بايدن يعلن سنشن الحرب دبلوماسيا على ايران وميدانيا على حلفائها وعلى رأسهم سوريا وحزب الله

حجم الخط

بسام ابو شريف يكتب

أعلن الرئيس جو بايدن في خطاب قصير البنود العريضة للسياسة الخارجية الاميركية : وجاءت السياسة المعلنة تحت عنوان عودة الولايات المتحدة للدبلوماسية ، واعتبر أن الدبلوماسية هي الطريق لحل الأزمات ، والتوصل لحلول لمشاكل العالم ، وركز بايدن ضمن الخطوط العريضة على منطقة الشرق الأوسط بخطوط أكثر تفصيلية من العريضة .

ومن أهم ما جاء في خطابه بهذا الشأن ، هو قرار الادارة الاميركية بوضع حد للحرب في اليمن ، واللجوء للدبلوماسية لايجاد الحل ، وجاء في موقفه هذا اشارة الى الذين يؤججون الحرب في اليمن ، وذلك باعلان وقف الدعم الاميركي بكافة الأشكال من أجل وقف الحرب وضمن ذلك وقف ارسال شحنات السلاح للسعودية والامارات ، ووقف الدعم الاستخباري واللوجستي مما سيعني خفض قدرة الذين يشنون الحرب الى درجة اضطرارهم لوقفها ، وجاء رد الفعل السعودي فوريا اذ أعلنت السعودية عن رغبتها بحل سياسي شامل ، ورحبت بالتعاون مع حليفتها الادارة الاميركية لتحقيق ذلك ، لكن لم يفصح أحد منهما ” الادارة والسعودية ” ، عما يعني الحل السياسي ، ولاشك أن بذهن الادارة الاميركية ايجاد حل عبر مفاوضات بين من ومن ؟ ، هذا هو السؤال الكبير في ظل قرار ترامب ، الذي أعلنت ادارة بايدن أنها تدرسه ( لترى تأثيره على الأوضاع الانسانية في اليمن ) ، وهو اعتبار أنصار الله حركة ارهابية ….. بقاء هذا القرار سيعني عدم التعامل ، أو التفاوض مع أنصار الله ، لكن بايدن احتفظ بهذه الورقة للضغط ” الدبلوماسي ” ، لاحقا لكن هذا لايقلل أبدا من أهمية القرار الذي اتخذه بايدن ، وهو لاشك قرار يؤثر على صورة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، وجاء رد عمر عبد السلام من اليمن واضحا ، فقد رد على ما طرحته السعودية ، واليمن بالقول : ” ان جدية التوجه لحل سياسي تظهر فقط عندما يتوقف العدوان على اليمن ، وبفك الحصار بشكل كامل وشامل ، فعندها يمكن الحديث عن حل سياسي شامل ” ، وعلينا أن نشير هنا الى الحقيقة التي ثبتتها الأحداث اليومية على أرض اليمن ، وهي أن بريطانيا وفرنسا تذكيان الصراع على الأرض ، وأن الاستعمار الغربي يدفع باتجاه انفصال الجنوب اليمني وصدر عن بعض الذين يروجون لهذا من اليمنيين كلام واضح حول استعدادهم للتطبيع مع اسرائيل ، وهذا كلام يعني سيطرة اسرائيل على باب المندب ، وهذا يعني زرع بذرة تناقض جديد يبقي اليمن في حالة صراع تمده الجهات المتآمرة بالمال ، والسلاح رغم قرار بايدن . ويهم هنا أن نركز الضوء على أن بايدن أعلن عن سياسته هذه بعد اتفاق مع بريطانيا ، وفرنسا ، والمانيا على شراكة العمل لايجاد حل في منطقة الخليج ، وعلى رأس ذلك الاتفاق النووي الايراني ، وبما أن بريطانيا ، وفرنسا تزودان العصابات ، ومن يرعاها في اليمن بالسلاح والذخيرة ، فسيكون لهما دور في تعقيد ، واحباط أي محاولة للتوصل لاتفاق مع أنصار الله ، وهذا يجعل من أهمية انهاء جيب مأرب بأسرع وقت خطوة هامة جدا ، وكذلك العمل السريع في جنوب اليمن لدعم القوى الرافضة للانفصال ، والمعادية للمحتل .

وعلى صعيد آخر ” ومرتبط في الوقت ذاته ” ، أعلن بايدن عن تأييده لاتفاقيات التطبيع ” التي يمكن أن يبنى عليها الكثير ” وأثر بذلك خطة ترامب في هذا المجال ، لكنه أضاف انه لايعني التخلي عن مفاوضات الحل السياسي بين الفلسطينيين ، واسرائيل ، وانه يؤيد حل الدولتين هذا يعني أن الاتصال قد تم مع السلطة الفلسطينية ( اشتيه أعلن عن عودة العلاقات جون تفسير ) وهذا يعني أن ادارة بايدن سوف تستند لاتفاق اوسلو ، أو ماتبقى منه بعد الخروقات الاسرائيلية  كأساس ، وهذا يتعارض مع ما أقره الأمناء العامون الفلسطينيون في قمتهم التي أسست لاجراء انتخابات قريبة … اسرائيل لم تعلق على هذا الموقف ، وذلك لأنها تعتبر أن هذا الأمر غير ممكن ، وأن اتفاق اوسلو انتهى كما سبق أن قال نتنياهو ، وهي تعتبر ضم الضفة الغربية أمرا ثابتا ، وان تأجل اعلانه أثناء أزمة ترامب .

وعن الاتفاق النووي مع ايران أعلن بايدن عما سبق أن أعلنه أكثر من مسؤول اميركي من أن ادارته بمن فيهم وزير الخارجية ( اذا عادت ايران لتنفيذ الاتفاق …. نعود ) ، وجاء الرد الايراني ( أنتم الذين خرجتم وفرضتم عقوبات وحصار … عودوا وارفعوا الحصار والغوا العقوبات نبدأ بالتفاوض ) ، لكن اعلان بايدن يؤكد ، ويثبت رفض الادارة الآن استخدام القوة ضد ايران ، لكن علينا أن ننتبه لخبث الادارة هذه – فقد أعلنت الادارة عبر أكثر من مسؤول أن بين ايران وصنع القنبلة النووية مسافة سبعة أسابيع ، فيما أعلن مسؤول اسرائيلي أن المسافة هي ستة أشهر ، وهذه اشارة للسباق مع الزمن ، وتحذير في الوقت ذاته لايران بأن الوقت ضيق ، واضطر بايدن بسبب اعلان موسكو بأن وجود القوات الاميركية في سوريا غير شرعي اضطر للكذب على طريقة هيلاري كلينتون بالادعاء بأنهم هناك لمحاربة داعش وتناسى أن ترامب أعلن انتصاره على داعش ، وانتهاء المهمة ، ولم يشر الى التعزيزات الراهنة ، ولعب ورقة قسد ، وحملات التهجير والقتل التي تمارس ضد السوريين في الحسكة ودير الزور ، ونهب الثروة النفطية السورية ، وهذا يدل على أن منهج هذه الادارة ، هو شن الحرب ميدانيا على حلفاء ايران للضغط على ايران بينما تعلن أنها مع الدبلوماسية لحل الأزمة مع ايران .

خطط اسرائيلية وتهديد وقلق : –

لم يسيطر القلق على وضع اسرائيل الأمني في يوم من الأيام كما يسيطر عليه الآن اذ رغم تأييد ادارة بايدن لاسرائيل تأييدا كليا لابد من ملاحظة فارق بين سياسات ترامب ، وسياسات بايدن ، التي كلف انتوني بلينكن بتنفيذها ( وهو معروف بدعمه المطلق ، وولائه المطلق لاسرائيل ) ، وزير خارجية بايدن الجديد حدد معالم السياسة تجاه ” صفقة قرن ترامب نفسه ”  ( نحن نؤيد اتفاق ابراهام لتطبيع علاقة اسرائيل مع دول عربية ، وأعتقد أنه يمكن أن نبني عليها ) ، وهذا يعني الموافقة الكاملة من ادارة بايدن على جوهر صفقة القرن ، وهو (اقامة حلف اسرائيلي عربي لمواجهة أي خطر يتهدد مصالح الولايات المتحدة ، والدول الدائرة في فلكها ، وتعتبر ايران خطرا من الأخطار ، وكذلك ماتسميه الادارة الاميركية بالتنظيمات الموالية لايران ) ، وهذا يعني الغاء أنصار الله في اليمن ، والحشد الشعبي في العراق ، وسوريا وجيشها ، والعراق وجيشه ، وحزب الله ، وفصائل المقاومة الفلسطينية ، ويقول وزير الخارجية الاميركي ان تأييدنا لاتفاق ابراهيم لايعني أننا تخلينا عن حل الدولتين ، ويجب العودة للتفاوض بين اسرائيل وم ت ف ، ويعني اتفاق اوسلو ، الذي وقعته الولايات المتحدة مع اسرائيل والمنظمة في واشنطن !! .

يأتي هذا في اطار عام لحشد القوى ، ووضع الخطط لتوجيه ضربات لايران ان هي لم ترضخ لشروط اميركا للعودة للاتفاق النووي ، وتمارس ادارة بايدن في هذا الاطار اللعب الخبيث ، أي أنها تشن حربا ميدانية ضد ايران ، ولكن ليس في ايران ، وتصرح بكلام معسول حول بحثها بالتفاوض مع طهران ، وهذه الحرب في كافة الميادين تعتبر عوامل ضغط على يران كي ترضخ وتوافق على التفاوض كل هذا يتم تحت العنوان الهام الذي أعلنه وزير الخارجية الاميركي : ” ان عادت ايران للالتزام بالاتفاقية النووية سنعود اليها ” ، اللعبة واضحة فواشنطن ، هي التي خرجت من الاتفاق ، ومارست كل أنواع الحصار والعقوبات ، وشنت حرب تجويع ، ومنع للدواء عن ايران ، وتريد من ايران أن تعود للالتزام بالاتفاق ، والرد الايراني واضح : ارفعوا العقوبات لأنها سبب المشاكل نعود للالتزام ….. نلخص بهذا مئات الرسائل العلنية والسرية ، والواسطات الممتدة من قطر الى سويسرا لكي نشير هنا الى أن ادارة بايدن تتصرف حسبما رسمت هي ، وليس اسرائيل ” وان لم يختلف الطرفان على الأهداف ” ، وكما ذكرنا تشن ادارة بايدن حربا ضد سوريا ، والعراق ، واليمن ، ولبنان وفلسطين لتشكيل عامل ضغط كبير على ايران ، وهذه الحروب بمسارها التصعيدي تستخدم بها اميركا الأكراد ” برازاني وقسد ” ، واسرائيل ، وبقايا داعش ، وأكثر من 40 الف مجند دربتهم في قاعدة التنف ، وتدفع رواتبهم لابقاء سوريا بحالة استنزاف وضعف ، وتعلن عن مواقف تبدو ظاهريا مغايرة لسياسات ، ومواقف ترامب .

الموقف الاسرائيلي : –

يتابع نتنياهو اجتماعاته المكثفة مع وزير الدفاع غاتس ، ورئيس الأركان كوخافي لبحث الخيارات في عمليات ضرب قدرات ايران النووية ، وعبر أكثر من مسؤول ” بطلب من نتنياهو ” ، عن وجهة النظرالاسرائيلية بالقول : ( اذا كانت الادارة الاميركية لاتريد أن تضرب هي المنشآت النووية الايرانية لمنعها من الحصول على سلاح نووي ، فان اسرائيل ستفعل ذلك لأنها تدافع عن أمنها ) ، وأثار تصريح لوزير الدفاع جدلا لأن ما قاله يمكن أن تستخدمه ايران لتبرير نشاطها النووي ، لكن نتنياهو ، هوالذي اختصر زيارته للخليج من ثلاثة أيام الى ثلاث ساعات يريد أن يستكمل الخيارات ليقدمها يوسي كوهين خلال زيارته المقررة الى واشنطن لمستشار الأمن القومي ، وللبنتاغون ، والمخابرات ” وربما لبايدن مباشرة ” ، ويحاول نتنياهو الآن أن يؤمن الموازنة اللازمة للعملية الضخمة اذا ما رفضت واشنطن خططه ، وهذا يعني رفض التمويل ( وسوف يبحث نتنياهو تمويل الخطة من قبل الامارات والسعودية حلفاء اسرائيل ) ، تحدد الادارة الاميركية أن ايران يمكن أن تنتج سلاحا نوويا خلال سبعة أسابيع بينما يقدر الاسرائيليون المدة بسبعة أشهر ، وهدف الجهتين من هذا الاعلان ” المضحك ” ، هو اتهام طهران أن الوقت ضيق ، وهذا نوع من الضغط والتهديد رافق ذلك اعلان من البنتاغون عن سحب حاملة الطائرات ، والتأكيد بأنهم لن يرسلوا حاملة طائرات اخرى مكانها ، وهذه هي أيضا رسالة لايران بأن واشنطن لاتنوي شن حرب على ايران ، ولم يأت البنتاغون على ذكر وجود ب52 في المنطقة .

جدير بالملاحظة ، والحساب هنا أن ادارة بايدن تتحرك بتنسيق كامل مع بريطانيا ، وفرنسا والمانيا تحاشيا لخلاف ساد علاقات ترامب بهذه الدول ، وتم الاتفاق أن تقوم بريطانيا بالتصعيد في اليمن ، واستخدام مشروع ” انفصال اليمن الجنوبي ” ، واقامة دولة منفصلة مستقلة في جنوب اليمن ، وهذا تهديد خطير ، وكما بدأ يصدر عن الانفصاليين اعلانات عن استعداد الدولة الجديدة اذا أقيمت أن تطبع مع اسرائيل ؟! وهذا يعني تمكين اسرائيل رسميا من باب المندب على يد نظام تسعى بريطانيا ، والامارات لاقامته بالجنوب .

من غير المعقول أو المقبول أن تبقى قوى المقاومة في موقع الضعف ، والأمر الذي لم يستوعبه البعض بعد أن مثل هذه الخطط الاسرائيلية – الحروب الكبيرة يمكن ” فركشتها ”  بشن عشرات العمليات المقاومة الصغيرة ، فالداخل الاسرائيلي هو موقع الضعف كذلك ، فان موسكو تخطئ كثيرا ان هي لم تقدم على المرحلة الثالثة بتحجيم تأثير نفوذ المليارديرية الصهاينة من يهود روسيا ، الذين نجحوا حتى الآن في منع روسيا من اتخاذ قرارات حاسمة ، هل تحتاج موسكو الى عملية اسرائيلية ضد حميميم لتتخلص من نفوذ المافيا اليهودية في موسكو ، استمرار نفوذ المافيا ، هو طريق واشنطن ، وجزء منه وعنوان له العميل نافالني الذي يمول بالكاش ، وليس التحويلات من قبل المافيا الصهيونية …. لقد آن الأوان للدب الروسي أن يبدأ بتحطيم العنصرية العدوانية ، ومرتكبي الجرائم ضد الانسانية .

 * كاتب وسياسي فلسطيني .