القائمة المشتركة وأزمة الأكثريات والأقليات

ريما كتانة نزال.jpg
حجم الخط

بقلم: ريما كتانة نزال

سريعا ما خبا الجو الإيجابي الناشئ بعد صدور مرسوم إجراء الانتخابات، ليتحول تدريجيا إلى وقوف المجتمع مهجوساً بالمخاوف والشكوك حول مآلات العملية الانتخابية، فيما إذا كانت ستتطور نحو الأحسن أو الأسوأ، إن كانت مدخلاً لاستعادة الوحدة الوطنية أم استمرار المشهد بطراز وشكل جديد من أشكال المحاصصة والاستقطاب..إن كنا ذاهبين إلى إصلاح النظام السياسي أم استحضار المشهد الانقسامي؛ وربما تشريعه.
القائمة المشتركة التي سيغلب عليها الأخضر والأصفر لا تعبر من قريب أو بعيد عن رغبة المجتمع وخاصة إذا ما اقترنت بمحاولات ربطها بالمصالحة ورأب الصدع.
لا يمكن أيضاً وبشكل موضوعي تفهم انتسابها إلى تفاهمات قد حدثت بين حركتي فتح وحماس، فلا يمكن تزويج البرنامجين لبعضهما البعض والخروج ببرنامج واحد للقائمة، فلا يوجد تجانس أو انسجام بين البرنامجين البتّة، فبرنامج كل حركة يناقض الآخر وتفرقهما الأهداف والوسائل والخلفيات المرجعية.
لا أحد ينكر على الحركتين حقهما في التفاهم، بل نريد لهما التفاهم والتوافق.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ويدور النقاش حوله وعلى الحركتين الإجابة عنه، طبيعة التفاهم الذي وقع من أجل منع تكرار ما حصل العام 2007، وحول لدى بروز الخلاف في وجهات النظر وطرق حلها بالشراكة مع الكل الوطني دون استفراد أو فرض رؤية الحركتين الأوسع انتشاراً والأكثر جماهيرية من غيرهما في الساحة السياسية.
السؤال الذي يدور في المجتمع إن كانت الانتخابات ستؤدي إلى إصلاح النظام السياسي الذي مارس طرفاه خلال 16 عاما الهيمنة عبر سن قوانين قادت إلى إلغاء الفصل بين السلطات بوساطة القضاء على السلطتين التشريعية والقضائية في النقاط وتفريغهما من المعنى أولا؛ ومن ثم استهداف المجتمع المدني وما العمل على تدجينه وإلحاقه بالمجتمع الحكومي.
التفاهم الذي ينتظره الشعب الفلسطيني بأسره، داخل الوطن وخارجه، فتح الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير حيث تم المساس أيضا بالسلطة الرابعة والإجهاز عليها تقريباً عبر عمليات الاعتقال والاستدعاءات والتحقيق والتضييق، هنا وهناك، وقوننة التقييد بموجب قانون الجرائم الالكترونية.
بالعودة إلى القائمة المشتركة، أخضر- أصفر: من الطبيعي أن يدفع الإعلان عن الانتخابات إلى بحث القوى السياسية عن تحالفات وتفاهمات وفقاً لمتغيرات الساحة، من حيث المبدأ لا أحد ينكر على أحد حرية إقامة التحالفات بين الأكثريات حتى لو كانت متناقضة فكرياً وسياسياً. لكن التحالف بين الأكثريات في وجه القوائم الأخرى لا يستطيع الايحاء بأن التشكيل سيخلق وعياً بأن الأمور على ما يُرام أو يفيد إراحة وإرخاء الأجواء العامة أو يخدم إقناع المجتمع أن ثمة انتخابات حقيقية تجري ستؤدي بالضرورة إلى إنهاء الانقسام وتغيير المشهد بالشكل! بل تخلق الخوف من استمرار الثنائيات وانطباع تحالف السيطرة والهيمنة على الأقليات سواء الحزبية أو المستقلة.
وفي الجانب الآخر تعطي الانطباع عن قلق الأكثريات من الانتخابات وتراجع شعبيتها وممارسة الصوت العقابي كرد مؤجل على السنوات العجاف التي آذت القضية والمجتمع والأحزاب ومكانتها، وصولاً إلى أشكال من ردود الفعل المتعلقة بخفض نسبة الاقتراع أو إلقاء الأوراق البيضاء في الصناديق!
القائمة المشتركة تعني أن الأمر سيان في حال اختلفت الأكثريات أو اتفقت، في الحالتين من يقوم بتسديد فواتيرها هو الشعب، علاوة على الانعكاسات السلبية على التعددية السياسية والاجتماعية ومنع التوازن في اتخاذ القرارات وسنّ القوانين والتشريعات، انعكاساتها على الشعب بأسره بتفريغ الانتخابات من مضمونها الديمقراطي وعقد الصفقات السياسية والاجتماعية على حساب المجتمع وطموحاته واستخدام «الفيتو» في وجه محاولات تطوير المجتمع وإصلاح ما فسد خلال سنوات الانقسام، بل وإسباغ غلاف من الشرعية على تقاسم المصالح باسم المصالحة الغالية على قلب المجتمع.
نحن بحاجة إلى مجلس تشريعي لا يملك فيه أي من الكتل البرلمانية القرار وحده، لا أحد يرغب في هزيمة المجتمع من خلال خطف قرار المجلس باسم الأغلبية المأزومة التي ترى أن الخروج من أزمتها في إخلاء الساحة لها. وفي نهاية المطاف فإن أزمة الأكثريات هي أزمة الأقليات.
هذا هو رأيي..