انتخابات «حماس»: إشارات يبعثها فوز السنوار

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 

 


احتاج الامر الى أربع جولات انتخابية متتالية­، لينجح يحيى السنوار، هذا الاسبوع، في العودة الى منصب رئيس "حماس" في القطاع. الفترة الحساسة جدا في الانتخابات دائما هي الفترة التي توجد بين إغلاق صناديق الاقتراع وموعد فرز الاصوات. بالتحديد في هذا الوقت، يمكن أن تتغير الأمور. استقرت الامور في نهاية المطاف على ما يرضي يحيى السنوار. وتحدي نزار عوض الله، ممثل الجيل القديم في الحركة، تم صده في هذه المرة، حتى ولو كان مقرونا بجهود كبيرة.
فاجأت الصعوبات التي واجهها السنوار بدرجة معينة جهاز الأمن في إسرائيل. الرجل الذي تم اطلاق سراحه من السجن في العام 2011 في اطار صفقة جلعاد شاليت بعد أن قضى عشرين سنة تقريبا في السجن بسبب قتل مشبوهين بالتعاون مع إسرائيل، يحصل على تقدير لا بأس به من جانب رجال الاستخبارات. ويتم وصفه كعدو ايديولوجي حازم، لكنه ايضا يعتبر الشخص الذي تبنى أخيرا خطا براغماتيا نسبيا. واستمرار حكم "حماس" في القطاع مرهون بإعادة تأهيل البنى التحتية المدنية وتحسين الحياة اليومية هناك. ومن اجل تحقيق هذه الاهداف، السنوار مستعد لتجميد معظم اعمال المقاومة ضد إسرائيل؛ وتقليص الاحتكاك العسكري الى حين وجود ظروف أفضل من أجل النضال.
وُجد هنا فضاء من المصالح المشتركة بين إسرائيل و"حماس"، حيث إن الطرفين يمكنهما المناورة داخله. ومع ذلك، بقيت هناك نقطة ضعف مقلقة وهي مشكلة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين المحتجزين في القطاع. الثمن الذي تطلبه "حماس" أعلى مما تستطيع إسرائيل دفعه مقابل جثث الجنود والمواطنين، الذين عائلاتهم هي من جاليات مضطهدة لا تستطيع استخدام ضغط حقيقي على الحكومة. في ظل غياب حل للمشكلة الانسانية فإن تقدم المشاريع المدنية في غزة محدود. هذه ايضا كانت نقاط الضعف للسنوار عندما أراد انتخابه مرة ثانية.
الدكتور ميخائيل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان في جامعة تل ابيب، قال للصحيفة، إن الفوز البسيط والمتأخر للسنوار هو مثل البطاقة الصفراء التي رفعها في وجهه الناخبون، أعضاء الحركة. ميلشتاين، العقيد في الاحتياط والذي شغل في السابق رئيس الساحة الفلسطينية في الاستخبارات العسكرية "أمان"، يعتقد أن النتائج تعكس خيبة أمل من الوتيرة البطيئة لتحسن الحياة في القطاع. "مسيرات العودة على الجدار وإطلاق البالونات المتفجرة والحارقة نحو النقب لم تحقق أي شيء. في الحقيقة، اضطر السنوار الى التخلي عنها قبل اكثر من سنة. وقد كان هنا أيضا تعبير عن غضب متراكم للجيل القديم في (حماس)، الذين دفعهم السنوار واعضاء الذراع العسكرية حوله، الى الهامش. أيضا لم يعد السنوار ولداً، فهو ابن 59 سنة، وليس من السهل في سنه أن يغير، لكن على الأرجح سيضطر الى إظهار المزيد من المرونة والاهتمام بالانتقاد في أعقاب الإشارات التي تلقاها".
عملية الانتخابات المتشعبة لمؤسسات "حماس" تندمج مع العملية الرئيسية التي تتراكم في الساحة الفلسطينية، التفاهمات بين السلطة الفلسطينية و"حماس" حول المصالحة وفي أعقابها انتخابات للمجلس التشريعي والرئاسة. في هذه الاثناء لم يستجب رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن) لتحذيرات إسرائيل حول احتمالية انتهاء الانتخابات بفوز "حماس" وسيطرة تدريجية لخصومه على مناطق السلطة في الضفة الغربية.
إن تركيز وسائل الاعلام والجمهور في إسرائيل على اضرار "كورونا" حرف الاهتمام عن الازمة الصعبة التي اندلعت في الضفة الغربية في السنة الماضية. في أيار الماضي، على خلفية اعلان الضم من قبل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والدعم الكامل الذي تلقاه من الرئيس الأميركي السابق ترامب، قامت السلطة بوقف التنسيق الامني والمدني مع إسرائيل. وفي الوقت ذاته، تفاقمت هناك الأزمة الاقتصادية بسبب خلافات مع إسرائيل والولايات المتحدة حول مساعدة الفلسطينيين للسجناء الأمنيين. وحتى، الآن، تم الحفاظ على الهدوء الامني النسبي: في العام 2020 قتل ثلاثة إسرائيليين في عمليات مصدرها الضفة.

عن "هآرتس"