"اللهُ أكبر عالعِدا ، هلا بالموت لعيونك فلسطين"
هتافات حب ممزوجة بغضب صدحت بها مآذن قلوب الفلسطينيين واهتزت لها شوارع الحارات العتيقة في قدس السلام التي ما رأت يوماً سلاماً ، متحدين متربصين لكل مستوطن تجرأ على تدنيس حرمة مقدساتهم في مشهد تثور له الأبدان !
فهم الذين تربطهم علاقة وثيقة بأرضهم تماماً كما يفعل الحبل السري للجنين في بطن أمه.
مدينة شامخةٌ تشد عضدها بأبنائها رَغمَ كلِّ الويلاتِ التي جَرّعها لها بَنو صَهيون .
فلسطينية أصيلة جمالُها يوسِفيٌ يستوطنُ قلبَ كلِّ مَن يَراها ، فتراهُ أسيراً بعشقِها ..
أبيّةٌ مُنزّهةٌ وأعرَق من أن يُدنِّسها ويهوِّدُها دخلاء مشتتين مجهولي الأصل والهوية.
تحمّلتْ وجودَهم عَلى أديمِها مُنذ سنون بعيدة ، انتهكوا حُرمتها ، غَزوها كسرطانٍ يُمَزِّق أحشاءَها.
استصرختْ وُلاةَ الأمرِ عَليها بكل ما أوتيت من قوة ، ونَاجت ضمائرَهُم علّها تُوقِظُهم مِن سُباتهم الغائم ولكنهم سكارى بمصالحهم ، فلم تُحرّكهم صَرَخاتِ مَن تَحتضِنُ مسرى نبيهم .
نادَتهُم بِملأ صوتِها رغم خَذلانِهم المُسبَقِ لهآ على مَرِّ التاريخ،
وفي كل مرة لا يرتدّ إليها سوى صَدَى مُناجاتِها الذي يعود مثقلاً بالخيبات ليصدح في أذنها مرة أخرى.
حزينةٌ ، مفطورٌ قلبُها ، لا أحداً مكترثٌ لأمرِها سوى أبنائها الفلسطينيين الذين طالهم ما طالها ، لا قوةَ لهم سوى حجارةٍ يُغَلِّفون بها أرواحهم ، وَيَقذِفُونَها على رؤوس المحتلين ، ولا يكترثون بما سيحِلُّ بهم ، فعِشقُ القدسِ الآبيةِ يملأ جوارحهم وتفيض به أعينهم ، والعاشِقُ يغيرُ على معشوقته ، فكيف لرجالِ القدس أن يسمحوا للصوص أغرابٍ بأن يتطاولوا على عِرضِهم، فهم قناديلها وقتما تخيم عليها ظلمات المحتل، قلعتها الحصينة ورؤوسها الحربية إذا تجرأ أحد على المساس بها، يحملونها بين حبات أعينهم، حباً لا يعكر نقاءه كلل أو ملل، آملين باستردادها يوماً ما.
وعلى الرغم من محاولات المحتل الحثيثة منذ زمن بعيد بأن ينتزع أصالة العاصمة الفلسطينية إلا أنه عبثاً يحاول ، ففي القدس رجال ثائرون يصطفون لهم بالمرصاد و لا يتاونون عن نصرة مقدساتهم ولو لطرفة عين.