حان الوقت لاستئناف العلاقات بين إسرائيل والدول الأفريقية

حجم الخط

بقلم: اسحق ليفانون

 

 


في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي ازدهرت العلاقات بين إسرائيل وأفريقيا. وضم هذا كل الدول الإسلامية جنوب منطقة الصحارى، دون الدول العربية في شمال أفريقيا. ومد مئات الإسرائيليين، من مستشارين، مرشدين، ورجال اعمال يد المساعدة للسكان، وساهموا في رفع مستوى معيشتهم. جاء آلاف الأفارقة للتعلم ولاستكمال دراساتهم في إسرائيل. وفي القدس شعروا برضى كبير وبفخار. وانكبت غولدا مائير وأبا ايبان على تنمية العلاقة.
تغيرت الأمور بعد حرب «الأيام الستة»، وأكثر من ذلك بعد حرب «يوم الغفران». قطع الكثير من أصدقاء إسرائيل علاقاتهم معها، وأدى هذا الى أثر الدومينو. بقيت إسرائيل خارج القارة. كل ما تبقى عمله هو الحفاظ على القليل، ومن هنا ولدت السياسة السلبية تجاه القارة. ادعت الكثير من الدول الأفريقية بأن سبب قطع العلاقات هو معارضتها لاحتلال «المناطق» بالقوة. اما الحقيقة فمغايرة. الدول العربية، التي كانت في حينه في نزاع مع إسرائيل، وعدت الدول في أفريقيا بمساعدة مالية كثيفة، فادى هذا الى زوغان بصر زعماء القارة. واصطدمت كل محاولات إسرائيل لاستئناف العلاقات بالرفض.
تواصل الابتعاد عن أفريقيا نحو 50 سنة. وبدأ الوضع يتغير بعد اتفاق السلام مع مصر، وبعد ذلك اتفاقات اوسلو واتفاق السلام مع الأردن. وبالتدرج بدأت العلاقات بيننا وبين بضع دول في أفريقيا تتحقق. تبين أن المساعدة المالية من الدول العربية لم تنجح في الاختبار العملي. فاذا كانت هناك مساعدة مالية عربية لأفريقيا فانها تمت بتقنين. وبدأت خيبة الامل تنتشر في الدول الأفريقية. وفجأة نشأ الحنين الى تلك العهود التي ساعدت فيها إسرائيل وتسببت ببداية تغيير ايجابي حيال الوعود المالية التي لم تتحقق. استوعبت إسرائيل ذلك، وانتقلت الى سياسة فاعلة. وانقسمت دائرة أفريقيا في وزارة الخارجية الى قسمين كي تركز على الفعل. كما أن وكالة المساعدة والتعاون الدولي تعززت بالميزانية وبالاشخاص. وقد فعل هذا فعله. ورويداً رويداً استأنفت دول أفريقية العلاقات، وعادت إسرائيل الى أفريقيا.
اليوم توجد لإسرائيل علاقات مع اكثر من 35 دولة افريقية. وهي تمد لها المساعدة في مجالات الزراعة، التعليم، الطب، التكنولوجيا والأمن. وقد اتيح استئناف العلاقة لثلاثة أسباب: الأول، خيبة الامل الأفريقية كما اسلفنا من الوعود التي لم تتحقق. الثاني، اتفاقات السلام بين إسرائيل والدول العربية، بما فيها «اتفاقات ابراهيم» والاتفاقات مع السودان والمغرب. والثالث، وضع إسرائيل الاستراتيجي القوي.
ان استئناف العلاقات مع القارة الأفريقية، والذي بلغ ذروته الآن ضمن امور اخرى مع قرار غينيا نقل سفارتها الى القدس، يسمح لإسرائيل بعلاقة شجاعة في مجال التبادل مع الدول؛ رحلات جوية تجارية من فوق اراضيها، تقصر المسافات والكلفة؛ وتواجد في البحر الاحمر في منطقة استراتيجية؛ والتأييد من جانب المؤسسات الدولية؛ وفوق كل شيء تحسين صورة إسرائيل كدولة تساعد بسخاء وعديمة المصلحة الضيقة.
ان تطوير العلاقة المتبادلة مع القارة حيوي ومهم. تشتاق أفريقيا لإسرائيل، ولا يقل عن ذلك اشتياق إسرائيل لأفريقيا. خيراً تفعل إسرائيل اذا ما شددت على تنمية القارة كي تخدم لسكانها، وواصلت المساعدة الفنية التي لا تزال أفريقيا تتذكرها من تلك الايام الطيبة. على إسرائيل أن تنفض الغبار عن الارشيف، وان تعود للتعاون الذي كان لنا في الماضي مع أفريقيا.

 عن «معاريف»