بقلم: سميح خلف

محمود عباس ودحلان والبرغوثي ومستقبل النظام السياسي

سميح خلف
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

فيما يسمى المؤتمر السابع لحركة فتح كان من الاستحقاق لمروان البرغوثي ان يكون امينا لسر اللجنة المركزية لحركة فتح و ربما الظروف والمناخات التي دفعت بمروان البرغوثي ان يقبل بمجرد مهمة عضو لجنة مركزية قد تختلف الان في ظل المخاض الذي تمر فيه حركة فتح و حالة الهيستيريا المصاب بها فريق محمود عباس و مركزيته و خاصة ان هناك دوافع ليست محلية كاستحقاق وطني لانتخابات رئاسية و تشريعية و مجلس وطني بل هناك تحول في مناخات الاقليم الامنية و السياسية و علاقتها ايضا بالاقتصاد العالمي و عودة السياسة الامريكية الى عهدها السابق في ادارة امريكا من قبل الديمقراطيين بقيادة المحنك وصاحب المدرسة العتيقة في المؤسسة الامريكية و التي قد تختلف نسبيا ايضا عن سياسة سابقه اوياما و هذا التحول ليس ناتج عن خلاف في الرؤية الداخلية و الخارجية لبايدن عن سابقه بل هو التعامل مع نتائج سياسة اوباما السابقة في الربيع العربي و لملمة المؤثرات و التأثيرات التي احدثتها سياسة ترامب على المستوى الداخلي الامريكي و على افق السياسة الامريكية في عدة محاور في العالم و هنا نذكر الشرق الاوسط و القضية الفلسطينية و الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الذي حدث فيه تغير نسبي في هذا التعريف في اجتماع وزراء الخارجية العرب السابق حين عبر البيان الختامي لهذا الاجتماع بأن قضية فلسطين قضية العرب الاولى و من هنا قضية التطبيع التي ضغط بها ترامب على العرب لن تكون في المرتبة الاولى في عهد بايدن لحسابات دقيقة لدى سياسة الادارة الامريكية الجديدة رغم حسم موقفها كحزب ديموقراطي او دولة عميقة امريكية بأنها متحيزة لأمن اسرائيل ولكن الديموقراطيين ايضا ليسوا بصدد ان يضعوا كل اوراقهم كترامب في سلة اليمين المتطرف الاسرائيلي وناتنياهو و لكن عم متعهدين ايضا بمبادرة بوش بحل الدولتين بدولة فلسطينية قابلة للحياة و هنا الخلاف بين ذات سيادة و قابلة للحياة اي الامن و الاقتصاد لدولة فلسطين و حدود متفق عليها مع الاسرائيليين فمازالت قصة الدولة الفلسطينية تخرج عن سياق حدود الرابع من حزيران بخصوص الاستيطان و الحدود الجغرافيه و سيادة الاجواء لتلك الدولة و في سياسة بايدن متروك للتفاوض المباشر مع الاسرائيليين بالاضافة الى قضية اللاجئين و المياه و العلاقة الاقتصادية مع الاحتلال بالطبع في القانون الدولي اصبح حل الدولتين هو الذي تتبناه الامم المتحدة و تتبنى ايضا المبادرة العربية التي قد توقف مسيرة التطبيع العلني لحين الوصول لحل مباشر بين الفلسطينيين و الاسرائيليين و بضغط عربي او كما هو معروض الان بمؤتمر دولي قد تشجعه الادارة الامريكية الجديدة في حين تم التوافق مع الاقطاب المؤثرة في العالم كالرباعية الدولية .

اردت من هذه المقدمة ان اضع المنظور السياسي لتصور الادارة الامريكية للنظام السياسي القادم في حين كان واضحا للادارة الامريكية في عهد اوباما بتصريح وزير خارجيته جون كيري وهو تصريح مهم جدا يعبر عن انزعاج الادارة الامريكية من قيادة ناتنياهو لاسرائيل وقيادة عباس لمنظمة التحرير و السلطة و حركة فتح حين قال "لكي نصل للسلام في منطقة الشرق الاوسط يجب التخلص من اثنين " يقصد ناتنياهو و محمود عباس .

اذا سنضع بعض النقاط لنقيم و نستقرئ ماهية النظام السياسي الجديد للسلطة الفلسطينية و منظمة التحرير على ضوء المؤثر الخارجي على القضية الفلسطينية و ليس الداخلي و باعتبار ان المؤثر الخارجي هو الذي يمتلك غالبية عناصر التغيير في الساحة الفلسطينية وليست الارادة الشعبية فقط او المواقف النضالية التي قد يتمتع بها كثير من الكوادر و القيادات مثل مروان البرغوثي و محمد دحلان و اخرين ايضا هذا اذا اعتبرنا ان قضية الكفاح المسلح اصبحت في الزمن الذي مضى و الان الجميع ملتزم ببرنامج منظمةالتحرير الذي افرز اوسلو بخطوطها و التزام الحركة الوطنية بمعطيات الواقع للاحتلال و متطلبات اوسلو و الخطاب السياسي الاقليمي و الدولي .

لقد عجز الفلسطينيون عن تنفيذ قرارات المركزي والانسحاب من اوسلو هذا العجز الذي مثله قيادة محمود عباس للسلطة و منظمة التحرير فلا يمكن ان تنتهي مؤثرات اوسلو و نتائجها على الارض و التزاماتها و المتغيرات الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية على العقلية الفلسطينية الا بحدث كبير ينسف ما مضى من نظام سياسي يكون معبئ له توعاويا و ثقافيا و تقبل كافة التضحيات المرافقة لذلك ... و هذا غير متوفر الان في حالة الشعب الفلسطيني لعدة اعتبارات اوجزها بسياسة السلطة وثقافة الانقسام و نوعية القيادة الفلسطينية و الحالة الاقتصادية كسياسة ممنهجة اتبعتها السلطة تجاه الضفة وغزة وفلسطينيي الخارج طبعا بالاضافة الى سياسة الاحتلال المهم الان بأن الحركة الوطنية و الاسلامية التي لحقت بخطها اصبحت على قناعة بأنها لن تخرج من طوق اوسلو ويجب التعامل معها ومع منتجاتها و اطروحاتها لمستقبل النظام السياسي الفلسطيني الذي اتى بضغوط دولية واقليمية على واقع الانقسام في الضفة وغزة كمطلب دولي و تحضير اقليمي لمرحلة السياسة الامريكية في المنطقة و نظرتها للصراع و من خلال طرح تجديد النظام السياسي و شرعيته من خلال انتخابات رئاسية وتشريعية و مجلس وطني ليست بالتزامن كما وافقت عليها حماس و الصائل الاخرى لا نريد ان نخوض هنا في عدة نقاط خلافيه بين طرح فتح السلطة و طرح حماس بخصوص القضاء و محكمة الانتخابات و الاشراف عليها الذي اعتقد ستذوب تلك الخلافات امام الرسائل المتعددة الاتية من الاقليم و من امريكا واوروبا حول افق و ماهية والتزامات النظام السياسي القادم و من هم القيادات و الاشخاص الذين يمكن ان يلتزموا او ينضبطوا لتلك المعايير المطروحة فنحن لا نمتلك 10% من القرار المستقل بخصوص ذلك اما الرسالة التي اخذها حسين الشيخ للبرغوثي فهي ايضا ليست من نتاج عقلية ابو مازن او رجوب و من حوله بل هو تصور لغة الاقليم بخصوص نوعية القيادات و مهماتها و اماكنها من خلال العملية الانتخابية فإسرائيل تلعب دورا كبيرا فلا اعتقد ان هناك تباعد بين نهج في الضفة الغربية مع مراكز قو اسرائيلية مؤثرة فالساحة الفلسطينية متشعبة في مراكز القوى متعددة اقليمية و دولية و ما طرح على مروان البرغوثي برئاسة فتح او امين سر لفتح او على رأس قائمة فتح و رد مروان البرغوثي عليه بشروط الاختيار في المركزية والقائمة لن يوافق عليها محمود عباس و مراكز قوى في الضفة الغربية مثل رجوب و حسين الشيخ و غيره من الجغرافيين فهذا يعني تفريغهم من نهجهم الذي عملوا عليه منذ عقود و له بعد عشائري و قبلي و اعتقد لو وافق الرئيس على هذا الشرط فأعتقد ان هناك هناك ستكون وحدة تنظيمية و ميدانية لحركة فتح بكل تياراتها سواءا التيار الاصلاحي بقيادة محمد دحلان او التيارات الاخرى صاحبة فكر الكفاح المسلح فهم يعتبرون مروان البرغوثي ايضا و ان كان ملتزما مع عرفات بأوسلو فإنه تمرد عليها مع عرفات بنظرية المقاومة والكفاح المسلح ، ولكن ايضا مروان البرغوثي يرى في نفسه ما يرى كثر بأنه قائد شعبي و ليس تنظيمي فقط و هو يطمح في رئاسة السلطة وربما منظمة التحرير اذا و ان كان سيحتدم الصراع بين نهج عباس و نهج البرغوثي المدعوم من التيار الاصلاحي وهو قاعدة عريضة ولديه امكانيات و يمتلك قائده خبره واسعة في المجال الاقليمي والدولي والامكانيات فإن هذا التيار سينفي فكرة ان البرغوثي معزول عن الواقع الفلسطيني و قد تكون الشراكة هي الواقع المستقبلي لحركة فتح بين البرغوثي ومحمد دحلان و الاهم ليس رئاسة السلطة و التشريعي بل المعركة الاهم معركة المجلس الوطني و رئاسة منظمة التحرير والتنفيذية المعترف بها دوليا و التي هي بمقدورها قانونيا ان تتعامل مع القانون الدولي والمجتمع الدولي واطروحات السلام والتوقيع عليها بما فيها الخيارات الاخرى ايضا اي المقاومة بكافة اشكالها ولكن كل هذه الرؤية ايضا بمد نجاح التحالفات في الانتخابات القادمة يتوقف على مد استجابة مروان البرغوثي و التيار الاصلاحي والتيارات الاخرى للخطاب الدولي والاقليمي بما فيها ايضا المناورة و المراوغة على متطلبات الاحتلال وهنا تكمن المشكلة ولكن اريد ان انبه هنا ان المنافسة و المعركة ليست سهلة هذا اذا تحالفت التيارات الاسلامية مع نهج فتح السلطة او محمود عباس فحماس ايضا ترى معركتها ايضا ليست في التشريعي والرئاسية للسلطة التي يمكن ان تتركها لنهج محمود عباس و لكن هي تريد ان تكون مقررة في رئاسة منظمة التحرير بعد ان قامت بعدة تنازلات سياسية وامنية نحو قبول حل الدولة الواحدة والتعامل مع واقع اوسلو اذا المعركة ليست سهلة والخطوط ليست واضحة وربما هناك ما هو سري فيها من خطابات موجهة من الاقليم سواءا لعباس او للتيار الاصلاحي التي فشلت محاولات الاردن ومصر في انهاء انقسام حركة فتح بين عباس و التيار الاصلاحي و في النهاية ان كان مروان البرغوثي سينزل بقائمة مستقلة في التشريعي و التيار الاصلاحي بقائمة او بقائمة موحدة فالجمهور ايضا و المنتخب ليس هو المقرر الوحيد في الصعود للنظام السياسي و تجربة مانديلا بخصوص البرغوثي لكي يخرج من السجون ويذهب لقيادة جنوب افريقيا بحركة شعبية قد يتوفر بعض منها في مروان ولكن الافراج عنه وهبوط طائرته في عاصمة جنوب افريقيا كان بتوافق دولي . وللنتظر