تستعد طائرة "سولار امبلس 2" الشمسية للانطلاق غدًا من إمارة أبو ظبي في رحلتها التاريخية المنتظرة حول العالم دون استخدام قطرة وقود واحدة في محاولة غير مضمونة يؤمل أن تمهد الطريق أمام تعزيز استخدام التقنيات النظيفة.
وأرجأ انطلاق الطائرة -تتسع شخصا واحدًا- الذي كان متوقعا أمس بعد أسابيع من الرحلات التجريبية التي أجريت عليها بسبب الرياح القوية التي تهب على منطقة الخليج، وستستغرق رحلتها خمسة أشهر وتشمل 12 محطة، قبل عودتها إلى أبوظبي.
وتدعم حكومة أبو ظبي وشركة مصدر التابعة لها والمتخصصة في الطاقات المتجددة هذا المشروع الذي ولدت فكرته قبل 12 عامًا في سويسرا، وبات يختزل اليوم أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال الطاقة الشمسية والطيران.
وذكر الطيار أن "هذه المنطقة من العالم ومن الشرق الأوسط تعد أفضل مكان للانطلاق في هذه الرحلة، إذ إنها تسمح لنا بالتحليق فوق الهند والصين في فترة مبكرة (لتجنب موسم الأمطار)، وبالعودة خلال الصيف في ظل طقس جيد نسبيًا".
وسينطلق الطياران السويسريان برتران بيكار وروجيه بورشبيرغ، اللذان سيقودان الطائرة بالتناوب بين محطة وأخرى، في مغامرتهما في وقت ينتظر فيه العالم التوصل إلى اتفاق دولي للحد من الانبعاثات الكربونية نهاية هذا العام في باريس.
ويريد الطياران اللذان يقودان المشروع منذ سنوات، إثبات قدرة البشرية على تقليص استهلاك الطاقة إلى النصف، وتأمين النصف المتبقي من مصادر متجددة، بفضل تقنيات متوافرة اليوم، ويستخدمانها في مشروعهما المشترك (سولار إمبلس 2).
وستجتاز الطائرة في رحلتها حول العالم مسافة 35 ألف كيلومتر خلال خمسة أشهر أما أيام التحليق الفعلي المتوقعة فهي 25 يومًا. وستحلق على ارتفاع 8500 متر حدًا أقصى.
وبعد أبو ظبي ستتوقف الطائرة في سلطنة عُمان ثم في أحمد آباد وفاراناسي في الهند، ثم في ماندالاي في بورما، ثم في شنونغ كينغ ونان جينغ في الصين.
وبعد الصين، تتجه الطائرة عبر المحيط الهادئ إلى هاواي، من ثم إلى ثلاثة مواقع في الولايات المتحدة، بما في ذلك مدينتا فينكس ونيويورك، إذ ستكون لها وقفة رمزية في مطار (جي إف كي).
وبعد ذلك تعبر الطائرة المحيط الأطلسي في رحلة تاريخية أخرى، قبل أن تتوقف في جنوب أوروبا أو شمال إفريقيا، بحسب المعطيات المناخية، ثم تعود إلى أبو ظبي.
وتسير الطائرة بسرعة متوسطة تناهز 100 كيلومتر في الساعة، وهي على الرغم من أجنحتها العملاقة بطول 72.3 متراً، التي يتجاوز طولها طول أجنحة طائرة بوينغ 747، فهي لا تحمل إلا طياراً واحداً، ولا يزيد وزن مقصورتها على وزن سيارة، لذا سيتناوب بيكار وبورشبيرغ على قيادتها في كل محطة.
وستكون أطول الرحلات فوق المحيطين الهادئ والأطلسي، وسيتعين على الطيارين اختبار حدود قدرة الإنسان على العيش في مساحة صغيرة نسبيًا فترة طويلة تصل إلى أسبوع.
وقال بيكار: «نحن مستعدون جسدياً، واندريه يستعد من خلال اليوغا، ومن خلال التنويم المغناطيسي الذاتي»، الذي يسمح له بأن يغط في سبات قصير نسبياً، يترك لديه شعوراً بأنه غفا فترة طويلة. وأضاف: «الطيران بالطاقة الشمسية حول العالم أمر يعد مستحيلاً حتى الآن، فلم يقم أحد بذلك من قبل. إنها محاولة تاريخية، وهي صعبة جداً جداً، ومملوءة بالتحديات».
وفي كل الأحوال لن يكون بيكار وبورشبيرغ لوحدهما في الهواء، بل سيواكبهما فريق ضخم من 130 شخصاً يعملون على مدار الساعة.
وقال بيكار: "هناك 65 شخصاً سيسافرون معنا (في طائرة عادية) طوال الرحلة، و65 آخرون في مركز القيادة في موناكو، إذ يتمركز خبراء الطقس والمهندسون الذين سيجرون تجارب المحاكاة على المسارات، ويساعدوننا عندما نكون في الجو".