الثلاثاء القادم امتحان لإسرائيل

حجم الخط

بقلم: إيهود باراك*

 

 


الثلاثاء القادم سيكون يوم الامتحان. هذا الاندماج بين وباء مضلل و800 ألف عاطل عن العمل و100 ألف مصلحة تجارية منهارة ومعها الركيزة الاقتصادية وحلم الحياة، وملايين الاطفال الذين فقدوا السنة الدراسية ومئات الآلاف الذين تم إلقاؤهم الى دائرة الفقر و6 آلاف ضحية، مثل عدد الخسائر في «حرب الاستقلال» – كل ذلك حوّل السنة الماضية الى احدى السنوات الاكثر قسوةً في تاريخنا. مسؤوليتنا كمجتمع يتوق الى الحياة، هي تعلُّم الدروس مهما كانت قاسية وتطبيقها من أجل عدم تكرار ما حدث، بالأساس مثلما حدث.
ولكن أي أزمة هي ايضاً فرصة. وازمة «كورونا» يمكن أن تتحول الى بداية لإصلاح جديد، والى نقطة انطلاق نحو واقع مزدهر وأمل في الحياة، شريطة أن نعرف كيف نقوم بمحاسبة صارمة للنفس وأن نترجم استنتاجاتها الى افعال. سيكون للوباء تأثير عميق على نمط الحياة، وعلى الطريقة التي نعمل فيها ونتعلم ونستهلك الثقافة. الفشل الذريع في اكثر الدول تقدماً في مواجهة الوباء سيقود الى تغييرات عميقة في «العقد الاجتماعي» بين الدولة ومواطنيها، من بينها تعزيز التزام الدولة بتقليص الفجوات الاقتصادية وتحسين مستوى معيشة مواطنيها.
التغييرات في مجال الذكاء الصناعي، الروبوتات، وتكنولوجيا النانو، ستغير وجه سوق العمل، وستسرع صراعاً عالمياً جديداً بين الدول على التفوق التكنولوجي. يدور الحديث عن منافسة لا تحتاج الى موارد طبيعية ومناطق مفتوحة أو أعداد كبيرة من السكان، بل مؤهلات بشرية وروح مبادرة ومرونة وعمل الطاقم والتمسك بالهدف.
هذه صفات يتميز بها الجيل الشاب في إسرائيل. في الولايات المتحدة تم في العام 2020 إنشاء 45 «وحيد قرن» (شركات اصدرت اسهم بمبلغ مليار دولار وأكثر)، وفي الصين 25، وفي إسرائيل، المكان الثالث، 15. الحكومة ليست المسؤولة عن ذلك، المسؤولون هم مبادرون ومواطنون عاديون نجحوا رغم أنف الحكومة. وليس صدفة أن الاغلبية المطلقة من زعماء صناعة الهايتيك والابحاث والتطوير في إسرائيل كانوا يفضلون رؤية الحكومة ورئيسها ينهون دورهم.
هذه منافسة يوجد لإسرائيل بيانات ممتازة للاندماج في جبهة روادها. ولكن هذا الجهد الوطني سينجح فقط اذا انضم اليه افضل الاشخاص، بروح التضامن وروح الوحدة الداخلية. عائلة واحدة متعددة الوجوه والالوان، الثقافات والاذواق، تدرك الفجوات والجروح والشروخ داخلها وتعمل على التئامها. عائلة تحترم الآخر وتمنح فرصاً متساوية لكل من ولد فيها، وتطالب بتحمل المسؤولية عن كل فرد أو جماعة. عائلة من المسموح فيها أن نكون مختلفين، لكن أمام العمل المطلوب يجب تشبيك الأيدي مثلما فعلنا ذلك في السابق. بحساسية وحزم، بالمثال الشخصي من القيادة، بشفقة انسانية وتعاطف، بشجاعة على اتخاذ القرارات وبالقوة على تنفيذها.
هذه الحكومة لا يمكن أن تقودها حكومة التعرج والتشويش والخداع السياسي والانفصال والعجز، التي شاهدناها في هذه السنة عارية. هذه ليست مهمة يمكن أن يحملها حكم يقوم بالتحريض والتقسيم، مدمن على الخداع ولا يقول الحقيقة ويعتبر خصومه «ناشري امراض»، فقد ظهر في هذه السنة في نقاشاته الليلية وقراراته الحالمة كهجين غير ناجح بين «الأخ الأكبر» و»عش الوقواق».
ولكن ليس فقط هذه السنة. فجهاز الصحة الفاخر الذي أنشأه مباي، مع كل المهنية العالية لطواقمه، ومن بينهم عرب كثيرون كانوا لسنوات كثيرة موضعاً للتحريض الوحشي، هو الذي حول إسرائيل الى الهدف المفضل لشركة فايزر «من اجل تجربة التطعيم». رئيس الحكومة له الفضل في المحادثات الليلية التي اجراها، لكن ليست هي التي حسمت الاختيار.
كل هذه الأمور، إضافة الى السحق التدريجي لاستقلالية الكنيست وتحويل اعضاء جهاز القضاء الى اهداف بحاجة الى الحماية المخصصة لمن يحاربون الجريمة المنظمة، تقتضي استبدال نظام الحكم. الثلاثاء القادم هو يوم امتحان لجميع الشركاء في «مشروع إسرائيل». يجب على كل واحد منا أن يحضر الى صندوق الاقتراع كل من يستطيع إحضاره. وكل واحد يجدر أن يصوت فقط لمن يثق بأنه لن يسمح، بأي شكل من الاشكال، لهذا الواقع بالاستمرار على هذا الشكل.
عن «هآرتس»
* رئيس وزراء أسبق.