حكومة لبيد والأقزام السبعة!

حجم الخط

بقلم: ناحوم برنياع

 


ثمة شيء مثير للحفيظة، محرج، في استناد مناهضي بيبي الى رفض سموتريتش وبن غبير. صوصان كهانيان يعدان، الآن، سياسيين يصران على مبادئهما، غير قابلين للرشوة، شجاعان، أي أنهم قدوات. من شدة الحماسة ينسون ما هي المبادئ التي باسمها يعملان. ما هي الأيديولوجيا: واحد حريدي قومي، والثاني كهاني، والثالث كاره للبشر، وثلاثتهم يرتبطون بكراهية مشتركة لنمط الحياة، القيم، والآراء لدى باقي الإسرائيليين.
لقد أدخل نتنياهو الطفرة السموتريتشية الى التيار المركزي لليمين. الكثير من حبكات بقائه جديرة بالغفران وبعضها يثير الحماسة، ولكن خطيئة السموتريتشيين لديه لا تغتفر. لو لم يدعُ مرارا وتكرارا الناخبين للتصويت لهم، لما كانت لهم فرصة للوصول الى الكنيست. حذروه، حتى من على هذه الصفحات، من أنه يدخل ظلا الى القصر: قالوا له انه لا يقدرهم بما يكفي، وانهم لن يعملوا من أجله. اما هو فرفض السماع.
والآن، عندما يهدد سموتريتش بإخراج نتنياهو من بلفور، فإن المفارقة تصرخ الى السماء. بيبيون ممن صوتوا بتأثير زعيمهم للقائمة الحريدية القومية يشعرون بأنهم طعنوا بالخيانة. وغضبهم يذكر بغضب ناخبي العمل الذين ادخلوا اورلي ليفي ابقسيس الى الكنيست فقط كي يجدوها بعد ذلك في الكتلة المضادة. في هذه الحالة كان الغضب زائدا: فرؤساء قائمة الصهيونية الدينية لم يخدعوا أحدا. وفي اقصى الأحوال يمكن اتهامهم بنكران الجميل. يبدو أن بن غبير وسموتريتش ليسا جنتلمانيين؛ قصة كبيرة.
رفض سموتريتش يفتح شقا لاقامة حكومة بديلة. إذا ما قامت حكومة كهذه – والف خط تحت إذا – فإنها ستكون مختلفة عن كل الحكومات التي سبقتها. كانت لنا حكومات يسار ويمين ووحدة، حكومات تمتعت بأغلبية كبيرة وحكومات اقلية. لكل واحدة منها كان محور مركزي او محوران مركزيان، وأحزاب تدور بالفلك في الهوامش. اما هذه الحكومة فستكون حكومة رقع، لوحة فسيفساء من ثمانية أجزاء، ان شئتم، لبيد والأقزام السبعة. قوتها ستكون في ضعفها: كل من يبحر في هذا القارب يمكنه أن يغرقها في كل وقت، ولكنه سيغرق معها. الاغراء سيكون كبيرا؛ والعقاب اكبر منه.
النسغ الذي ربط معا أحزابا من «المشتركة» و»ميرتس» حتى ليبرمان وساعر، كان الاعتراف بالحاجة الى انهاء ولاية نتنياهو. وستزاح هذه الحاجة جانباً في اللحظة التي تتشكل فيها حكومة لا يقف على رأسها. والمقارنة الواجبة هي مع التغيير في البيت الأبيض: رحل ترامب ويتصدى ائتلاف مضاد لترامب لغيابه. يتلقى بايدن الضربات، الآن، ليس فقط من اليمين الجمهوري، بل من اليسار التقدمي أيضاً. في هذه الاثناء يؤدي المهمة على نحو جيد. فهل حكومة الركع التي سيشكلها لبيد وبينيت ستفي بها أيضا؟ هل سيكون فيها ما يكفي من الثقة المتبادلة، الاحترام، ضبط النفس، والتسامح؟ هل الشبكات الاجتماعية لن تذبحها، كل يوم؟
نتنياهو، كتلته ومؤيدوه، سيهاجمونها في كل سبيل: سياسيا، قانونيا، سريا. الكثير من المال الأجنبي، الخفي، سيستثمر في المشروع؛ الكثير من النية المبيتة. مثلما تعلم اولمرت على جلدته، ومثلما تعلم ليبرمان وبينيت وساعر، نتنياهو هو خصم لا يفرز الأدوات. عندما خسر نتنياهو في الانتخابات في العام 1999 ذهب ليخدم بيته. من المشكوك فيه أن يتصرف هكذا هذه المرة. فهو يريد أن يكون الفارس على الحصان الأبيض الذي يعود الى بلفور، لإنقاذ الوطن.
في مثل هذه الأجواء من الصعب تخفيض مستوى الشك بين رؤساء الأحزاب، وتحطيم الاسوار التي نشأت بين اليمين واليسار، اليهود والعرب، العلمانيين والمتدينين، والوصول الى قرارات ذات مغزى، موضوعية، بروح طيبة. حكومة لا تتخذ قرارات تفتقد الى ثقة الجمهور؛ حكومة تتخذ قرارات تخاطر بمغامرات داخلية: التوتر مضاعف عندما تعتمد الحكومة على ثمانية أحزاب من الحائط الى الحائط.
في الخلفية توجد محاكمة نتنياهو، الغائب/ الحاضر عن اللعبة السياسية وفيها. حكومة برئاسته ستعين نائبا عاما للدولة ومستشارا قانونيا للحكومة من مؤيديها. والهدف سيكون إعطاء نتنياهو صفقة قضائية مخففة تسمح له بمواصلة مهام منصبه. اذا اقامت كتلة مناهضة نتنياهو الحكومة سيكون مصير المحاكمة مختلفا. قد تكون صفقة قضائية ولكنها ستكون اكثر تشددا. مهما يكن من أمر من المشكوك فيه أن تستنفد المحكمة الإجراءات القضائية.
اذا لم تعط الـ 28 يوما التي أعطيت لنتنياهو ثمارها، سيعود القرار الى الرئيس. ينبغي الامل في أن يأتي هذه المرة لبيد، بينيت، ساعر وليبرمان مع اسم ومع خطة متفق عليها لتغيير الحكم. هذه المراوحة الكريهة في المكان يجب أن تتوقف: يوجد اجماع وطني على هذا.

عن «يديعوت»