يتعرض الأطفال في مختلف أنحاء العالم يومياً لمخاطر تُعيق نموهم وتقف عائقاً أمام تنمية قدراتهم؛ ومن بين هذه المعيقات تشغيل الأطفال في أعمال شاقة لا تناسب قدراتهم الجسدية، تحت ظروف صعبة؛ ما يؤثر سلباً على مستقبلهم.
مفهوم "عمالة الأطفال" يُشير إلى كل عمل يضر بصحة الطفل أو بنموه أو رفاهيته؛ إذا لم يكن هذا العمل من الأعمال النافعة التي تتناسب مع عمره، ويُساعد على تطوره الجسمي والعقلي والروحي والأخلاقي والاجتماعي، دون أنّ يُؤثر على دراسته أو راحته أو متعته.
وعدت منظمة الأمم المتحدة عمل الأطفال استغلالياً، إذا اشتمل على: أيام عمل كاملة، أو ساعات عمل طويلة، أو أعمال مجهدة، أو إذا كان هذا العمل في الشوارع في ظروف صعبـة، أو إذا كان أجره غير كاف، أو مسؤولياته تفوق الحد الطبيعي، أو إذا كان عملًا يؤثر على التعليم، أو إذا كان عملًا يحط من كرامة الأطفال مثل الاسترقاق، وكافة الأعمال التي تحول دون تطور الأطفال الاجتماعي والنفسي.
وتؤدي عمالة الأطفال إلى حرمان الطفل من الحصول على قدر مناسب من التعليم، ومنعه من التمتع بطفولته، إضافةً إلى التعرض لظروف عمل صعبة، قد لا تناسب حالة الطفل الجسمية والعقلية.
كما تؤدي إلى التعرض لأمراض العمل وإصاباته وأخطاره؛ نتيجة ظروف العمل التي تعرضه للضوضاء، والحرارة الشديدة، والمواد الكيماوية، والمخاطر الميكانيكية والأبخرة والأتربة؛ ما يؤدي إلى خطر الإصابة بأمراض عديدة.
وبحسب نشرات توعوية فإنّ عمالة الأطفال تؤدي أيضاً إلى تفشى بعض العادات والظواهر السيئة بين الصغار، مثل التدخين وتعاطي المخدرات، عدا عن التأثير على طباع الطفل وجعله عدوانيًا؛ يميل إلى العنف ضد المجتمع؛ نتيجة الإحساس بالقهر الاجتماعي.
مخاطر تحدق بهم
وخلال تقرير خاص أعدته وكالة "خبر"، قال المحامي بمركز الضمير لحقوق الإنسان، أ. محمد البردويل: "في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنين في قطاع غزّة، فإنّ القانون الفلسطيني يحمي الأطفال من هذه الظاهرة التي تؤثر على حقوقهم وتحرمهم من حقهم في التعليم".
وأشار إلى أنّ ظاهرة "عمالة الأطفال" تُبيّن خطورة الأوضاع وتفشي ظواهر أخرى مثل الفقر والبطالة، إضافةً إلى تردي الواقع الاقتصادي، مُؤكّداً على أهمية الوعي بخطورة هذا الأمر، وضرورة مواجهته وتوعية الأهالي بالدرجة الأولى، حول مخاطر الكامنة خلفه.
وأوضح البردويل، أنّ الكثير من مؤسسات المجتمع المدني في قطاع غزّة، تُحاول عقد ورش توعوية وندوات مع أهالي الأطفال وفي المدارس، للتوعية بحقوق الأطفال، لافتاً إلى أنّ الحل مُلزمين بالدرجة الأولى بعدم إرسال أبنائهم للعمل أو التسول.
قانون العمل
بيّن البردويل، أنّ قانون العمل يمنع عمل الأحداث أقل من 15 عاماً، ويستثنى من ذلك للطفل الذي يعمل لدى أحد أقاربه من الدرجة الأولى، مُوضحاً أنّه يحق للطفل العمل بناءًا على تقرير طبي في سن ما بين 15 إلى 18 عاماً بناءًا على تقرير طبي يُفيد بقدرته على العمل.
وتابع: "الطفل دون الـ15 عاماً لا يستطيع تحمل أعباء العمل، لذلك فإنّ القوانين تمنع عمالة الأطفال"، مُستدركاً: "لكنّ نجد موضوع التسول وهو في غاية الخطورة ومُجرم ومُخالف لكافة الفئات العمرية".
يُذكر أنّ المادة 14 من قانون الطفل الفلسطيني، والمادة 93 من قانون العمل الفلسطيني، تحظر تشغيل الأطفال دون سن الخامسة عشرة؛ ويُسمح بعمل الأطفال 15-17 سنة بشروط معينة منها: أنّ لا تكون هذه الأعمال خطرة، وأنّ تكون ساعات العمل قصيرة، وتوفير الكشف الطبي للأطفال كل 6 أشهر. وقد تم تعديل قانون الطفل الفلسطيني، وإدراج عمل الطفل لدى الأقارب من الدرجة الأولى ضمن عمالة الأطفال.