئير لبيد ورون خولدائي، ما زال عالقا. وحتى إذا تحقق ذلك فإن نتنياهو يمكن أن يجد فيه فائدة «معركة رأس برأس» مع لبيد. ولكنْ هناك اتحاد واحد يقض مضاجعه وهو اتحاد اذا تحقق ليس فقط سيقلب زخم الانتخابات، بل سيحسمه، تقريبا بصورة نهائية.
يدور الحديث عن سيناريو يتم التحدث عنه في النظام السياسي في هذه الاثناء. وحتى الآن لا توجد اتصالات لتحققه الفعلي. ولكن يصعب تجاهل الافضليات التي تكتنفه بالنسبة للشريكين: جدعون ساعر ونفتالي بينيت. ايديولوجياً هذا الارتباط طبيعي: منذ اللحظة التي قرر فيها بينيت التحرر من حدبة بتسلئيل سموتريتش ومن صورتها المتطرفة، وبالتأكيد الدينية، التي يجلبها معه، فإن الفروق الايديولوجية بينه وبين ساعر بسيطة، هذا اذا وجدت. ولكن توجد هنا ايضا فائدة عملية وشخصية لبينيت ولساعر ايضا.
بالنسبة لساعر، الذي حسب الاستطلاعات ما زال المرشح الطبيعي لقيادة هذا الاتحاد، فإن الافضليات واضحة: قائمة موحدة مع «يمينا» ستعيده الى ما فوق خط العشرين مقعداً، الذي منه سيكون الترشح لرئاسة الحكومة اكثر شرعية، وستعيد له الزخم الذي يبحث عنه، وستوفر عليه النار المتقاطعة بين المعارضين اليمينيين لنتنياهو. المنطق الذي يبرر بالنسبة له هذا الاتحاد، في الوقت الذي يكون فيه على رأسه، واضح. ولكن ايضا لبينيت هناك ما يبحث عنه في مثل هذا الاتحاد، حتى لو تنازل فيه الى المكان الثاني.
نشطاء جميع الاحزاب السياسية يحسبون بينيت في هذه الاثناء على المعسكرين، معسكر نتنياهو ومعسكر ساعر ولبيد. والتقدير هو أن بينيت سيذهب مع من سيصل من الكتلتين الى 61 مقعدا معه. هكذا يمكنه أن يضمن لنفسه التناوب على رئاسة الحكومة، واذا كان الحديث يدور عن وعد بالتناوب أو عن وعد من أي نوع، فمن الافضل أخذه من ساعر وليس ممن لا يوجد له أي احتمال للوفاء بهذا الوعد. ولكن هذا ليس هو السبب الوحيد. فالاتحاد بين ساعر وبينيت حتى لو زاد احتمالية سقوط نتنياهو، الأمر الذي يأمله بينيت وكل ذلك دون أن تتم الاشارة الى بينيت في اليمين على اعتبار أنه الشخص الذي اسقط حكم «الليكود»، مسؤولية سيتم القاؤها بالكامل على ساعر لكونه زعيم القائمة الموحدة. اذا اتحد مع ساعر فإن بينيت سيحصل على كل الخيرات، التناوب على رئاسة الحكومة، واقصاء نتنياهو دون أن يقتضي منه ذلك دفع ثمن المسؤولية عن ذلك في اليمين.
قبل اسبوعين فحص هذا السيناريو في استطلاع «حداشوت 12»، الذي أجراه مينو غيفع ومعهد متغام. هناك حصل هذا الاتحاد على 25 مقعدا، ثلاثة مقاعد أقل مما حصل عليه الحزبان بصورة منفصلة. ولكن مع تأكيد واضح – بينيت في استطلاع كهذا شطب نهائيا من الكتلة المحتملة لنتنياهو، التي ستبقى حينها مع 46 مقعدا فقط حسب هذا الاستطلاع. ويكون الخط قد قطع نهائيا على حكومته. فهل لخصوم نتنياهو الشجاعة للقيام بما يخيفه أكثر من أي شيء آخر؟

عن «هآرتس»