لبنان | مساجد "طرابلس" معالم تاريخية تتزين في رمضان

لبنان
حجم الخط

رام الله - وكالة خبر

طرابلس هي عاصمة شمال لبنان، ثاني أكبر مدنه بعد العاصمة بيروت، تُكنى بالفيحاء وجذورها ضاربة في عمق التاريخ، إذ تضم أكثر من 160 معلما تاريخيا بين قلعة ومسجد وسوق، وقد أكسبها هذا الغنى التاريخي صفة "المدينة الأولى بالتراث" على ساحل شرقي المتوسط.

كما تعد الثانية بآثارها المملوكية بعد القاهرة، وتمثل متحفا حيا يجمع بين الآثار الرومانية والبيزنطية والفاطمية والصليبية، والعمارة الإسلامية المملوكية.

مساجدها متلألئة دوما في شهر الصوم، والعديد منها بحاجة إلى ترميم كي تبقى شاهدا عبر الأجيال.

موقع "سكاي نيوز عربية" زار المدينة، والتقى رئيس لجنة الآثار والتراث والسياحة فيها، البروفيسور والمهندس المعماري المتخصص في الترميم، عضو مجلس بلدية طرابلس خالد تدمري، الذي أشار إلى أن عدد المساجد والتكايا والزوايا والمدارس الدينية في طرابلس "يفوق عدد أيام السنة".

وأضاف: "في سجلات المحكمة الشرعية ما يزيد عن 365 مبنى دينيا، كانت تُدرس فيها مختلف العلوم".

وتابع تدمري: "المسجد المنصوري الكبير، أكبر مساجد طرابلس ولبنان على الإطلاق، أمر ببنائه السلطان الأشرف خليل بن قلاوون عام 1294، واليوم بقيت باحة المسجد الكبير تحل مكان الساحة الرئيسية في المدن الحديثة".

وأضاف: "من أجمل مساجد لبنان، مسجد الأمير سيف الدين طينال، بفنه المعماري وزخرفته، والذي يضاهي عمارة مساجد المماليك في القاهرة وحلب ودمشق".

وأردف: "يأتي في المرتبة الثالثة مسجد عيسى بن عمر البرطاسي، وهو في الأساس مدرسة ومسجد في آن واحد، ويتميز بعمارته الفريدة وبوقوع مئذنته الضخمة فوق عقد الباب الرئيسي، وفيها تحدِ معماري كبير وفي عمارته تأثيرات أندلسية".

لماذا التأثر بعمارة الأندلس؟

وردا على هذا السؤال، أوضح البروفيسور تدمري: "ما يميز مساجد طرابلس المملوكية دمجها بين فنون وعمارة المماليك في القاهرة، والعمارة المحلية في بلاد الشام، والعمارة المغربية الأندلسية، لأن المعماريين الذين قدموا مع المماليك من القاهرة لبناء طرابلس بعد تحريرها من الإفرنج، كانوا قد تركوا الأندلس قسرا بعد طرد المسلمين منها".

رمضان والمساجد

وأضاف تدمري: "تشهد مساجد طرابلس حركة ناشطة في شهر رمضان، تتوزع بين الأسواق التجارية التاريخية والمساجد الحديثة المنتشرة في المدينة".

إلا أنه أشار إلى عدة مبادرات لترميم المساجد التاريخية، من بينها المسجد المنصوري الكبير في عام 2008، الذي رُمم عن روح الراحل رفيق الحريري، ويشهد حاليا عمليات تحصين من قبل لجنة شكلت لترميمه، برئاسة مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد الإمام".

وعن مسجد طينال، قال تدمري إنه "شهد أعمال ترميم قامت بها لجنة الآثار والتراث بالتعاون مع وكالة إيطالية، مع تنفيذ إنارة فنية له من الخارج ليظهر كتحفة بديعة، ويتلألأ في شهر رمضان المبارك".

وتابع: "جامع الأويسية أحد أجمل المساجد العثمانية في المدينة جرى ترميمه من قبل المديرية العامة للآثار، كما تم ترميم مسجد عيسى بن برطاس بالتعاون مع وزارة الثقافة التركية.. باقي المساجد التاريخية تنتظر الترميم".

غرفة "الأثر الشريف"

 ونوه تدمري إلى أهمية "غرفة الأثر الشريف" الموجودة في المدينة، والتي ستخضع للترميم.

وقال: "بالتعاون مع دار الفتوى، قمنا كلجنة آثار وتراث في بلدية طرابلس بوضع تصميم لإعادة ترميم غرفة الأثر النبوي الشريف الواقعة داخل الجامع الكبير، والتي تحولت إلى متحف إسلامي صغير، واستحدثت خزانة رخامية تحفظ فيها شعرة من لحية الرسول الكريم محمد، وهي أثمن الموجودات الدينية الإسلامية في لبنان كله".

وأشار إلى أن السلطان عبد الحميد أهداها إلى أهالي طرابلس عام 1309 للهجرة، عقب ترميمهم مسجدا أطلقوا عليه اسمه،" وجرت العادة أن تزار في آخر يوم جمعة من أيام شهر رمضان ويوم المولد النبوي الشريف".

 وتابع: "تعرض في الغرفة مقتنيات إسلامية تاريخية، كما تم إعادة بناء التكية المولوية في طرابلس المماثلة بالتكية المولوية في كونيا التركية".

وأوضح: "نطرق أبواب الجهات المانحة لما تحتاجه أعمال الترميم من احترافية في العمل، وتقوم دائرة الأوقاف الإسلامية بترميم المدارس المحيطة بالجامع الكبير، لتبدأ عملية تجهيز متحف داخلي يضم مكتبة تحتفظ بالمقتنيات، مثل مقتنيات دراويش المولوية".

وعن مسجد محمود بيك الزعيم، قال تدمري: "هو مجمع إسلامي يضم المسجد المعلق فوق الطريق وضريحه وقصره ومدرسة المحمودية وحديقة، وهو مبنى مملوكي فريد من نوعه في لبنان، بنته سيدة مجهولة في أيام المماليك منذ أكثر من 700 عام، بينما يعود تاريخ المسجد إلى 400 عام".

واختتم تدمري حديثه بالقول: "هناك عدد كبير من المدارس الدينية نبحث عن مصادر تمويل لترميمها، ونتطلع دائما إلى الجهات العربية والإسلامية".