أيها الفلسطينيون؛ ركّزوا على أسماء هؤلاء لتقديمها إلى محكمة لاهاي

حجم الخط

بقلم: عميره هاس


توجد بصمات أصابعهم على كل سنتيمتر مربع، كما أن خبرتهم ومهنيتهم توجد في كل انعطافة شارع. هؤلاء المخططون والمهندسون المعماريون والمقاولون يشكّلون الضفة الغربية كمنطقة إسرائيلية – يهودية: فيلا في رمات هشارون، برج وسور، حي سفيون، مزرعة رعاة أبقار على نمط الغرب المتوحش، أحياء على نمط نيوجيرسي وأسقف سويسرية. أسعار فاخرة تناسب فقط اليهود. على أراض فلسطينية وعلى حساب حرية الاختيار والتطور ومستقبل الفلسطينيين.
المخططون والمقاولون الإسرائيليون هم الرابحون الاوائل من سرقة الأراضي وسرقة المياه التي تنفذها سلطات إسرائيلية مختلفة، يقوم بتبييضها رجال قانون وقضاة. نصيحتي للفلسطينيين: ركزوا عليهم، قدموا لمحكمة الجنايات الدولية أسماءهم الصريحة وقائمة جرائمهم (المزعومة كما يبدو).
التخطيط الإسرائيلي بعيد النظر حوّل القرى وخيام الرعاة الفلسطينيين الى ديكور بعيد، استشراقي، داخل فضاء إسرائيلي. المدن الفلسطينية تم اخفاؤها خلف أسوار وحواجز وأسلاك شائكة ولافتات تحذير. هنا وهناك تبرز أمام عين المسافر اليهودي في الشارع الالتفافي أجزاء عالمها الثالث: إسمنت رمادي، مبان صناعية داخل الأحياء السكنية، بيوت سكنية في منطقة صناعية، فوضى هندسية مكتظة وخالية من المناطق الخضراء. أبراج من الشقق الخاصة التي تكاد تلامس بعضها وخزانات مياه على الأسطح.
إسرائيل العليا في الفضاء المتهود. فلسطين السفلى، المصنوعة من عدة رقع مبعثرة ومنفصلة عن بعضها. شبكة طرق مريحة وتتوسع على اراضي تمت سرقتها من الفلسطينيين، مغلقة أمام الفلسطينيين، وتخلق لليهود تواصلاً طبيعياً مع عاصمتهم الكبرى. بوابات حديدية مغلقة تضمن أن المسافة بين جيب – منطقة فلسطينية واخرى ستزداد والانتقال بينها سيكون معقداً ومخيفاً أكثر فأكثر.
لا يحدث هذا عبثاً. آلاف الإسرائيليين اليهود، خريجو الكليات الإسرائيلية للهندسة المعمارية، شركاء بدرجة مدهشة في هذا الابرتهايد. عندما تعد محكمة الجنايات الدولية قائمة متهميها، والذين ستحقق معهم، يجب عدم نسيان المساهمة الفريدة في تنفيذ الجرائم «المزعومة» المفصلة في بنود فرعية من 4 وحتى 10 في المادة السابعة (جرائم ضد الانسانية) والبند ب8 في المادة 8 (جرائم حرب). هذه البنود الفرعية تتطرق الى الابرتهايد وطرد السكان الواقعين تحت الاحتلال من الاماكن التي كانوا يعيشون فيها، ونقل سكان الدولة المحتلة الى المناطق التي تم احتلالها، بصورة مباشرة وغير مباشرة. الجرائم الثلاث، التهجير والتوطين والابرتهايد، تغذي وتمكن وتحافظ إحداها على الاخرى.
مفهومة هي الحاجة السياسية والقومية للفلسطينيين كي يقدموا للمحاكمة أمام المحاكم الدولية السياسيين والضباط والجنود الذين هاجموا في العام 2014 وما بعده، سكان قطاع غزة وقتلوا وشوهوا آلاف الاطفال، شبابا غير مسلحين، نساء وشيوخا. ولكن لا شك أن المحامين البارعين الذين ستستخدمهم إسرائيل من اجل الدفاع عنهم، سيجدون عشرات الحيل من اجل عدم كشف هوية المنفذين، وخلق تسويف طويل يمتد لسنوات ويحول هذه العملية الى ملحمة انتقامية ضد سلطات «حماس» في غزة.
يجب اختيار الجرائم ومن توجه الدعوى ضدهم في اماكن لا يمكن فيها توجيه اصبع الاتهام للفلسطينيين. ماذا سيجيب المخططون والمقاولون عندما سيسألون لماذا قاموا ببناء حي لليهود فقط على اراضي قرية فلسطينية؟ هل سيقولون إنهم نفذوا الأوامر؟ حساباتهم البنكية ستثبت أنهم نفذوا جرائم ابرتهايد مقابل الجشع.
إن تركيزاً فلسطينياً على من خططوا مشروع الاستيطان، ومن قاموا ببنائه سيقدم للمحاكمة مقاربة استمرت عشرات السنين، وترتكز إلى مبدأ التطوير غير المتساوي، وسيكشف تعاون مواطني إسرائيل في خلقها. هكذا يمكن أن نخيف مخططين ومقاولين جددا بحيث يصغون للتحذير: أنتم ورجال القانون الذين قاموا بشرعنة هذه الطريقة وهذه الجرائم ستجدون أنفسكم في قائمة المطلوبين، المتهمين، والمدانين في لاهاي.
عن «هآرتس»