يشهد سوق الإسكان في الولايات المتحدة أدنى مستوى للعرض في تاريخه، ما أثر بشكل متزايد على الأسعار وحجم المبيعات، في ظل ارتفاع الطلب، ودفع بعض المشترين أحيانا إلى توجيه "رسائل عاطفية" لاستمالة البائعين.
وانخفضت المبيعات المعلقة للمنازل، وهي مقياس للعقود الموقعة، بنسبة 10.6 بالمئة وعلى نطاق أكبر من المتوقع في فبراير مقارنة بشهر يناير، وفقا للجمعية الوطنية للوسطاء العقاريين.
وارتفعت أسعار المنازل في عموم الولايات المتحدة إلى أعلى معدل لها في 15 عاما، وبنسبة تجاوزت 11 بالمئة.
وتزايد الطلب على المنازل بشدة، لدرجة أن شركة "ريدفين" للوساطة العقارية، تفيد بأن ما يقرب من نصف البيوت باتت تباع في غضون أسبوع من دخولها السوق، وهذا قياسي.
المحلل الاقتصادي شريف عثمان، أرجع أسباب ارتفاع الطلب على العقارات في الولايات المتحدة إلى عدة عوامل، "أهمها انخفاض أسعار الفائدة على القروض العقارية إلى مستويات تاريخية تقل عن 3 بالمئة، علما أنها كنت تصل في ثمانينيات القرن الماضي إلى 17 بالمئة".
وأضاف عثمان، أن من بين العوامل الأخرى، "زيادة ثروات الأغنياء، بما يقدر بـ1.3 تريليون دولار، خلال العام الماضي، وتبحث هذه الأرصدة الجديدة عن أصول لشرائها، وتجد في سوق العقارات فرصا استثمارية مغرية".
ويجمع على ذلك يوسف زروال، وهو مدير شركة للوساطة العقارية في منطقة العاصمة واشنطن ومحيطها، ويضيف لموقع سكاي نيوز عربية، أن "انخفاض العرض وارتفاع الطلب، أديا أيضا إلى ارتفاع مطرد في الأسعار".
ويشير زروال إلى أن "الكثير من المالكين أعادوا، مع انخفاض أسعار الفائدة، تمويل قروضهم العقارية وباتوا أكثر تمسكا بمنازلهم، في حين لا يتماشى معدل بناء المنازل الجديدة مع حجم الطلب المتزايد في السوق".
يستبعد زروال أن تشهد الأسواق العقارية انهيارا كما حصل إبان الأزمة المالية عام 2008، ولكن "قد يحصل استقرار للأسعار وتباطؤ في السوق مع نهاية العام الجاري، لأن الأسعار الحالية تؤثر على قدرة المشترين على اقتناء منازل، ما قد يؤثر بدوره على الطلب".
ويلاحظ زروال أن "القروض العقارية التي قدمتها البنوك خلال العقد المنصرم، استوفت شروط التحقق من القدرات المالية الحقيقية للمقترضين، على خلاف الفترة التي سبقت 2008، حين كان كثيرون يتلاعبون ببياناتهم في ظل تساهل المصارف".
الخبير الاقتصادي شريف عثمان، يرفض تشبيه انتعاش الأسواق العقارية في الولايات المتحدة بالفقاعة، "لأن ارتفاع الطلب يقوم على عوامل حقيقية، منها تراجع حركة بناء المنازل منذ أزمة 2008، في حين أن السوق تحتاج إلى عدد كبير من الوحدات السكنية لتلبية الطلب المتصاعد، وخصوصا منذ بداية تفشي كوفيد-19 واضطرار كثيرين للعمل من المنزل".
وفي ظل ارتفاع الطلب مقابل انخفاض العرض، فإن معظم البائعين يتلقون عروضا عديدة للشراء فور طرح منازلهم في الأسواق.
وبات من الشائع، وفق ما ذكرت مجلة "واشنطنيان"، أن يفعل المشترون ما بوسعهم، في محاولة لإقناع البائع باختيارهم دون غيرهم لشراء العقار، مثل رفع السعر إلى مستوى أعلى، والتنازل عن بعض الشروط.
لكن هناك تكتيكا آخر ظهر في الأشهر الأخيرة، وهو كتابة المشترين "رسائل عاطفية" للبائعين وما يعنيه العقار بالنسبة لهم ولعائلاتهم، مع معلومات مفصلة عنهم وعن أفراد أسرهم، وأعمار أطفالهم وهواياتهم، إضافة إلى أسماء أصدقاء وأقارب يعيشون في المنطقة المجاورة للمنزل الذي يحاولون شراءه.
ونقلت المجلة عن بعض الوسطاء العقاريين، أن كثيرين من المشترين يرفقون طلباتهم بصور لعائلاتهم، متضمنة تصوراتهم الحالمة لحياة الأسرة في المنزل المنشود، مثل لحظة نزول أطفالهم من غرف نومهم صبيحة عيد الميلاد!
المصدر | سكاي نيوز عربية