بروح عيد الفصح يمكن القول: لو كانت هذه فقط حملة التطعيم الناجحة، وليس حقيقة أن إسرائيل خرجت من الوباء بسرعة اكثر من أي مكان آخر (حسب الاقتصادية الكبيرة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD)، إضافة الى الانجازات المهمة في المجال الامني والاقتصادي، لكنا سنقول هذا يكفي، ونكتفي بتسجيلها في كتاب التاريخ الذهبي. ولكن التحديات التي هي في طريقها إلينا ليست اقل أهمية في هذه الانتخابات.
رغم المعطيات المشجعة في الاقتصاد الكلي: استقرار النظام المالي، نسبة البطالة الآخذة في الانخفاض، بيانات الدين والانتاج - بالأساس فتح الاقتصاد والتعليم والثقافة – إلا أنه من المحظور علينا تجاهل ازمات محتملة في المستقبل.
المختصون يعتقدون، الآن، أنه يجب عدم الخوف من موجة تضخم. ولكن الدولاب يمكن أن ينقلب. وإسرائيل يجب عليها أن تكون مستعدة لذلك. بنيامين نتنياهو عرف كيف يقود في السابق الاقتصاد نحو شاطئ الامان، وهو توجد له مؤهلات للمستقبل، في حين أن رؤساء الأحزاب الذين يتفاخرون بتحديه، يعرضون وعوداً فارغة، وجدعون ساعر يعلن أنه سيشكل هيئة دائمة لمحاربة البيروقراطية، أي جسماً آخر بيروقراطيا غامضا.
من بين اكثر المتضررين من أزمة "كورونا" كان المستقلون واصحاب المصالح الصغيرة، وهم يمكن أن يتضرروا مرة اخرى اذا تم تسليم زمام الحكم في الدولة لمعسكر، جزء منه عديم التجربة، وجزء آخر يؤيد سياسة اقتصادية مناوئة للسوق الحرة.
أدى الوباء، ايضا في إسرائيل، الى ضخ اموال طائلة، لكنها مبررة للجمهور، وحكومة مسؤولة برئاسة نتنياهو ستعمل على الدفع قدما باستقرار الاقتصاد والنمو، سوية مع كبح الآثار السلبية المحتملة لهذا الضخ.
الموضوع السياسي ايضا يجب أن يشغل الناخب، بالأساس العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، ولكن ايضا العلاقة مع اللاعب الرئيس الثاني في الشرق الاوسط، أي روسيا. العلاقات بين الدول يتم تحديدها حسب المصالح، لكن بالذات بخصوص الولايات المتحدة هناك احياناً وزن غير قليل أيضا للصداقة بين الشعوب وبين الزعماء.
والصداقة طويلة العمر بين جو بايدن وبنيامين نتنياهو توجد لها بالتأكيد ميزة. بايدن وطاقمه السياسي يدركون أن "اتفاقات ابراهيم"، التي بادر اليها نتنياهو، والتي تدفع قدما بالسلام بين إسرائيل والعرب وبالاستقرار في الشرق الاوسط أكثر من أي فترة اخرى، ايضا تخدم مصالح أميركا في نقل معظم جهودها السياسية والامنية من الشرق الاوسط الى الشرق الاقصى.
حكومة غير متبلورة بشراكة يمين متطرف من جهة ويسار متطرف من جهة اخرى، ولا توجد لها استراتيجية سياسية، ستؤدي الى الشلل السياسي. تتمسك ادارة بايدن بحل الدولتين، وتعارض بناء إسرائيل خلف الخط الاخضر. ولكن مثلما اوضح المتحدثون بلسانها، فان المسألة الفلسطينية لا تحتل مكانا متقدما في سلم أولوياتها.
الموضوع الذي توجد فيه إمكانية كامنة واضحة للخلاف هو الاتفاق النووي مع إيران. ولكن خلافا لعهد اوباما، الآن في اعقاب التحالف مع العالم العربي البراغماتي، فان إسرائيل غير معزولة في المعركة، وسترغب الولايات المتحدة في التوصل الى حوار معها في هذا الشأن. أيضا يوجد في الكونغرس اهتمام عالٍ بخصوص الاتفاق على جانبي المتراس السياسي.
مع ذلك، مثلما قال السناتور توماس (تيب) اونيل ذات مرة، فان السياسة كلها محلية. وهذا صحيح ايضا بالنسبة لإسرائيل. شعار الانتخابات "فقط الليكود سيشكل حكومة يمينية كاملة" لا يصيب الهدف بدرجة معينة، حيث إنه دون دعم الوسط – اليمين فان "الليكود" لن يصل الى أغلبية نسبية.
منذ تأسيس "الليكود" كان حزب وسط – يمين وطني – ليبرالي.
صحيح أن هناك اهتمامات مختلفة بين اعضائه، بما في ذلك في المواضيع السياسية، وتوجد لهم شخصيات مختلفة، مثلما هي العادة في حزب ديمقراطي كبير، لكن تم الحفاظ فيه على الوحدة حول المحور الرئيس.
وعدم الاعتراف بمساهمة نتنياهو، في الفترة التي وقف فيها على رأس "الليكود" والدولة من أجل تحقيق الاهداف التي ميزت من أسسوا الحزب ورؤساء الحكومة من قبله، يعتبر خطأ وتضليلاً متعمداً.
يعكس "الليكود" الاجماع الواسع في اوساط الجمهور حول الموضوع الفلسطيني، لكن نتنياهو تتم مهاجمته ليس فقط من قبل احزاب اليسار، بل ايضا من قبل أحزاب اليمين المتطرف، التي تبدو أحيانا أنها أكثر مما تريد أكل العنب، تريد قتل الحارس.
هذه الاحزاب توجد لها سلسلة طويلة من الاهداف العلنية، لكن لا توجد لديها اقتراحات واقعية عن كيفية تحقيقها. الامتحان الذي يحدد الزعامة القومية لا يوجد في التصريحات، بل في القدرة على التنفيذ. السياسة الثابتة والواثقة لنتنياهو التي تعتمد على اهمية الجانب الامني، مع تحقيق الاهداف الصهيونية واليهودية، أثبتت نفسها. سواء في السياسة أم في الدبلوماسية تسري القاعدة التي تقول إن من يريد الامساك بالكثير لن يستطيع الامساك بشيء: كل صوت لقوائم اليمين المتطرفة، بدلا من "الليكود"، يمكن أن يمس بتحقيق هذه المصالح القومية. وفي الأصل، الامكانية الواقعية الوحيدة لتشكيل حكومة بديلة هي حكومة تكون مربوطة بأنشوطة خانقة بـ "القائمة المشتركة".
يجب علينا عدم تجاهل الورطة القانونية التي وجد نتنياهو نفسه فيها، والتي تلعب دوراً في الانتخابات. بسبب الادعاءات الجوفاء فان مظاهرات التحريض في بلفور وشعار "فقط ليس بيبي" تحولت الى سلاح فتاك في أيدي المعارضين من اليسار واليمين.
لن أتطرق الى جوهر الاتهامات، التي هي بالنسبة لكثيرين تبدو مضحكة ولا اساس لها، هذا الموضوع أتركه للمحكمة. تكفي الاشارة الى أنه في دولة القانون يوجد افتراض البراءة.
وأنه في دول ديمقراطية رائدة مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لا يقدمون لمحاكمة جنائية رئيسا أو رئيس حكومة في منصبه. واذا كان الامر يتعلق بشؤون قانونية، فكيف يمكن تفسير لماذا يسمح المستشار القانوني للحكومة لمرشحين للكنيست بأن يتمتعوا بضمانات مالية، احيانا بملايين الشواكل، من رجال اعمال، ويمنع نتنياهو من الحصول على مساعدة من ابن عمه بمبالغ أقل بكثير من اجل تمويل نفقات محاكمته.
من يقول إن الحملة الانتخابية تتثاءب يتجاهل صب السم والوحل في الشبكات الاجتماعية، لكن يجب أن لا يكون هذا هو الذي سيحدد التصويت، الاسبوع القادم.
يجب علينا أن نضع جانبا المواقف المسبقة والمشاعر، وأن نصوت بشكل عقلاني، من العقل. لأن أي تصويت آخر سيقودنا الى انتخابات خامسة. نظريا، الانتخابات غير شخصية. ولكن في الواقع هي كذلك. والانتخابات هي بين نتنياهو وبين شخصية أخرى توجد على لوحة الاعلانات، والقرار غير صعب.
عن "هآرتس"
