هآرتس: 6 سيناريوهات لسقوط الطائرة الروسية بسيناء

الطائرة الروسية
حجم الخط

طرح "أنشيل بيبر" المحلل الإسرائيلي بصحيفة هآرتس الاسرائيلية 6 سيناريوهات لسقوط الطائرة الروسية فوق سيناء السبت، مشككا في الوقت نفسه في إمكانية الاعتماد على حكومتي مصر وروسيا في كشف تفاصيل صادقة عن أسباب الحادث نظرا لتضارب مصالح كل طرف.

إلى نص المقال..


كما في كل كارثة طيران كبيرة، فإن ملابسات سقوط طائرة الإيرباص A-321 التابعة لشركة كوجاليمافيا سوف تتضح فقط بعد أن يفحص باحثون في الطيران المدني، جنبا إلى جنب مع مندوبين عن مصنعي الطائرة التسجيلات في الصناديق السوداء ويجمعوا بقايا الطائرة المتناثرة على أرض سيناء.

المشكلة في هذه الحالة أنه من غير الواضح ما إن كان بالإمكان الاعتماد على حكومتي مصر وروسيا، في كشف تفاصيل صادقة عن أسباب الكارثة، في وقت لدى كليهما مصالح متضاربة ليس بالضرورة أن تتسق والنتائج. حقيقة إسراع جناح الدولة الإسلامية (داعش) بسيناء في تبني المسئولية عن "إسقاط" الطائرة تلقي بظلالها أيضا على الثقة التي سوف ينظر بها إلى التقرير النهائي. في الأيام المقبلة ستطرح كل السيناريوهات الممكنة التي تسببت في الكارثة.

فشل في صيانة الطائرة- يدور الحديث عن طائرة تطير منذ 18 عاما ونفذت 21 ألف رحلة، معظمها في خدمة شركات طيران من الشرق الأوسط. وفقا لتقارير مختلفة، تعرضت لحادث واحد في الماضي على الأرض. خلال السنوات الأخيرة ينشغل الإعلام الروسي كثيرا بحقيقة أن مستوى التأمين والصيانة لأسطول شركات الطيران المحلية لا يطابق المعايير الدولية، حتى بعد أن اتجهت هذه الشركات لاستخدام طائرات مصنعة في الغرب.

تنجم الصيانة الرديئة عن غياب الرقابة الحكومية والوضع الاقتصادي السئ للكثير من الشركات الروسية. أفادت مصادر عدة في الأيام الماضية أن طياري الإيرباص أشاروا إلى وجود أعطال في أحد المحركات.

حقيقة أن الطائرة نجحت في الإقلاع من مطار شرم الشيخ والوصول لارتفاع 30 ألف قدم، قبل أن تبدأ فجأة في فقدان الارتفاع بسرعة كبيرة، تطرح إمكانية أن يكون أحد محركات الإيرباص قد توقف وقرر طاقم الطائرة أن يحاولوا الهبوط بها في مطار العريش بشمال سيناء (وفقا لأحد التقارير، الذي جرى إنكاره بعد ذلك، طلب الطيار إذنا بالهبوط عبر نظام الاتصال).

A-321، مثل غالبية طائرات الركاب الحديثة بإمكانها الاستمرار في الطيران بمحرك واحد فقط، لكن يحتمل أن تكون النيران قد اندلعت من المحرك، وادت لانفجار خلال الانخفاض استعدادا للهبوط الاضطراري. سوف يؤكد جمع الحطام من الأرض ما إن كانت الطائرة قد سقطت كاملة أو تناثرت في الجو. على أية حال، إن كان الحديث يدور عن عيب في المحرك أدي للسقوط، فإن الاحتمال المناسب أن يكون السبب هو الصيانة المعيبة.

فشل تقني- كأي حادث من هذا النوع، سوف يطلب المندوبون عن مصنعي الطائرة والمحركات معرفة ما إن كان الحديث يدور عن فشل يمكن أن يؤدي للإضرار بطائرات أخرى من نفس النوع. عائلة طائرات الإيرباص 320 تخدم منذ 27 عاما مع سجل سلامة ممتاز، وتطير نحو سبعة آلاف طائرة من النماذج المختلفة في أنحاء العالم.

يعتبر نموذج A-321 المعدل الأكثر أمانا وحتى اليوم سقطت طائرة أخرى فقط، من بين أكثر من ألف طائرة مثلها تطير في أنحاء العالم. نجم السقوط بـ 2010 في باكستان عن المزج بين ظروف طقس سيئة ونقص مهنية طاقم الطيارين.

حقيقة أن الحديث يدور عن طائرة قديمة نسبيا يمكن أن يطرح أيضا السؤال حول فشل بنيوي ناجم عن إجهاد المواد (يمكن أن ينجم عن الإجهاد الحراري نتيجة تغير الحرارة بين الأرض والجو- المترجم)، لكن في ظل العدد الكبير من الطائرات المشابهة من هذا النوع التي تحلق بحجم فاعلية مرتفع، فإن احتمال حدوث هذا الفشل قبل اكتشافه منخفض جدا أيضا. مع ذلك يمكن أن يتضح أن شركة الطيران الروسية لم تستخدم قطع غيار مناسبة أو لم تحرص على تغييرها بالوتيرة المطلوبة من المُصنع.

خطأ بشري- بعد أن تمت عملية الإقلاع بشكل منظم، وعلى ارتفاع 30 ألف قدم ومع الانتقال للطيار الآلي، لم يكن من المفترض أن يواجه الطيارون ظروفا خاصة تتطلب منهم عمليات غير معتادة. إذا ما كان أحد المحركات قد توقف فعلا عن العمل، كان يفترض أن يكون الطياريون مدربين بشكل كاف للتعامل مع سيناريوهات الطوارئ للهبوط بمحرك واحد، لكن الدمج بين فشل في المحرك مع تصرف غير مناسب لأحد الطيارين يمكن أن يكون بالقطع عنصرا حاسما.

سقوط متعمد- منذ السقوط المتعمد لطائرة الإيرباص التابعة لشركة جيرمان وينجز في مارس من العام الجاري على يد مساعد الطيار أندرياس لوبيتس، والذي أسفر عن مقتل 150 شخصا، تجري عملية توعية شديدة للحرص على الوضع النفسي للطيارين. مازال يدور الحديث عن حادث نادر لكنهم يعلمون في صناعة الطيران أنه كانت هناك حالات أخرى في الماضي، أغلق في إحداها أحد الطيارين على نفسه وحيدا في قمرة القيادة، وأسقط الطائرة. حتى الآن ليست هناك معطيات تشير إلى ذلك، لكن الخلفية النفسية للطيارين سيتم فحصها بلا شك.

سقوط عن طريق صاروخ- إعلان جناح داعش بسيناء مسئوليته عن إسقاط الطائرة يبدو غير مقبول إطلاقا، إذا كانت فعلا حدثت بواسطة صاروخ. بحوزة التنظيم على ما يبدو صواريخ متطورة مضادة للطائرات من نوع SA-18 ، لكن هذه الصواريخ فاعلة ضد المروحيات والطائرات التي تحلق على ارتفاعات منخفضة، لكنها غير قادرة على إصابة هدف فوق 11 ألف قدم.

الإيرباص الروسي وصلت إلى ارتفاع 30 ألف قدم، وإذا أصيب خلال الإقلاع لكانت في الغالب أخبرت عن ذلك، وأسرعت في تنفيذ عملية هبوط اضطراري، لذلك يمكن أن نستبعد بشكل مؤكد تقريبا السقوط بواسطة صواريخ محمولة على الكتف. إسقاط الطائرة عن طريق صاروخ مضاد للطائرات أكثر تطورا أو من طائرة حربية كان يمكن أن ينفذ فقط على يد عنصر تابع لإحدى دول المنطقة. ليس هناك معقولية أن يكون لأي دولة في الجوار مصلحة في تنفيذ مثل هذه العملية.

عبوة ناسفة على الطائرة- إمكانية أن يكون تحطم الطائرة حدث نتيجة انفجار عبوة ناسفة جرى زرعها في الطائرة في وقت سابق، وأدت لإضرار بأداء الطائرة بشكل بالغ، وإخراجها عن أية سيطرة- معقولة من الناحية التقنية. السؤال هو من كان على متن الطائرة ومهتم بإسقطاها، المتهم الأول بالطبع هو داعش، لكن من إعلان التنظيم يمكن الافتراض أن عملية الإسقاط تمت بواسطة صاروخ وليس عبوة.

بالإضافة إلى ذلك، رغم النشاطات الواسعة للتنظيم والهجمات ضد قوات الأمن المصري في منطقة شمال سيناء، حتى الآن، امتنع التنظيم عن شن هجمات بمنطقة شرم الشيخ، بما في ذلك لأن قبائل البدو المتعاونين مع داعش بشمال سيناء، معنيون بالحفاظ على الهدوء في الجنوب، لأن الكثير من أبناء القبائل يعملون هناك في قطاع السياحة.

في السنوات الماضية تلقت صناعة السياحة في مصر ضربة قاصمة بسبب انعدام الأمن في البلاد والانخفاض المتواصل في أعداد السياح الذين يزورون الأهرامات وباقي المناطق الأثرية في منطقة القاهرة ووادي النيل. البؤرة الربحية الوحيدة الباقية هي الفنادق على ساحل البحر الاحمر بجنوب سيناء، التي ما زال يزورها أعداد كبيرة نسبيا من السياح الروس، عبر عشرات الرحلات الجوية العارضة يوميا، كتلك التي سقطت.

للحكومة المصرية مصلحة حاسمة في منع طرح إمكانية أن تكون الطائرة أًسقطت على يد عناصر إرهابية لكي لا تتضرر بشكل متواصل عملية وصول السياح. للحكومة الروسية، التي أرسلت مؤخرا قوات كبيرة للقتال ضد داعش في سوريا، يمكن أن يكون لها مصلحة في المقابل في تحويل التنظيم الإسلامي لمشتبه.

قبل 15 عاما، ساعدت سلسلة تفجيرات نُسبت للتنظيم المسلح الشيشاني في المدن الروسية، في زيادة الدعم الشعبي للعملية الحادة التي قادها نظام بوتين ضد الشيشانيين. وبشكل مواز زعم ضباط سابقون في قوات الأمن الروسي أن جزءا على الأقل من القنابل التي قتلت عشرات المواطنين تم زرعها تحديدا على يد عناصر الأمن الروسي.

إن الحديث عن إسقاط روسي متعمد للطائرة الروسية يمكن أن يبدو هلوسة، لكن لا يمكن استبعاده تماما. حتى الآن يرفض الروس تبني داعش المسئولية لكن الكلمة الأخيرة لم تسمع بعد.