أعادت شرارة القدس المنتفضة منذ أيام، حرارة الفعل في الجسد الفلسطيني المصاب بحالة سكونية منذ سنوات، عدا حركة اللسان متعدد اللغات، شرارة فعل طال انتظارها ليس لقيمتها دفاعا عن العاصمة الأبدية لفلسطين، دولة ووطنا، مقدسا سياسيا ودينيا فقط، بل لأنها حركت كثيرا مما وجب حراكه مع تنامي الحركة التهويدية، الخطر الأكبر على المشروع الوطني والقضية الفلسطينية منذ عام 1948، تهويد يطال الأرض والمقدس الحساس.
ولأن العجز الفصائلي، ساد المشهد العام طويلا عبر حالة انقسامية تمكنت بها دولة الكيان الإسرائيلي من تحقيق أخطر عملية اختراق للوحدة الوطنية، سياسيا ومجتمعيا وكياينا، عبر انقسام منذ 15 عاما، ستعمل بكل سبلها أن لا يصل الى نهايته، فهو "دجاجتها التي تبيض لها ذهبا سياسيا وفكريا"، وقربها الى حد النهاية من فرض مشروع التهويد كاملا في الضفة والقدس، والمساس بمكانة المسجد الأقصى والبراق، بعد اكتمال النفق التحت أرضي، الذي افتتح البناء فيه سفير أمريكا السابق في إسرائيل الصهيوني ديفيد فريدمان، دون ان تهز الأرض تحت قدميه أو أقدام دولة الكيان.
بدأت شرارة مقدسية، وقد تذهب الى حالة انتفاضية للشعب الفلسطيني كخطوة رئيسية لفك الارتباط، وتفتح حقا، وليس قولا "أبواب جهنم" على المحتلين ليذهب ريحهم الاحتلالي عن "بقايا الوطن"، وتشرق فلسطين دولة لأهلها ومواطنيها، بلا اغتصاب أمني أو سياسي...
وبديلا للمسارعة الفصائلية لاحتضان شرارة الانتفاض المقدسية، ذهبت سريعا جدا، وبشكل مثير للشبهة السياسية على محاولة "حزبنتها" عبر تصدير مشاهد تبدوا للوهلة وكأنها دخيلة على الوعي العام، بل وصل بالبعض ليس الادعاء بأنها "شرارتهم"، بل نشر هتافات "فتنوية" مثيرة لكل أشكال "القرف العام"، والكارثة أن سرعة بث "الفتنة الحزبوية" جاءت من طرفي "النكبة الانقسامية"، كل يدعي أنه مطلق الشرارة المقدسية، في عملية استغفال نادر للذاكرة الوطنية.
ما حدث خلال شرارة الانتفاض من طرفي "النكبة الانقسامية" يمثل رسالة الى العدو القومي، أن كل منهما يملك أوراق السيطرة على "الشرارة الانتفاضية"، ولكنهما يبحثان عن ثمن ما مقابل صفقة ما، رسائل تطعن مبكرا جدا روح الغضب الثوري، وتعرقل انطلاقتها، بل وتحاصرها مبكرا أن تبقى في محيطها، ولا تصبح ثورة غضب تحررية، أو تضع عملية "فك الارتباط" مع المحتلين وكيانهم على الطريق السريع.
ما كان يجب أن يكون، متعاكسا كليا لما حدث في الأيام الأخيرة، بأن تقود فصائل العمل الوطني وقواه وكتله السياسية متعددة المسميات، أفعالا متسقة متصاعدة في مدن الضفة أولا، وقطاع غزة ثانيا لتصبح هبة القدس شرارة الحالة الانتفاضية العامة، بدلا من الذهاب لطعنها مبكرا عبر بث "الفتنة الحزبوية" السامة، فليس مفهوما أن تسود حالة السكون الضفة الغربية عدا بعض ممن لم يحتملون صمتا، بأرقام عشرية، فيما قطاع غزة يتسابقون للهتاف اللغوي متخلين عن أهم "قوة ناعمة" يملكها أهل قطاع غزة، مظاهرات شعبية ليلية حاملة مشاعل النور الكفاحي، خالية من رصاص الأعراس و"صواريخ" عنوانها بات معلوما جدا.
إن كانت قوى البلاء الوطني عاجزة عن بناء "جدار واقي" لحماية الحالة الانتفاضية وتطويرها كي تكون هي الرد العام، فليتها تعود الى حيث كانت متفرجة وتهتف عن بعد بكل "شعارات الكلام الثورية جدا جدا"...
لا تطفئوا نور شرارة الهبة المقدسية بأمراضكم الحزبوية المستديمة، فرجتكم عن بعد قد تكون أكثر نفعا لها ولمسارها نحو التطور الكفاحي العام، دون ان يعيقها "مطبات صناعية" يتم وضعها من أصحاب الامتيازات الانقسامية.
ملاحظة: هل يعقل أن يصل الانحطاط ببعضهم نشر شتائم قمة الانحطاط الأخلاقي ثم يدعون أنهم "أهل دين"...كيف يمكن تزاوج الانحطاط مع الادعاء بالتدين العام...ليسلم الناس أولا من لسانكم كي تكونوا مسلمين مش متأسلمين!
تنويه خاص: دعوة رئيس الطغمة الإرهابية الحاكمة في تل أبيب نتنياهو "الأطراف كافة" الى التهدئة في القدس قمة السخرية السياسية...دعوة تكشف أنه يرى القدس وأهلها جزء من كيان دولته المغتصبة...الفضيحة أن فصائل اللغو لم يثيرها كلام الفاسد العام!