كأني بالزعيم الشيوعي فلاديمير ايليتش لينين ، يدخل على اجتماع اليسار الفلسطيني فجأة ، وقد علم ان موضوع الخلاف الرئيسي بينهم هو توزيع الاسماء على القائمة واحتلال المقاعد العشرة الاولى منها ، فيسألهم : هل هذا موضوع جوهري ، مبدئي ؟ و لأنهم قد عرفوه وتتلمذوا عليه ، وكاد يكون إماما لهم في تكياتهم المنغلقة ، يجيبون : لا ليس هذا موضوعا مبدئيا .
إذن ، يستخلص لينين : فليكن من يكن من الاسماء ، ويقترح ان تحتل الديمقراطية المقاعد كلها ، فلا فرق في هذا الموضوع الشكلاني بين من يمثل الديمقراطية او الشعبية او حزب الشعب او المبادرة ، فالممثل الآن انما يمثلكم كلكم ، ولربما يمتد تمثيله الى اقطار اخرى في القرب والبعد على حد سواء .
يشعر ممثل الديمقراطية ببعض الحرج ، فيتأبى ، لأن هناك في فصائل اخرى من هم أكثر كفاءة واستحقاق وتجربة ، ولكن لينين ينبري : لا شيء يفقد صاحب الكفاءة كفاءته والاستحقاق استحقاقه والمجرب تجربته ، العشرة من الديمقراطية لن يستطيعوا التفرد بآرائهم في القضايا المحورية ، بل سيحملوا الموقف الجماعي للفصائل الاربعة ، فيدخل على الخط ممثل الحزب المحسوب على لينين رسميا وشخصيا منذ عام 1921 ، اي قبل رحيل لينين جسميا بثلاث سنوات ؛ : لماذا لا نقسم العرب عربين ، ويكون لكل فصيل ممثلين بالتساوي والتتالي ، من يأخذ الاول في الوجبة الاولى ، يأخذها اخيرا في الثانية ، وهكذا دواليك حتى المقعد الثلاثين ، فيعد الثلاثين من الصعوبة بمكان الحصول على مقاعد .
يغض الطرف لينين عن سؤال الحزب ، هناك يساريين في شعبكم اكثر من يسارية بعضكم ، فاحرصوا ان تأتوا بهم ، فيرد ممثل المبادرة : تقصد الشباب والمرأة ؟ - بل اقصد الفقراء والمسحوقين اصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير بدون فساد او مفسدين ، اقصد يساريين من اليمين ، عمر البرغوثي رحمه الله مثالا ، اشخاص يحملون قضيتكم على اكتافهم طوال عمرهم ، ما افتقدناه في الاتحاد السوفياتي قبيل انهياره ، دققوا النظر ماذا فعلت افكارنا بحركة حماس والجهاد الاسلاميتان ، كيف كانتا وكيف اصبحتا ، من شعار الاسلام هو الحل الى شعار المقاومة هو الحل ، من شعار المرأة عورة خلقت للبيت الى قيادية في عضوية المكتب السياسي ، فينبري ممثل الشعبية : ان كل ما تقول مهم ، ولكن الاهم هو الموقف السياسي . فيرد عليه لينين ببعض الغضب : وهل راعيتم حضرتك انك تذهب الى انتخابات مجلس حكم ذاتي ما يعني انك تسير فوق ارض ليست ارضك ، بل ما يعنيه انك تسير فوقها بنصف متر .
يعيد ممثل الحزب سؤاله "لماذا يا رفيق لا نقسم العرب عربين" ، فيضطر لينين للاجابة : لأنكم اصلا عربا منقسمين ، تبرعون في الانقسام ، تعتقد ان هذا مقتصرا على فتح وحماس ، انظر انتم ماذا تفعلون ، لو كنتم يا رفيق بسام قد اتفقتكم فيما بينكم على ما تقول ، لما كنت أتيت مكرها . ويختم : عظّم الله اجركم برحيل نوال السعداوي ، كان يجب ان تحتفوا بتأبينها ، لآن تاريخكم كله قتّر في انجاب مثلها ، وأراه اهم من انتخاباتكم .