بقلم: عميره هاس آباء الجنود الذين قتلوا هديل الهشلمون، وهي ملقاة ومصابة، غير قلقين: لا توجد قوة عسكرية ستدهم بيوتهم في ساعات الصباح الباكر وتقوم بإخراج الزوجة والأولاد الصغار الخائفين وتقوم بقياس كل غرفة استعداداً لتفجير البيت. وجبات السبت المسائية تستمر لديهم بكل راحة، والحياة الاعتيادية لهذه العائلات العادية ستستمر كالعادة. كشف تحقيق الجيش أن الجنود الذين قتلوا الهشلمون في 22 أيلول، وهي تعبر حاجز الدخول إلى البلدة القديمة في الخليل، كان يمكنهم إيقاف الشابة دون قتلها. منظمات حقوق الإنسان وصحافيون توصلوا إلى هذا الاستنتاج قبل ذلك بكثير. جنديان على الأقل أطلقا النار من مسافة مترين إلى أربعة أمتار، ثلاث رصاصات أصابت قدميها، إضافة إلى سبع رصاصات في الجزء العلوي من جسمها، وقد سقطت على الأرض بعد الطلقات الأولى، لكن جنودنا استمروا في إطلاق النار عليها. يشير الإسرائيليون إلى مقتل الزوجين هنكن كبداية لموجة الأحداث في تشرين الأول 2015. بالنسبة للفلسطينيين فان مقتل الهشلمون يشكل علامة فارقة، بعد سنوات كثيرة من غياب الأمن والخوف من آلاف المسلحين الإسرائيليين (جنودا ومستوطنين) الذين يوجدون بينهم، ويشوشون حياتهم طول الوقت. التغاضي الإسرائيلي عن إلحاق الضرر الدائم بأمن الفلسطينيين الشخصي وقتلاهم المدنيين يفسر التصعيد، وهذا مثال آخر على صعوبة حياتهم. «بتسيلم»، التي استندت إلى شاهد عيان فلسطيني كان قد اقترب منها، قال إن الهشلمون (محجبة) حملت سكينا، لكن هذا لا يعني اكتشافا صاخبا. لكن الهشلمون لم تطعن أي جندي (خلافا للانطباع الذي صدر في التقارير الأولية بعد قتلها)، وهي لم تقترب بما يكفي لتدغدغ السكين البندقية. وحينما نامت على الأرض كان يمكن اعتقالها، لكن الجنود أطلقوا النار عليها مرة تلو الأخرى. ليس مفاجئا أن الجيش لا ينوي اتخاذ أي إجراء ضد الجنود الذين لم يكن يفترض أن يقتلوها حسب التحقيق. كانت هذه هي الحادثة الأولى التي يواجهونها، وقد شعروا بوجود خطر على حياتهم. بحق الجحيم، أي تدريبات عسكرية يتلقاها الجنود حيث إن سكيناً بيد فتاة على بعد بضعة أمتار تخيفهم إلى هذا الحد؟ (الجواب: أربعة أشهر من التدريب وشهران من التدريب المتقدم، يقول أحد الجنود في جفعاتي). وكم من الفلسطينيين مسموح للجندي أن يقتل حتى يتحرر من «الشعور بالخطر على حياته» ويبدأ في فهم قوته القاتلة والمرعبة؟. إن تفسير «الحادثة الأولى» هو مبرر ضعيف يهدف إلى إخفاء حقيقة أن جنوداً آخرين عملوا مثل جنود «تسبار» في الشهر الأخير، حيث قتلوا بدل أن يعتقلوا. اتخاذ إجراءات عقابية ضدهم كان سيعني معاقبة جنود آخرين شعروا بالخطر على حياتهم وقتلوا بكل سهولة. هل تذكرون سمحا حوديد طوف اليهودي الذي قتله الجنود في 22 تشرين الأول وهو يخرج من الحافلة؟ ألم يكن قتله برهانا على انتصار الذاتية الجندية المقدسة لدينا، بناء على قدسية الحياة؟. الحقيقة هي أن الجيش الإسرائيلي يسمح لجنوده أن يكونوا الادعاء والشهود والقادة ومنفذي الإعدام ضد كل فلسطيني – وتنفيذ حكم الإعدام فورا. هذا ليس جديدا، وهو تفسير آخر للاختيار اليائس لأفراد فلسطينيين بأن يخرجوا لتنفيذ الطعن ضد المواطنين الإسرائيليين ومن ضمنهم المسنون. عن «هآرتس»