"صواريخ غزة الرمضانية"... تلاعب سياسي مكروه!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 منذ أن حققت حركة حماس مطالب خاصة عبر "تفاهم التهدئة"، الذي أنتج معادلة "المال مقابل الهدوء"، وقطاع غزة ابتعد عن "عدوانية إسرائيلية" واسعة، حيث منحت تلك المعادلة لطرفيها بعض ما يرغبان، فالكيان وجيشه لا يبحثان "حربا شاملة" نحو القطاع، لأهداف متعددة منها ما يمكن أن يكون ثمنا مربكا، وعدم هز حكم حماس لتكريس الانفصالية التي قدمت له "الجائزة الكبرى".

فيما حماس تدرك أن أي حرب واسعة، أي كانت خسائر "العدو الوطني – القومي"، قد تكون قاضية لها بالمعنى العام، خاصة وأن أهل قطاع غزة لا زالوا حتى ساعته يعيشون نتائج "ويلات" حروب ثلاثة لم تنته آثارها بعد، ويبدو أنها لن تنتهي في ظل الحالة الانقسامية، والحصار المفروض بكل أشكاله.

ولكن بين حين وآخر، تخرج بعض "قنابل صوتية" أو "بلالين ملونة مفخخة" لتكسر حركة "الرتابة السائدة في ظل المعادلة الأمنية الأهم لدولة الكيان من جهة، ولحماس من جهة أخرى، فكلاهما حقق كثيرا مما يريد عبرها، ولذا يأتي رد الفعل على كل الأحداث متسقة مع محدوديتها، دون تجاوز الممكن – المسموح.
ولعل الاستثناء الوحيد كان بعد اغتيال القائد في حركة الجهاد أبو العطا، حيث كسرت المعادلة بفعل "جهادي"، كاد أن يذهب أبعد من رد فعل "محسوب"، لولا استنفار حماس لكل قواتها الأمنية والسياسية، بل وصل الأمر بالجهاز الدعوي في حركة حماس بكيل تهم "مقرفة وطنيا ودينيا" للجهاد، كشفت أن "الباطنية الثقافية" حاضرة جدا، ويمكنها أن تقفز في أي لحظة خلاف.

ومنذ أيام، عادت لعبة إطلاق "الصاروخ المنفلت"، دون غاية محددة، أو رؤية واضحة، وكأنه بحث عن "تسلية رمضانية" تنادي على "المسحراتي" ليطلق نيرانه، لعبة تحمل كثيرا من الأسئلة وعلامات الاستفهام، كونها ليست تعبيرا عن "مقاومة" او "مواجهة"، بل لا زالت "لقيطة" بلا نسب معلوم كدليل لغايتها، ولذا لا يمكن اعتبارها "غاية وطنية".

ما يحدث هو محاولة حمساوية لجذب الانتباه، بأن قطاع غزة هو "أصل المعادلة" ومركز القرار الأمني ومنه يشتق السياسي، وهي قبل غيرها لها مصلحة بين حين وآخر بذلك الفعل الذي يبقى تحت السيطرة المطلقة، كي لا يصبح رد الفعل خارج عن السيطرة، مناورة تبقى الخبر الحمساوي في نشرات أخبار عبر "مظهر صدامي مع دولة الاحتلال"، ما يجلب تعاطفا شعبيا خارجيا أكثر منه داخليا.

ولا يستبعد أنها جزء من "مناورة حمساوية" كدعاية انتخابية، من خلال صدام ما مع عدو أي كان يمنحها "ميزة ما" على كل منافسيها، ودون خسائر يمكن أن تكون مكلفة وضارة، أو استجلاب ذريعة غير مباشرة في لحظة ما لاستخدام ذلك عنصرا لتأجيل الانتخابات رغم كل ما تقول حماس أنها رافضة لذلك، لكن فوائدها من التأجيل قد تفوق كثيرا فوائدها من إجرائها.

ولا تخرج مناورة "التسخين المسبق" لمواجهة موسعة قد تحدث في لحظة ما، ارتباطا مع أحداث إقليمية ترتبط بالملف الإيراني، والوضع في لبنان، خاصة وأن دولة الكيان لا تضع "حدودا فاصلة" بين حكم حماس والعلاقة مع إيران، رغم الفوارق الكبيرة.

رد فعل حماس على الصواريخ "اللقيطة" لا يشير أن هناك طرف غيرها مسؤول عما يحدث، وأنها تتحكم بتلك "المناورة"، وربما هي رسالة جانبية أيضا للكيان، بعد أن بدأت بعض الشخصيات الأمنية به تطالب بالمفاوضات المباشرة مع حماس، وكان أبزرهم رئيس الموساد السابق هاليفي، وهي دعوة قد تكون الأولى منذ 2006، ما يزيد من "شهية حماس السلطوية" وتبحث تعزيزها برسائل أمنية.

المناورة مكشوفة، ولكن هل يمكن الاعتماد على "حسن نوايا" العدو القومي كثيرا، وهل يمكن تجاهل أن الأمر قد يتحول الى حالة تدميرية ثمنها قطاع غزة بكل ما فيه، وهل يمكن الرهان على أن العصابة الفاشية الحاكمة في تل أبيب ستحافظ على "حكم حماس" تحت أي ظرف كان...

محاولة بعض حماس اتهام آخرين ليست سوى محاولة "ساذجة" ومكشوفة جدا، لا يحتاج الأمر سوى قراءة تصريحات ناطقي حماس وسلوك أدواتها الأمنية ليكتشف أنها مناورة مستجدية "مكاسب ما" لا أكثر...ولكنها قد تذهب في "غفلة ما" نحو ما ليس مرغوبا، فحاذروا لو كان هناك رغبة في الحذر أصلا!

تنويه خاص: تزامن ذكرى استشهاد أمير الشهداء أبو جهاد الوزير والمهندس عبد الرنتيسي في 16/ 17 أبريل / نيسان لتيها تكون انطلاقة لرؤية بأن الفلسطنة ليست ملكا لطرف...الوطن أو بقايا الوطن يستحق أفضل...فهل يفقه المتنافرون!