"الليكود" يثبّت أقدامه في المجتمع العربي قبيل الانتخابات

حجم الخط

بقلم: جاكي خوري

 


الخميس الماضي بعد انتهاء زيارته في العيادة المحلية في عرعرة في النقب، سار رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، نحو سيارته المصفحة. ثم أخذ صوت الهتافات السعيدة «أبو يئير، أبو يئير» يتضاءل. هؤلاء كانوا بضع عشرات من الشباب المؤيدين له في مكان غير متوقع، حتى أن أحد الشباب أحسن صنعاً وقام بدعوة رئيس الحكومة لتناول القهوة. في المجتمع البدوي هناك ايضا رسالة لهذه الدعوة تقول إنه مرغوب بك في بيتي. لم يخرج اللقاء في الحقيقة الى حيز التنفيذ، لكن نتنياهو سُحر ببادرة حسن النية هذه.
«نشعر بهذا في كل مكان»، قال نشيط سياسي مخضرم من النقب، طلب عدم ذكر اسمه. في الجولتين الاولى والثانية للانتخابات عمل هذا الشخص لصالح «القائمة المشتركة»، وساعد على نقل المصوتين الى صناديق الاقتراع. «هناك عدد غير قليل من المستشارين ومقاولي الاصوات الذين يتجولون ويحاولون تجنيد الاصوات لليكود»، قال. وحسب قوله، احيانا يتم ذلك بصورة فردية واحيانا بصورة جماعية «عن طريق نشطاء ميدانيين ورؤساء عائلات وحتى رؤساء سلطات محلية في السابق وفي الحاضر». وأضاف بأن بعضهم كانوا في الانتخابات الاخيرة مع «القائمة المشتركة» أو مع أحزاب متماهية مع اليسار. «يمكن أننا لا نتحدث عن تدفق وعن اعداد كبيرة، لكن لا ريب أنه يوجد في النقب موطئ قدم لليكود، وهذا بارز جدا على الارض. على مدى السنين اعتبرت منطقة النقب مع سكانها البدو قاعدة لـ 'راعم' (القائمة العربية الموحدة) التي يوجد فيها تمثيل محترم لاعضاء الجناح الجنوبي للحركة الاسلامية. سيطرت هذه القائمة على مخازن الأصوات الكثيرة، سواء على صعيد القرى أو على صعيد الحمائل. ولكن في هذه المرة يبدو أن الميل يمكن أن يتغير، ليس فقط بسبب اختراق «الليكود».
ربما يكون ذلك بسبب الازمة في «القائمة المشتركة»، وربما يكون ذلك مغازلة لنتنياهو. ولكن فجأة تحوّل المصوتون في النقب هدفاً لجميع الاحزاب. مثلا، الى جانب «راعم» ايضا في «بلد» (الشريك السابق للقائمة) قاموا بوضع بدوي من سكان النقب في مكان مضمون في القائمة وهو عضو الكنيست السابق جمعة الزبارقة. وهناك من يفكرون بإعطاء صوتهم مباشرة لرئيس الحكومة الحالي، مثل سلطان أبو بكر الذي هو من سكان رهط. وهو الآن ينتظر رؤية التطورات الاخيرة في «راعم» قبل إعلانه لمن سيصوت. ولكن «الليكود» هو بالتأكيد خيار بالنسبة له. وسواء أكان ذلك منصور عباس أو بنيامين نتنياهو، فان المبدأ الذي يوجهه هو التأثير من الداخل. «اذا استمرت «راعم» في الخط ذاته فيمكن أن أقوم بدعمهم، شريطة أن يكونوا جزءاً من اللعبة السياسية، وأن لا يجلسوا جانبا». واضاف: «أقوم بالتحدث مع الناس على الارض، وهم يقولون كفى، لا أحد ينجح في الدفع قدما بأي شيء. وهناك حزب في السلطة يمكنه التأثير».
وقال أبو بكر إنه من أحد أصحاب الاراضي في قرية العراقيب غير المعترف بها، التي تم تدميرها واخلاؤها عشرات المرات في السنوات الأخيرة. «لا أعتقد أن نتنياهو شخصيا هو المسؤول عن ذلك»، قال. «يوجد ضغط عليه». ايضا في هذا الموضوع هو يرى أن هناك ثمنا للتصويت لمن سيجلس في الائتلاف أو يؤيده. «منذ عشرات السنين نناضل من اجل الحصول على الاعتراف. وطالما أننا في مكانة مراقب أو معارضة تقليدية فهذا لن يساعد»، شرح، واضاف: «هذه المرة سنطالب بتغيير لأننا نريد أن نعيش مثل بني البشر». هنا يصل الى مقولة عامة «يجب أن ندرك بأن كثيرين الآن في المجتمع العربي يقيسون دعمهم بأمور اساسية مثل السكن ومصدر الرزق والامن الشخصي. وفقط اليمين كما يبدو هو الذي ينجح في دفع الامور قدما في الوقت الحالي».
في الوقت الحالي اقوال أبو بكر هذه  لا تقلق بعد أحد رؤساء السلطات المخضرمين في النقب والمطلع على ما يحدث في الاحزاب العربية. كل الخطاب الحالي سيتبخر حتى موعد الانتخابات، قال. «في النقب هم غير ساذجين وهم لن ينسوا من قام بهدم البيوت وعمل على طرد مئات العائلات»، شرح. «بالطبع يوجد هنا وهناك اشخاص سيصوتون لليكود. ولكنني اؤمن بأنه في نهاية المطاف معظم الدعم سيكون للاحزاب العربية». واضاف بأن التحدي الرئيسي ليس منع التصويت للاحزاب الصهيونية، ومنها «الليكود»، بل «نسبة التصويت».
ولكن اهتمام «الليكود» الجديد ليس بالنقب بشكل حصري. نشطاء مخضرمون في الحزب في المجتمع العربي قالوا إن الحملة الايجابية التي يقودها نتنياهو تؤثر حقا في الصورة المطلوبة من جانبهم في هذا المجتمع. ليس فقط تزيد الدعم، بل ايضا تضعف المعارضة. مجدي قاسم، مرشد في «شباب في ضائقة» هو مثال حي على ذلك. حسب قوله، رغم أنه كمؤيد لنتنياهو يعتبر أقلية، إلا أن موقفه يحصل على التفهم أكثر فأكثر. «الناس اليوم هم اكثر براغماتية، وهم يبحثون عن الامور الاساسية»، قال. واضاف: «هم لا تعنيهم المسائل السياسية الكبيرة». ايضا في المسائل الكبيرة توجد بشرى. «الاتفاقات مع الامارات والبحرين والمغرب والسودان»، قال. «هذه امور تتفشى في المجتمع العربي ولا يجب الاستخفاف فيها». وحسب قوله هو بعيد عن أن يشكل الاغلبية، لكن هناك آخرون يتفقون معه وسيصوتون لـ «الليكود». وحتى لو لم يعلنوا ذلك علنا «سواء بسبب خيبة الأمل والاحتجاج على الوضع والنزاعات في القائمة المشتركة، أو بحثا عن حلول واعتقاد بأنه فقط حزب السلطة يمكنه احداث التغيير».
يوسف مقالدة، من معهد ستيتنت (الذي يجري الاستطلاعات في هذا المجتمع)، شرح بأنه حسب النتائج الحالية فان «الليكود» يمكن حتى أن يحصل على مقعدين تقريباً من الجمهور العربي. هذا صحيح، الآن، وليس بالضرورة أن يكون صحيحا يوم الانتخابات. «توجد عدة سيناريوهات تمنح الأحزاب الصهيونية، وعلى رأسها الليكود، حوالي 25 في المئة من اصوات العرب»، قال. ولكنه على الفور أضاف بأن «هذا متغير جدا». وحسب قوله «يعتمد هذا الامر بشكل كبير على سلوك الاحزاب العربية. اذا تنافست أخيرا في قائمتين متنافستين، يمكن أن يخفض هذا الدعم للاحزاب الصهيونية بدرجة كبيرة».
الباحثون في الساحة السياسية ايضا لا يسارعون الى حسم تصويت العرب. مثلا، البروفيسور أمل جمال، من قسم العلوم السياسية في جامعة تل ابيب، قال للصحيفة بأنه رغم كل هذه الضجة، إلا أن التقدير هو أنه سيكون هناك ارتفاع في دعم «الليكود». ولكن ذلك سيكون هامشيا. وهناك ايضا عنصر يجب أخذه في الحسبان؛ حملة الاحزاب العربية، وبالتأكيد «راعم»، التي ستتوجه الى المجموعة السكانية المستهدفة ذاتها من قبل «الليكود»: اشخاص في وضع اقتصادي – اجتماعي منخفض. «هناك تضخيم للقوة المتوقعة لليكود في المجتمع العربي»، واضاف: «الجمهور العربي يعرف نتنياهو جيدا، ويصعب أن يحدث أي تغيير كبير في نماذج التصويت فقط بسبب حملة كهذه أو تلك».

عن «هآرتس»