"فتيان التلال" يمارسون ما تقوم به إسرائيل ويسارها

حجم الخط

بقلم: إيتي ماك


انضم البروفيسور رافي فالدن في يوم الكارثة الى سلسلة يساريين صهاينة قرروا القيام بخطوة كبيرة واجراء مقارنة بين «فتيان التلال» وجهات يمينية اخرى مع مجموعات وظواهر في المانيا في الثلاثينيات.
بدلاً من أن يذهب بعيدا الى المانيا في سنوات سيطرة النازيين، كان من الافضل أن ينظر البروفيسور فالدن ببساطة في المرآة: اعضاء «فتيان التلال» يوجدون داخل المنشور الصهيوني، حتى لو كانوا في زاوية منه، ويطبقون بوسائل عنيفة الايديولوجيا الصهيونية التي يشارك فيها البروفيسور فالدن، ويطبقون ايضا اساليب الطرد والعنصرية التي للاسف تميزها على جانبي الخط الاخضر منذ اقامة دولة إسرائيل.
من قراءة مواد التحقيق مع اعضاء «فتيان التلال»، سواء في الشرطة أو في «الشاباك»، يبدو أنه لا توجد مسافة ايديولوجية كبيرة بين من تم التحقيق معهم وبين من يحققون معهم، حيث ينظر عدد منهم اليهم على أنهم «فتيان طلائعيون».
على سبيل المثال، في أحد التحقيقات قال شخص يتم التحقيق معه بأنه سيقوم بدعوة المحقق لتناول القهوة في منزله. ورد المحقق بأنه سيكون مسرورا بالقدوم. وأشار امام المحقق معه بأن عليه التذكر بأنهما في الجانب ذاته. وفي نهاية المطاف العرب هم العدو المشترك لهما.
المحققون يحرصون على التأكيد أنهم هم أنفسهم يهود. وأن المشكلة مع «فتيان التلال» هي أنهم يستخدمون العنف بصورة مستقلة. اقترح أحد المحققين أنه بدلا من القيام بعمليات مستقلة يجب على الشباب أن يتجندوا للجيش وهناك ينفذون نشاطاتهم.
إزاء التعامل بقفازات من حرير من قبل سلطات انفاذ القانون مع عنف «فتيان التلال» والمستوطنين، الذي تم توثيقه في وسائل الاعلام وفي تقارير منظمات لحقوق الانسان مثل «يوجد حكم»، يصعب التصديق بأن الامر يتعلق فقط بتكتيك في التحقيق يستهدف خلق مظاهر من التعاطف تجعل من يتم التحقيق معهم يتعاونون مع المحققين. يبدو أن الامر هنا يتعلق بتعاطف صادق، يرافقه خلاف بالنسبة للوسائل التي اختيرت من اجل تحقيق الاهداف المشتركة. اللقاء بين قائد المنطقة الوسطى، تمير يدعي، و»فتيان التلال» في بؤرة «معوز استر» هو أحد الامثلة الكثيرة. في «معوز استر» كان يعيش الشاب اوهافيا ساندك، الذي قتل في عملية ملاحقة للشرطة بعد الاشتباه بأنه شارك في رشق الحجارة على سيارات فلسطينية.
عندما صك البروفيسور يشعياهو لايفوفيتش مصطلح «اليهود النازيين» فقد مكن الجمهور الإسرائيلي اليهودي من الاستيقاظ، وأن يشخص داخله وجود عمليات تهدد نمو اليمين المتطرف، التي حدثت ايضا في دول اخرى بعد الحرب العالمية الثانية (هناك يسمون النازيين الجدد). ولكن في الوقت ذاته مكن لايفوفيتش اليسار الصهيوني من أن يرفع عن نفسه أي مسؤولية وأن يبني سورا فاصلا مصطنعا بينه وبين جمهور المستوطنين، والنشطاء والايديولوجيين لليمين المتطرف.
الامر يشبه الوضع الذي سيقول فيه البيض في الولايات المتحدة إنه فقط اصحاب المزارع كانوا المسؤولون عن العبودية وأنهم هم فقط استفادوا من ثمارها، أو أن من ضغطوا بالاصبع على الزناد كانوا فقط المسؤولين عن «ابادة الشعب» للشعوب الاصلية. من المفهوم أنه ليس لادعاءات كهذه أي اساس تاريخي وحقيقي.
مثال على ذلك هو مجموعات اليمين المتطرف في أميركا التي تسمى «براود بويز». هذه المجموعة تم تشكيلها في 2016 وهي تعبير متطرف عن ايديولوجيا التفوق الأبيض التي ما زالت منتشرة في أميركا، وخلال السنوات الاربع جلس في البيت الابيض رئيس أيدها.
بصورة مشابهة، ورغم أن السياسة الرسمية في جنوب افريقيا كانت ابرتهايد، إلا أنه كانت في الدولة مجموعات من اليمين المتطرف الذين أخذوا هذه السياسة «خطوة الى الامام»، سواء عندما خدم الاعضاء فيها في قوات الامن أو في مليشيات «غير رسمية» وقاموا بعمليات ارهابية ضد سكان الاغلبية الافارقة.
سواء في جنوب افريقيا أو في الولايات المتحدة فقد تجذر الفهم بأن الطريق الى مواجهة حقيقية مع اليمين المتطرف هي بوساطة مواجهة صادقة مع ايديولوجيا الابرتهايد وتفوق البيض، وليس فقط بوساطة معالجة محددة لنشطاء اليمين المتطرف.
البروفيسور فالدن واليسار الصهيوني في إسرائيل يجب عليهم مواجهة الصهيونية ومعانيها الايديولوجيا، بصورة صادقة، وليس فقط نشطاء اليمين المتطرف ومنظماته. مفهوم أن البروفيسور فالدن واليسار الصهيوني في إسرائيل لا يؤيدون اسلوب احراق اشجار وسيارات وبيوت الفلسطينيين، لكن يجب عليهم اجراء محاسبة للنفس. عليهم أن يفحصوا انفسهم وأن يروا هل دعمهم المباشر وغير المباشر للتفوق والامتيازات المعطاة لليهود - المشمولة داخل دولة إسرائيل وفي قوانين واحكام المحاكم، وداخل الضفة الغربية من خلال اوامر القائد العسكري وحكم المحكمة العليا – ليست هي التربة والبيئة التي تسمح بنمو «فتيان التلال»؟

عن «هآرتس»