عمان: تجاهل "وثيقة عباس" حول الوصاية والقانون الدولي يضمن للأردن المرجعية للحرم

الأقصى
حجم الخط

فاجىء العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، جميع الأطراف، بما فيها الاسرائيلية، بعبارته المناكفة التي يجدد فيها إلتزام بلاده بمعطيات الوصاية والرعاية الأردنية للأوقاف في مدينة القدس كاشفا بعض الاوراق التي لم تتحدث عنها سابقا المؤسسات الرسمية الأردنية.

من حيث الشكل يقرر عاهل الأردن، وبعد فترة صبر طويلة نسبيا على التشكيك بدور بلاده ومن عدة جهات، التحدث عن ملف القدس والمسجد الاقصى وهو يستضيف وجهاء مدينة معان تحديدا في رسالة من حيث الشكل لا يمكن اسقاطها من حسابات بناء الصورة السياسية.

ومن حيث الشكل أيضاً يتحدث الملك بالموضوع وليس الحكومة او وزارة الاوقاف او وزارة الخارجية وخلال استضافة قادة مدينة معان وعشائرها في مضارب الهاشميين.

في هذا السياق يمكن تدوين عدة ملاحظات مهمة أبرزها ان العاهل الأردني لا يعترف ولا يشتري رواية الحكومة الاسرائيلية بخصوص المساحة الجغرافية للحرم في مدينة القدس. فحكومة نتنياهو تتحدث عن 25 دونما من الارض. اما الملك عبد الله الثاني فرد بالإشارة الى مساحة جغرافية اوسع بكثير قال إنها تخضع للرعاية والوصاية الأردنية بقدر 144 دونما من الأرض.

اسرائيل - في ما يتعلق بالأرض - تتحدث عن المسجد الأقصى نفسه وقبة الصخرة والساحة الفاصلة بينهما بينما شروحات اللجنة الملكية الأردنية المعنية ترصد او تبين انها ترصد كل ممر وحجر وزاوية وزقاق له علاقة بأوقاف القدس.

على هذا الأساس علم الأردنيين لأول مرة على المستوى الشعبي بأن وصاية بلادهم تشمل 144 دونما من الارض في عمق القدس القديمة بموجب التعريف القانوني والأردني للحرم المقدسي.

واضح تماما أن عاهل الأردن أخرج هذه الورقة في تعريف المساحة الجغرافية بعدما تمكن الشهر الماضي وخلال اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك من توثيق مصطلح الحرم الشريف في القدس بمواثيق الامم المتحدة. وهي إشارة ظهرت آنذاك على انها دبلوماسية ودعائية فقط. لكن الجانب الأردني يعول عليها في تحصيل موقف بموجب القانون الدولي والامم المتحدة للجغرافيا التي تحكمها او ستحكمها لاحقا الرعاية الأردنية على اساس أنها، ومهما، حصل باقية وتتمدد.

بوضوح ايضا تجنب ملك الأردن التحدث عن وثيقة الوصاية التي قدمها الرئيس محمود عباس له بما يوحي بأن الموقف الفلسطيني المكتوب لن يكون اساسيا في المعركة التي سيديرها الأردن لاحقا تحت عنوان ترسيم كل تفاصيل إدارة الحرم الشريف في القدس.

يعكس ذلك بالنتيجة ردا أردنيا متأخرا قليلا وغير مباشر على وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، الذي تحدث عن تمكن حكومة نتنياهو من نصب فخ للأردن بالتفاهمات التي اعلنها وزير الخارجية الامريكي، جون كيري، برفقة نظيره الأردني ناصر جودة مؤخرا.

تقدير سياسي مطلع على التفاصيل تحدث لـ «القدس العربي» اللندنية، عن أن الأردن - وفي مسألة القدس تحديدا - يستثمر كل طاقاته لنصب الفخ الحقيقي لنتنياهو وليس العكس، مما يفسر تجاهل الملك، وهو يتحدث عن ملف القدس والأقصى، للجدل الذي اثارته قصة الكاميرات التي قال كيري ان ملك الأردن اقترحها والشرطة الاسرائيلية منعتها.

الجديد في لغة الخطاب الرسمي الأردني هو البعد المرتبط بالقانون الدولي ايضا فالأردن يستند وفق جوهر حديث الملك الأخير الى انه يمثل الدولة الراعية لسبب بسيط لا علاقة له باتفاقية وادي عربة التي منحت اسرائيل الحق في منح الأردن الاولوية برعاية المقدسات، ولا علاقة له بالوثيقة التي وقعها عباس، بل له علاقة مباشرة وجذرية بالأفضلية التي يوفرها القانون الدولي للأردن باعتباره آخر دولة قبل الاحتلال كانت تدير أوقاف القدس والحرم المقدسي.

في رأي مجتهدين قانونيين تلك ورقة مهمة في المجال الدولي رغم ايمان السياسي المخضرم طاهر المصري بأن اوراق القانون الدولي والمجتمع الدولي لا تمنع اسرائيل من الاسترسال في تسوية القضية الفلسطينية على طريقتها.

بالتأكيد ما ذكره ملك الأردن في لقائه مع وجهاء معان مهم ومثير وجديد في بعض التفصيلات وينتج انطباعا استباقيا عن الطريقة التي يفكر فيها المطبخ الأردني بملف القدس ولأول مرة، كما يفسر قبل ذلك التحفظ الرسمي الأردني في التعليق على مجريات الاحداث اليومية.

كل المؤشرات تعكس الانطباع بأن الأردن يستعد لهجوم دبلوماسي وقانوني دولي يكرس وبصورة قطعية وصايته على مساحة جغرافية في القدس تتجاوز المسجد الاقصى وقبة الصخرة، على أساس ان هذه المساحة تكفل دورا استثنائيا للأردن في المستقبل بصرف النظر عن القضية الفلسطينية نفسها ومآلات عملية السلام، وبصرف النظر عن الجرعة المكثفة التي ركز فيها على المسجد الاقصى احمد داوود اوغلو في خطاب النصر الأخير بعدما اكتسح حزبه الانتخابات التركية.