بلا شك فيه بان هناك حقيقة يجب ان نبدا بها بان النظام السياسي الفلسطيني الذي يتزعمه الرئيس محمود عباس يعاني من اهتزازات ضخمة ومشاكل معقدة انعكس هذا على مجمل الاوضاع الفلسطينية السياسية والاجتماعية والاقتصادية حتى الصحية ، وبالتالي الازمة الداخلية في داخل حركة فتح انعكست على الكل الفلسطيني ، وفي ظل عملية تيه سياسي ووطني وجمود في العملية السياسية التفاوضية التي بداتها قيادة حركة فتح باسم منظمة التحرير الفلسطينية منذ عقود والتي لم تنجز اي من الاهداف الوطنية سوى مزيد من التهتك لهذه الحركة التي انطلقت من اجل التحرير ولم تنطلق لكي تؤدي اغراض امنية واقتصادية في ظل اهمال الثوابت الفلسطينية التاريخية ، ومن هنا قد نبدا في احدى الانهيارات المهمة لحركة فتح ما بعد توقيع اوسلو وتداعيات وجود حركة فتح على راس السلطة التي فقدت قائدها ورمزها ياسر عرفات في ظل خيارات دولية واقليمية للتخلص منه بالاضافة للتوافق مع بعض الاطراف الفلسطينية .
المهم هنا في ظل ما يسمى نهج الواقعية وتسلم الرئيس عباس مقاليد السلطة في فتح ومنظمة التحرير وسيطرته على كافة المؤسسات الاخرى وحل المجلس التشريعي وتدجين القضاء وعدة قرارات دعمت الانقسام ولم تعالجه واضعفت حركة فتح وانتشار الفساد في الدائرة الضيقة لاسرة الرئيس ومن يحيط به ، حيث تعاني السلطة من اعلى مديونية داخلية وخارجية وتقارير بالعشرات تتحدث عن ارصدة اشخاص وعائلات متنفذة في السلطة ، في حين ان الشعب الفلسطيني بكامله يعاني من الفقر والبطالة والجوع ولم تسخر كل ما ورد من اموال لتدعيم صمود الشعب الفلسطيني من خلال سلطة قالوا عنها انها نواة الدولة الفلسطينية ، ولكن الامور تختلف بين الشعار والتطبيق على الارض ، فالشعب الفلسطيني في الداخل كما قلت يعاني من ازمات حادة وانقسام يسعى كل من محمود عباس وقيادته لحركة فتح الرسمية و حماس في غزة الى المحاصصة والتقاسم في ظل واقع يعترف به كل من الطرفين بان كل منهما لن يلغى الاخر وبالتالي سقطت حجج الرئيس عباس في العقوبات التي استهدفت الموظفين وكوادر حركة فتح في قطاع غزة .
ربما اتت الانتخابات ليست برغبة وطنية وان كانت هي استحقاق وطني في ظل قبول امر واقع واكل مراحل وحرقها في حركة التحرر الوطني ولكن تعامل الشعب الفلسطيني مع الضغوطات الدولية والاقليمية لتحديث النظام السياسي بايجابية وبـ36 قائمة انتخابية عله يخرج من هذا المازق الذي وضعه فيه راس النظام السياسي الفلسطيني وعدد من الافراد الذين يحيطون به والمتنفذين فيه .
المهم لا نريد ان ندخل هنا على المناخات والظروف التي دعت لفصل عضو اللجنة المركزية محمد دحلان من فتح وقد تحدثنا فيها سابقا عدة مرات بل كان هذا القرار قد عزز نهج اراد ان يدمر حركة فتح والسلبيات ان كانت موجود فيجب ان تعالج من خلال النظام الداخلي لحركة فتح وليس الفصل ، واذا كان هناك ادعاء بالفساد فالواقع ماثل امامنا ايهما كان هو على راس الفساد السياسي والاقتصادي ؟ وتجيير المال العام لصالح اسرته والمحيطين به ! ... ولكن اريد ان اذكر هنا ايضا هؤلاء الذين يتماهون مع نهج وسياسة عباس ويمتلكون مزارع العنب في الخليل وضواحيها وطولكرم وجنين اليست مزارعهم تلك مهددة بالتهويد ؟! ام يرتكزون ما تحتوي ارصدتهم بالخارج ومنهم من حصل على جنسية اسرائيلية ومنهم من يحاول وحاول ان يحصل على جنسيات اخرى .. المهم هنا هذا ملف كبير يفتح تبويبات كبيرة على سلوك ونهج وبرنامج بدا من قبل اوسلو واستمر وتضخم اثناء اوسلو .
ما يهمني الان هو التيار الاصلاحي لحركة فتح الذي يتزعمه عضو اللجنة المركزية السابق محمد دحلان فلم يعد محمد دحلان يمثل نفسه او يمثل العشرات من جهاز الامن الوقائي السابق وان كانوا هم مازالوا النواة الصلبة للتيار الاصلاحي ، ولكن هذا التيار اصبح من عمق تفهمه للمرحلة وما طبقه من برامج على الارض واسع الانتشار والعطاء ايضا ً في ظل الفقر وتهتك الحالة الاجتماعية الفلسطينية ، وفي ظل تقاعس التيار الرسمي عن معالجة كل القضايا الاساسية للشعب الفلسطيني في الداخل .. اما الخارج فحدث فلا حرج !
التيار الاصلاحي الذي بدا فعليا من عام 2011 يختلف عن التيار الاصلاحي عام 2017 ويختلف ايضا عن التيار الاصلاحي عام 2021 وما حمل هذا العام من وقائع على الارض ومفاوضات بين طرفي الانقسام في ظل ايضا ازدياد حالة السوء والفقر بالتحديد في قطاع غزة وما تعاني المخيمات الفلسطينية من اهمال لبنيتها التحتيى في الضفة الغربية وفي لبنان ، فكان عطاء التيار الاصلاحي مدعوم بحقيبة مالية من بعض الدول الاقليمية ورجال الاعمال هو التيار الذي يفعل ويعمل في ظل تفهمه ايضا وبعمق لمتطلبات المرحلة ومستوجبات الحضور بين القواعد الشعبية والمؤسسات المدنية ، فالتيار الاصلاحي له مؤسساته التنظيمية والامنية والاقتصادية وكذلك في المنظمات الشعبية اي امتدت عروقه الى كل نواحي مكونات النظام السياسي والحالة الاجتماعية الفلسطينية ... التيار الاصلاحي ضمن توافقات بين السنوار ومحمد دحلان والمشهراوي وبرعاية مصرية يعمل في قطاع غزة بحرية كاملة وملاحق في الضفة وضمن شروط محددة في لبنان .
يرى التيار الاصلاحي ان يخوض معركة الانتخابات المفروضة على واقع الشعب الفلسطيني لكي ياخذ الشرعية في النظام السياسي الفلسطيني سواء في السلطات التنفيذية او التشريعية لكي يتمكن من تنفيذ مبادئه التي يعمل بها من دعم صمود الشعب الفلسطيني مع التدقيق فيما هو المهم والاهم في هذه المرحلة ، فانقاذ ما يتم انقاذه الان هو المهمة الاساسية للنهوض بالمجتمع الفلسطيني في ظل تحدي لواقع الفصائل العاجزة عن تقديم الخدمات للشعب الفلسطيني وفي ظل فقدان تلك الفصائل عن اي برنامج اعتمدته في الستينات والسبعينات حتز الثمانينات في قضية التحرير واصبحت معطيات اوسلو مفروضة على الارض لا يمكن الخروج منها الا بقرار كيوم القيامة .
من هنا ينظر التيارا لاصلاحي للعملية الانتخابية كوسيلة للتغير في توافق نسبي مع وجهات النظر لبعض دول الاقليم والقوى الدولية علما بان هناك حقيقة بان الشعب الفلسطيني لا يمتلك الحرية الكاملة في اي عملية تغيير بدون دعم اقليمي او دولي وهو المؤثر في المرحلة القادمة .
ولكن ماذا لو تم الغاء الانتخابات التي تفهم حقيقة واحدة منها بان اي نتائج للانتخابات لن تمكن اي طرف من تشكيل حكومة وتحوز على النصاب القانوني في التشكيل ، وبرغم ان جميع القوى ايضا بدات تدرك بان التيار الاصلاحي يهدد مساراتها وانتشارها بين الجماهير ، وقد يكون هو الرقم المقرر والمعطل لاي تشكيل قادم في المجلس التشريعي او الحكومة المفترض ان تكون بناءا على النتائج ، ومن هنا اتى مبدا الغاء الانتخابات الترويج لها من قبل مسؤولين في السلطة في حين مازالت حماس طامعة ايضا في ان تحصد الاغلبية في الضفة الغربية على الاقل وتقوم بدور التقاسم الشبه كونفدرالي او الفيدرالي مع الضفة الغربية وغزة ودخول النظام السياسي من اوسع الابواب ، في حين انه مازالت الادارة الامريكية وبايدن ومسؤول الشاباك الاسرائيلي ينظرون الى ان حماس قد تهدد العملية السلمية وحل الدولتين وهذا ما صرح به مئير بن شبات مسؤول الامن القومي الاسرائيلي بان هناك عدة مسؤولين في السلطة نقلوا رؤية محمود عباس بضرورة تاجيل الانتخابات.
اذا الايام القادمة ستتضح الرؤية بناءا على حسابات محمود عباس وحماس والمصالح المشتركة التي قد تحقق رغبات كل منهما .
ولكن ماذا عن مستقبل التيارالاصلاحي في ظل عدم اتمام العملية الانتخابية وتاجيلها .. كما قلت سابقا ان التيار الاصلاحي من الاهداف الاساسية له الان اخذ الشرعية من خلال قبة البرلمان سواء بالعمق الذاتي الفلسطيني او الاتاحة له بالانتشار الاكثر والاكبر مع دول الاقليم والعالم وطرح برنامجه الذي لا يختلف كثيرا عن برنامج منظمة التحرير الفلسطينية القائم ولكن استحضر لدي متطلبات المرحلة ودعم الانسان الفلسطيني وصموده على الارض امام عقوبات وتخبط من محمود عباس ومنظومته ونهجه طبعا بالاضافة للاحتلال ، ولكن ارى ان تاجيل الانتخابات ليس نهاية المطاف امام نشاطات التيار ا لاصلاحي بل اذا استمرعلى نفس برنامجه في دعم صمود الشعب الفلسطيني سيحقق مزيد من الانجازات والمتطلبات التي يريدها مستويات متعددة في الشعب الفلسطيني فهو الان كما قلت له حضور سواء عند العامة او في المؤسسات الشعبية والتنظيمية فيجب على التيار الاصلاحي ان لا يرى من تاجيل الانتخابات هي عقبة امامه لدخول الشرعية الفلسطينية من اوسع ابوابها بعد ان فشلت كل المحاولات للملمة حركة فتح والبحث عن وحدتها ضمن النهج الواحد امام تعنت محمود عباس ومن يدور في دائرته والذين يرون وحدة هذه الحركة تهديد لمصالحهم في هذه المرحلة .