خالد مشعل والطريق "الهادئ" نحو "الرئاسة" الفلسطينية!

حجم الخط

كتب حسن عصفور 

ربما اعتقد البعض أن عودة خالد مشعل لقيادة حركة حماس، كرئيس لها في الخارج، يمثل "مفاجأة" لم تكن ضمن الحسابات التقليدية، خاصة وهو من كان أهم رئيس لها منذ عام 1995 تعيينا بعد اعتقال نائبه الحالي د. موسى أبو مرزوق أول رئيس لها، ثم انتخابا رسميا 1996 حتى عام 2017، وشكل حضورا مميزا كان سببا رئيسيا في استمراره رئيسا للحركة طوال تلك الفترة، التي بدأت وكأنها غير "شرعية"، بعد التمديد الأخير له ما قبل انتخاب إسماعيل هنية خلفا له.

عودة خالد مشعل لمنصب قيادة حماس في الخارج، لا يمكن اعتباره "منصبا تنفيذيا تنظيما" بقدر ما يشير الى أن هناك تطور سياسي كبير بدا يتفاعل، مرتبط مباشرة بالوضع الداخلي الفلسطيني، خاصة بعد "مراسيم الرئيس محمود عباس الانتخابية"، التي حركت سكون – بلادة المشهد العام وسط أخطر حالة انقسامية.

منذ فشل تطبيق اتفاق بيروت يناير 2017، بعد التوافق على تفعيل منظمة التحرير والذهاب لفتح "أبوابها" لحركتي حماس والجهاد، لم تحتل قضية المنظمة اهتماما حيويا من حماس، ولم تكن "هدفا مباشرا" لها، بل أنها تجاهلتها في محطات عدة، الى أن بدأت حركة التواصل الجديدة بينها وحركة فتح (م7)، ثم حوار القاهرة الذي أنتج المراسيم الانتخابية.

وبتدقيق بسيط، بدأت حماس في دعايتها التركيز على أنها تخوض المرحلة الأولى من انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير، وكانت هي دون غيرها من يستخدم ذلك التعبير، حيث الآخرين بما فيه حركة فتح (م7)، يشيرون الى الانتخابات البرلمانية أو التشريعية، ولم يكن استخدام حماس عفويا، او محاولة للتباين، كما يظن البعض، بل هو جزء من "استراتيجية جديدة" مركزها الرئيسي منظمة التحرير الفلسطينية.

ورافق التعبير حملة إعلامية مكثفة من رئيس حماس هنية وقيادات أخرى حول "استعادة" منظمة التحرير وتطويرها لكي تصبح "سلاح مقاومة"، وبعيدا عن "التعابير اللغوية" او ما يقال " الإنشائية"، فالجوهري الذي بدأت حماس التخطيط له دخول منظمة التحرير والسيطرة عليها، وتوافق ذلك مع تكثيف "رواية بديلة" للرواية الفلسطينية عامودها حماس وليس الثورة الفلسطينية، بل أن روايتها تتجاهل كليا مسار الثورة المعاصرة، التي شكلت رافعة النضال الوطني.

حماس تدرك أكثر من غيرها، أن منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية فقدت مكانتها الكفاحية، بل وغاب قرارها لصالح "فرقة مصغرة" لتصبح هي مصدر القرار "صناعة وتنفيذا"، ومنذ عقد أخر دورة للمجلس الوطني أو بالأدق مجلس المقاطعة، وهو فاقد الشرعية، بدأت عملية انحدار المنظمة بشكل متسارع، فلم يعد هناك أي حضور حقيقي لها، بل أنها بلا أمين سر منذ أشهر بعد رحيل صائب عريقات، وبلا رئيس صندوق قومي منذ 2018، في سابقة لم تحدث منذ عام 1964.

إنهاك منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية شكل أداة كي تستفيد منها حماس في التعبئة نحو هدفها المركزي الكامن، والمطالبة بضرورة "استعادة" منظمة التحرير دورها وتطويره لخدمة ما أسمته "محور المقاومة"، كلام ولكن هل يراد به حقا أم غيره، تلك هي المسألة التي تحتاج الى تدقيق على ضوء سلوك حماس السياسي وعلاقتها ودورها وتجربتها في الحكم الخاص بقطاع غزة.

ويبدو أن الأمر، لن يتوقف عند دخول منظمة التحرير ومحاولة "إزاحة" فتح عن الدور القيادي فيها، بل بدأت رحلة الذهاب الى رئاسة منظمة التحرير التي تترنح كثيرا في عهد الرئيس محمود عباس، خطة لن تكون في عجلة من أمرها، كي لا تفتح عليها "غضبا مفاجئا" من أطراف محلية وإقليمية وربما دولية، ولكنها وضعت الخطوة الأولى نحو هدفها القادم لرئاسة منظمة التحرير.

ووفقا لمسار حركة حماس، لا يوجد راهنا شخصية مركزية تتمتع بمواصفات للمنصب الأول في منظمة التحرير سوى خالد مشعل، تجربة وعلاقات متعددة عربية ودولية، وينظر اليه من قبل أوساط أمنية وبحثية أمريكية أنه "الأكثر اعتدالا" في قيادة حماس، وعام 2009 لفت الاهتمام كثيرا بتصريحه حول إمكانية قبول "دولة فلسطينية مؤقتة" في حدود عام 1967، مع شروط لغوية تعيد للذاكرة الفلسطينية شروط القيادة الفلسطينية بعد إقرار البرنامج المرحلي عام 1974، فأرفقت من صفات السلطة الوطنية ما يحيلها الى سلطة "الحرب الدائمة".

عودة مشعل الى منصب قيادي في حماس ليس "تكريما" لمسيرة أهم رئيس لها، بل هي خطوة أولى نحو "رجلة الألف ميل" السياسية وصولا الى منصب الرئاسة الفلسطينية بعد عباس، أو بحضوره، وعبر بوابة منظمة التحرير التي لن يستطيع الهروب من استحقاقها الوطني كثيرا...

مشعل الى الرئاسة...ذلك هو الشعار الذي ستبدأ حملة حماس الإعلانية بترويجه في قادم الأيام، ولن تضع "فاصلا" بين رئاسة السلطة والمنظمة راهنا، لكن عينها الحقيقي يبقى رئاسة منظمة التحرير لقيمتها التمثيلية...

الحياة السياسية تتفاعل دوما مع من يحسن الحراك "صوابا كان أم خداعا"...لأنها لا تنتظر البلداء أبدا!

ملاحظة: اختيار الشاب أبو معروف نهاية لحياته شنقا ذاتيا بدل الموت جوعا وقهرا من قرار "قراقوشي"...هل يكون شوقي "الفدائي" الذي سينقذ كرامة ألاف من بني فلسطين عرضة لمصير غير انساني..اهانة وتجويع..لروحك السلام يا "شهيد الجوع".

تنويه خاص: اختار مدع من أحد قيادات الحركة الإسلاموية في تونس الكذب الصريح في أول أيام رمضان فاخترع لقاء بين الرئيس قيس سعيد وإسرائيليين في مصر...طلع مش "شيخ زفة" بس، بل و"غبي زفة" لأن مصر دورا ومكانة أعلى قيمة من "خزعبلات"..لكنه الحقد الأعمى!