التصويت للوسط حبة دواء مُرّة لكنها ضرورية

حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل

 

  

 


الانتخابات في هذه المرة أكثر سهولة مما كانت دائماً. من الواضح لكل شخص لمن لن يصوت. العلمانيون لن يصوتوا للأحزاب الدينية، والعكس صحيح. أيضاً يوجد للعرب من لن يصوتوا له. منصور عباس لن يصوت للقائمة المشتركة، ومن يؤيدون القائمة المشتركة لن يصوتوا له.
بعد اجتياز هذه العقبة، تظهر الاستطلاعات أن معظم اليساريين لن يصوتوا لحزب ميرتس، البعض أيضاً سيخافون من حزب العمل بسبب ابتسام مراعنة؛ ليس لأنها عربية، فهم يحبون التزين بالعرب الآن، بل بسبب عدم وقوفها بصمت عند سماع الصافرة. «مراعنة ليست صهيونية وهي تنكر الكارثة. وقد وضعت شريطاً لاصقاً على الصافرة، ونحن لن نغفر لها ذلك في أي يوم». هكذا حكمت السنهدرين الوطنية أوفيرا وباركوفيتش.
قلائل فقط سيضعون ورقة مكتوباً فيها الحروف الانتخابية ليارون زليخة، وأيضاً هناك بيني غانتس، وناحوم تكوم، الذي سيصوت لنفسه أو لا يصوت. كتلة المعارضين لبنيامين نتنياهو في اليمين لن يضعوا في الصندوق ورقة «الليكود». فالقاعدة لن تصوت لجدعون ساعر، ونفتالي بينيت لن يجر وراءه ما يسمى «اليهودية الصهيونية». بعض أعضاء هذه الكتلة الذين يرتدون وشاح «الاستيطان الشاب»، الذي ينقض على التلال، ويوجد لهم زعماء آخرون. من تم منعهم من حضور حفل الزفاف أصبحوا أغلبية.
إن براعة الناخب الإسرائيلي تقوده إلى طريق المرجان الذي في نهايته توجد لافتة «الوسط»، والتي تعده بموت سياسي تحت تأثير المخدر.
«لا يوجد أي شيء في منتصف الطريق باستثناء الخطوط الصفر وقنافذ ميتة»، هذه هي المقولة المشهورة للناشط السياسي والصحافي الأميركي، جيم هايتاور. في السياسة الإسرائيلية القنفذ بالتحديد يبعث مجدداً للحياة بالضبط في منتصف الطريق. يائير لبيد وساعر وبينيت وميخائيلي هم الآن الوسط لدينا. وهم يحذرون جداً من السير على الخط الفاصل في منتصف الشارع وكأن هذا هو المكان الأكثر أماناً. وقد كتب لبيد في هذا الأسبوع في «هآرتس»: «نطرح مواقف معتدلة ومتزنة وحذرة جداً. ربما لن نقوم بمغامرة كبيرة، لكن يبدو لي أن الدولة في هذه الأثناء لا تحتاج إلى المزيد من الاضطرابات. وإرسال بنيامين نتنياهو إلى البيت سيوفر لنا ما يكفي من الدراما». لبيد بجلاله مستعد للتنازل عن طموحاته الشخصية.
ولكن أي طموحات شخصية يمكن أن تنمو لدى من جاء من موقف الاعتدال والتوازن والحذر، مثل خط مستقيم في جهاز المونيتور الذي يوجد في غرفة العناية المكثفة؟ لأنه في نهاية المطاف هذه بالضبط هي الترانيم التي نطقها غانتس عندما قرر الخروج عن الصمت في الحملة الانتخابية التي جرت في العصر القديم. هو أيضاً قصد ما قاله، ونحن أيضاً صدقناه ذات يوم.
مؤخراً كان يمكن، بل حيوي، إدانة انتخاب الوسط. هذا خيار جبان وخيار قطيع متسامح، خيار لا يمكنه إحداث تغيير وإصلاح الخرائب ورسم سياسة حازمة وأن يضع مرة أخرى سلم القيم المناسبة، خاصة أن الوسط في إسرائيل مكون من بقايا أحزاب، وسياسيين، تشبه قطع غيار لا ترتبط ببعضها.
لكننا نوجد الآن في مكان سيئ، فيه إقصاء نتنياهو هو قيمة بحد ذاتها. وليس هذا فقط، بل قيمة سامية. لأن المجتمع الذي يطمح إلى أن يعود إلى نفسه التي كانت ذات يوم لا يحق له أن يختار مرة أخرى رئيس حكومة يشكل خلاصة الفساد والغطرسة، وهو صاروخ موجه ضد الديمقراطية ومصلحة الجمهور. أيضاً حتى من دون تقديم نتنياهو للمحاكمة، فإنه يكفي بسبب عدد السنوات التي قضاها في الحكم أن نقول له كفى. مجتمع لا يستطيع تغيير حكومة خلال فترة زمنية محدودة هو مجتمع تعود على الديكتاتورية وأحبها، وهو يورثها للأجيال القادمة.
في الجولة الانتخابية القادمة، إذا جرت بعد ثلاث أو أربع سنوات، سيأتي إلى صناديق الاقتراع شباب لم يعرفوا رئيس حكومة غيره، ولا يعرفون كيف تبدو الحكومة السوية. وسيكونون على قناعة بأن الديمقراطية يجب أن تكون على هذه الصورة، ولا توجد مناعة ضد هذا الأمر. هذه فترة فيها التصويت للوسط هو حبة دواء مرة بدرجة مخيفة، لكنها ضرورية من أجل علاج الجسم من هذه الآفة.

عن «هآرتس»