التعلّق الإسرائيلي بليبرمان لتوفير الأمن: ديمقراطيتنا في خطر

20151011204809
حجم الخط

في استطلاع للرأي العام أجري بناء على طلب «اخبار 10» ونشر في نهاية الاسبوع تبين أن 39 في المئة من المستطلعين يعتقدون انه من بين كل الزعماء السياسيين فان افيغدور ليبرمان هو الذي سيتمكن من مكافحة «الارهاب». الآخرون، بمن فيهم رئيس الوزراء ووزير الدفاع، يأتون بعده بفارق كبير. لماذا يعتقد هذا القدر الكبير من الجمهور بان ليبرمان مناسب لمنصب المخلص؟ ليس في سيرته الذاتية ما يلمح الى اي تجربة في شؤون الاستخبارات او حفظ النظام أو الامن في أكثر صلاتها هزلا، الا اذا كانت وظيفة حامي الحمى في بيوت الشرق، الانشغال الذي منه نال رزقه في شبابه، سيعتبر انشغالا في شؤون الامن. فقد قدم خدمة قصيرة في الحكم العسكري في الخليل، وفي خدمة الاحتياط كان أمين مخزن في سلاح المدفعية. صحيح أن هناك حالات معروفة وصل فيها مدنيون بلا خلفية عسكرية الى قمة الحكم، وقادوا بلدانهم في حروب، ناجحة وفاشلة، ولكن كانت لجميعهم مذاهب فكرية ورؤية استراتيجية بينما الفكر الاستراتيجي لليبرمان ليس مثيرا جدا للانطباع. فمساهماته الوحيدة للفكر الامني هي المطالبة بالسيطرة على غزة وتصفية حكم «حماس» (اما تفاصيل التنفيذ فتركها للآخرين)، الدعوة لمقاطعة الاعمال التجارية للعرب الاسرائيليين الاشرار (دون أن يروي كيف سيجري التمييز بين الاشرار والاخيار) وفكرة ترسيم الحدود غربي وادي عارة وضم اسفين ارئيل (دون التورط في مسائل ثقيلة الوزن عن مسار الحدود الجديد وعن مصير المواطنين العرب الذين ستسحب مواطنتهم). كما يمكن أن نذكر ايضا تهجماته المتواترة على ابو مازن والمذكرات التي بعث بها لمصر حول قدرتنا على قصف سد اسوان. وعلى سبيل النزاهة أقول انه يحتمل ان يكون قدم مساهمات خفية ابقاها في الظلال بحكم التواضع. ان التمسك المفاجئ بهذا الرجل ينبغي أن يقلق المتخوفين على مستقبل الديمقراطية الاسرائيلية، لأنه يدل على يأس من قدرة الحكومة، كل حكومة، على مواجهة تحديات الامن. ما لا يقل اقلاقا هو ضعف اعصاب هذا القدر الكبير من الناس ممن هم غير قادرين على التغلب على الهلع الذي تلحقه بهم هبة السكاكين. فاليأس والهلع يحركان الجمهور نحو التمسك باهداب ثياب سياسي صورته هي «رجل قوي». ان «الرجال الاقوياء» من نوعه يشرقون في ساعة صمت افول الانظمة الديمقراطية. ان الصلة التي بين هبة السكاكين وبين توجه الرأي العام نحو ليبرمان تنشأ من التصاق الاحداث. ففي اسرائيل، وتقريبا بدون أي استثناء في تاريخها، تحسم الانتخابات على مسألة الامن، وفي الانتخابات الاخيرة تقلص ليبرمان الى ستة مقاعد في الكنيست. وهذا يدل على أنه قبل بضعة اشهر فقط لم يضطر الجمهور لليد الواثقة لـ»الرجل القوي». هذا الرجل الذي يرسم صورته كمن كلمته هي كلمة، ولكن حتى افضل المحللين يئسوا من محاولة شرح كلماته. ان القلق من الاندفاع وراء ليبرمان يتفاقم عندما نتذكر صندوق المفاسد الذي يجره وراءه. والتمني ليده القوية لم يكن بسبب المكتشفات عن الفساد الذي استشرى في حزبه، بينما اصداء محاكمته الطويلة لم تهدأ بعد. تبرئته لا يجب أن تنسينا حقيقة أن المشبوه السابق فعل كل ما في وسعه كي يشوش طبيعة اعماله التجارية ويثقل على المحققين – الجهد الذي لا تتميز به الشخصيات العامة التي تريد أن تثبت نقاء ايديها. حتى لو افترضنا بان الزعيم المحاصر بابخرة الاشتباه لم يعرف شيئا عن السلوك البائس لقادة حزبه، فان تعيينهم يدل على أنه يفتقد للميزة الضرورية التي يحتاجها الزعماء الناجحون: النظرة الثاقبة التي تسمح باختيار الناس النافعين. وبينما يكون مسلحا بهذا العتاد البائس يدعوه الكثير من المواطنين الى قيادة الحرب ضد «الارهاب». هذا مفزع بقدر لا يقل عن الارهاب نفسه. عن «يديعوت»