بعد النتائج الباهتة لاجتماعات الفصائل في القاهرة ، والتي كانت بحد ذاتها كافية لأن تقرع الجرس مدويا في أذن كل من به صمم، ان يعيد التفكير في جدوى "الديمقراطية" التي يفترس شكلُها مضمونَها، بل يقلبه تقريبا الى نقيضه، التنسيق الامني مثالا ، فعندما عقد اجتماع الامناء قبل ستة اشهر، كانت السلطة قد اعلنت انها في حل منه، لكنهم اليوم اجتمعوا في ظلاله، بمن في ذلك حركة الجهاد والجبهة الشعبية .
عدنا من القاهرة، وانفجرت غرائزنا وطبعائنا الاستئثارية على سجيتها، حتى أعلنت حركتا فتح وحماس، أصحاب فكرة اجراء الانتخابات من انها الطريق الاقصر والامثل وربما الاوحد، لانهاء صراعهما الانقسامي التدميري على الشعب والوطن والقضية، فقد نفى اكثر من ممثل للحركتين انهما ستخوضان الانتخابات في قائمة واحدة ، بطريقة لا تخلو احيانا من معاني الاهانة ، وكأن لسان الحال يقول : نحن لا نقبل التحالف مع مثل هؤلاء. ويأتي هذا الترفع التوتيري غير التصالحي وغير الوطني في اعقاب اكتشاف قادة الحركتين ان قواعدهما الشعبية العريضة، غير راضية عن هذا التحالف .
امين سر حركة فتح جبريل الرجوب قال : إن حركة فتح ستخوض الانتخابات التشريعية المقبلة بشكل منفرد في قائمة تضم 132 عضوا، ومعروف ان احد اسباب خروج ناصر القدوة في قائمة مستقلة عن فتح ، كانت هي القائمة المشتركة، لكن الوزير الحمساوي السابق وصفي كبها، عد الموضوع انتحارا وقال: الاقتراب من حركة فتح، هو تناقض مع الذات الحمساوية، وبالتالي فالحركة ستخسر الكثير من مصداقيتها إذا توافقت مع فتح سواءً عبر الترشح في قائمة ثنائية أو عبر جبهة عريضة، وهناك من يعتبر التوافق على دعم الرئيس محمود عباس، رئيساً لولاية أخرى بمثابة انتحار .
أما اليسار ، فحدّث ولا حرج ، فمنذ اليوم الاول للتسجيل ، كشف ان الجبهة الديمقراطية، قد سجلت قائمتها الخاصة باسم "التغيير الديمقراطي" وتضم 61 عضوا ، ولّما تزل المفاوضات بين اقطاب اليسار جارية ، وحاول القيادي المخضرم في الديمقراطية "ابو ليلى" ان يخفف من وطأة ما فعلته جبهته بقوله: أن التسجيل لا يعني إغلاق الحوار وإذا تمكنا من الوصول الى قائمة لليسار فسيكون خيراً على خير، وإذا لم نتمكن فللأسف ستكون لنا قائمتنا.
ربما أدركت الديمقراطية من خلال المفاوضات، ان هذا اليسار الذي تتركز خلافاته على التمثيل وعلى اولوية الاسماء، هو يسار عدمي، او كما وصفه لينين قبل حوالي مئة سنة بالفجل؛ أحمر من الخارج، أبيض من الداخل، لكن ما هي حكمة الديمقراطية ان تسجل في اليوم الاول بل في الساعة الاولى، وهي التي حصلت على مقعدين فقط في تحالفها مع حزب الشعب عام 2006، مقعد ابو ليلى ومقعد بسام الصالحي، الا اذا اعتقدت ان قوتها تضاعفت منذ ذلك الوقت، فماذا يعني ان تفوز بمقعدبن او حتى بأربعة ؟
بالأمس سحبت إسرائيل بطاقة VIP من وزير خارجية السلطة رياض المالكي لأنه اجتمع مع المدعية العامة للجنائية الدولية، كأنها تريد ان تقول له : أرني كيف ستجتمع معها مرة أخرى!