انتخابات المجلس الوطني و سؤال المليون

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

منذ صدور المراسيم الرئاسية الانتخابية اواسط الشهر الماضي ، وهناك حالة من التفاعل التي بدأت واسعة وايجابية حيوية تبعث على التفاؤل والانفكاك عن الحالة العربية السوداوية التي نظرت الى الانتخابات على انها داء غربي استعماري لا يجب الاقتراب منه او مجاراته ، ناهيك عمن نظر اليه كشر مستطير و رجس من عمل الشيطان. وهناك ما يزال حوالي عشر دول عربية تحكمها أسر وعائلات تباهي بنفسها وبتاريخ مفتعل وايثارية ان الله ولّاها على الشعب – البقية أنظمة جمهورية بالاسم - والاصعب من ذلك ان تجد احزابا وطنية وقومية ودينية واحيانا علمانية ، استكانت لهذا الواقع ودجنت نفسها عشرات السنين لكي تتوافق و تتحالف معها ، واحيانا تدافع عنها ، كما حزب العدالة الاخواني في المغرب ، حتى بعد خطوته التطبيعية الاخيرة مع الكيان الصهيوني .

ومع مرور الايام ، بدأت الحالة الفلسطينية الايجابية بالانحسار والتردد ، خاصة بعد تسرب معلومات عن تحالف "تشارك" الحركتين الكبيرتين الحاكمتين في الضفة والقطاع "فتح" و"حماس" . لكن من بين ما يمكن ان يثير السؤال الكبير، سؤال المليون، لدى الغالبية العظمى من ابناء الشعب الفلسطيني كلما مضينا قدما الى الامام في تنفيذ مضامين المراسيم، هو أمر المرسوم الثالث الذي يتعلق بانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني نهاية آب القادم .

من المعروف بالطبع ان هذه الانتخابات ستكون مخصصة للفلسطينيين في الخارج، فهل نعرف كيف يمكن تنفيذ انتخابات لنحو ثلاثة ملايين لاجيء في الاردن على سبيل المثال؟ او كيف يمكن اجراءها لمثلهم في الشتات العربي والاوروبي والامريكي والافريقي.

إن الاجابة على هذا السؤال ضرب من المستحيل ، حتى لو سمحت حكومات الدول "المضيفة" وتعاونت مع الامر، كيف سيتم تنفيذ انتخابات في يوم واحد في ما لا يقل عن عشرين دولة كل دولة فيها مدن وقرى ومخيمات تعج بالفلسطينيين ، ومن هم المرشحون؟ هل كل تجمع فلسطيني سينتخب ممثلا له من تجمعه وفق النسبة والتناسب، بمعنى ان الاردن يحق لها التمثل بنحو 50%، وعين الحلوة بنحو 15% واليرموك بنحو 10%، ام ستكون قوائم معدة مركزيا وما على الناس الا المصادقة عليها او رفضها؟ ومن اين بلجان انتخابية تشرف على كل هذه التجمعات ، خاصة اذا صدق من قال انها في اوروبا ستجري في مقر السفارات الفلسطينية، آخذين بعين الاعتبار ان هذه الملايين من اللاجئين لم تسهم في انتخابات الرئيس التي ستجري نهاية تموز، ومن هنا طرح البعض تساؤله عن التمثيل الذي سيشكله الرئيس القادم، هل هو رئيس السلطة فقط ام رئيس المنظمة وبالتالي كل الفلسطينيين في كل اماكنهم.

وماذا عن مليوني فلسطيني في الداخل لهم فعلهم النضالي المؤثر اكثر بكثير ممن تطاردهم انظمتهم و تغلق عليهم ابوابهم واحيانا سجونها، لا أحد يتجرأ بادعاء تمثيلهم بمن في ذلك منظمة التحرير والاربعة عشر فصيلا الذاهبة بعد غد لحضور اجتاع القاهرة ؟!