الاستيطان يقرّر مستقبل الجولان

حجم الخط

بقلم: نداف شرغاي

 

 


أثار وزير الخارجية الأميركي، انتوني بلينكن، قلق الكثيرين؛ إذ ألمح قبل بضعة أيام إلى أن مسألة السيادة الإسرائيلية على الجولان لا تزال مفتوحة، ولكن الحقيقة هي أن بلينكن صنع معنا معروفا كبيرا حين وضع مرآة أمامنا. دون أن يقول هذا صراحة، كشف بلينكن البطن الطرية لإسرائيل في الجولان: الاستيطان الأقل هناك.
ان مستقبل الجولان، الذي يحتسب بلينكن قيمته الامنية لنا فقط، لن يحسم بالمواثيق وبالبيانات السياسية لرؤساء متعاطفين كترامب، ولا بتصريحات متحفظة لوزراء خارجية أميركيين من مدرسة اوباما وبايدن. مثلما في القدس وفي اجزاء من «المناطق»، هناك سيحسم الصراع بفضل كتلة الاستيطان اليهودي، في الجولان ايضا – الاستيطان هو الذي سيصنع الفرق وليس الكلام. غير ان حكومات إسرائيل على اجيالها، بما فيها حكومات نتنياهو، أهملت الفعل الاستيطاني هناك.
الجولان، الذي استوطن فيه اليهود منذ الأزل، وليس فيه اي مشكلة ديمغرافية وضروري جدا لأمن الدولة، بقي هزيلا للسكان اليهود، واصبح تفويتا لفرصة استيطانية وصهيونية.
على مدى 53 سنة غرسنا فيه فقط 25 الف يهودي، «حصاد» استيطاني هزيل بشكل محزن. اقل من 10 في المئة مما في مناطق القدس «المحررة»؛ أقل من 5 في المئة مما في اقاليم «يهودا» و»السامرة».
في غوش بنيامين فقط يعيش اليوم عدد من السكان اليهود اكبر باربعة اضعاف مما يوجد في الجولان، وفي غوش ارئيل الكنا – ثلاثة اضعاف. حتى لو شبهنا وتيرة النمو السكانية في الجولان بوتيرة النمو في مدن المحيط في إسرائيل، يبرز الفرق الى العيان. في الفترة الزمنية التي وطنت فيها إسرائيل في الجولان 25 الف نسمة، فان مدنا كنهاريا وكريات غات نمت كل منهما بنحو 23 الف نسمة. وفي مدينة ايلات نما السكان بنحو 40 الف نسمة.
الجولان، على الاستيطان الفاخر ولكن الضيق الذي فيه، أصبح جزءا من الحاضر الإسرائيلي ولا سيما بسبب مشاهده، مشاريع السياحة والزراعة التي فيه وبالطبع التاريخ اليهودي واهميته الامنية.
جذور الوعي لدينا هناك ليست مزحة. فالكثيرون يرون في الجولان جزءا من تكوينهم الإسرائيلي، ولكن طالما لم يزرع فيه استيطان مكثف بمئات آلاف السكان، استيطان يشطب عن جدول الاعمال كل حديث عن تسليمه في المستقبل لسورية، سيأتي في المستقبل سياسيون أجانب آخرون ليشرحوا لنا ما شرحه لنا بلينكن قبل بضعة ايام: في هذه اللحظة الجولان ليست على جدول الاعمال، ولكن في المستقبل، عندما يتغير الوضع في سورية، سيتعين عليكم العودة للحديث مع السوريين على مستقبل الجولان.
توجد لنا في الجولان جذور تاريخية فاخرة. وهي نوجد في مخلفات البطولة والممالك اليهودية، من عهد داهود عبر عهد البيت الثاني، معركة البطولة في جملا وفي فترة التلمود. كما ان تاريخه في الاجيال الاخيرة يعمل في صالحنا: فالجولان سلم للانتداب الفرنسي وفقا لاتفاق التقسيم الاستعماري وسورية التي اصبحت مستقلة فقط في 1946.
ان الدكتاتوريين من دمشق جعلوه خشبة قفز في محاولاتهم لاحتلال وتصفية إسرائيل. قصفوا البلدات الإسرائيلية على طول الحدود، ومسوا بصيادي بحيرة طبريا، وحاولوا تحويل مياهها وحولوا حياة الإسرائيليين في سفوح الجولان الى جحيم على نمط غلاف غزة. في حرب «الأيام الستة» احتل الجولان في حرب وقائية عادلة، وضمه بيغن في 1981. فشلنا عندما لم نتمكن من ان نخلق هناك كتلة استيطانية لا مرد لها. لم يفت الأوان بعد.

عن «إسرائيل اليوم»