في كل تقويمات الوضع التي جرت، أول من أمس، في الكريا (وزارة الدفاع) في تل أبيت انشغلت المحافل جميعاً في موضوع واحد: تبريد القدس. تفهم كل المحافل – الجيش، المخابرات، الشرطة وهيئة الامن القومي – بأن تهدئة الخواطر في العاصمة فقط ستؤدي الى هدوء في باقي الجبهات، وبالعكس: اذا سجل تصعيد آخر في هذه الأيام الحساسة فمن شأننا أيضا أن نعلق في مواجهة متعددة الجبهات في غزة، في الضفة، في القدس، ويحتمل أيضا تجاه جهات اخرى ستسعى الى الاعراب عن التضامن.
من ناحية الجيش الإسرائيلي، رغم النار التي نفذت يوم الجمعة نحو بلدات الغلاف، فان مصلحة «حماس»، وبالاساس من يقف على رأسها، يحيى السنوار، هي الحفاظ على الحكم وعلى خطة التسوية، وليس في نيتها ان تقود الى تصعيد واسع. تفهم «حماس» بأنه توجد بعد قليل انتخابات في السلطة، وتطلق الاشارة فتقول: معكم ايضا بثمن المس بالتسوية، ولكن لا نريد حقا تشويش التسوية. اذا ما سجل هدوء، فان المعادلة التي يرسمونها في جهاز الامن هي «هدوء في القدس، هدوء في قطاع غزة». وعليه، في هذه الاثناء، لا يأخذون المخاطر، وأمر رئيس الاركان، أفيف كوخافي، بالاستعداد لامكانية التصعيد في القطاع. وبالتوازي نقلت سريتا حرس حدود من الضفة الى القدس وستعزز قوات مشاة من الجيش الإسرائيلي فرقة «يهودا» و»السامرة» (في الضفة).
وصرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أول من أمس، في ختام مداولات تقويم الوضع مع قادة جهاز الامن في قاعدة الكريا في تل ابيب انه وجه تعليماته للاستعداد لكل سيناريو أمني في ضوء اطلاق الصواريخ من قطاع غزة الى الاراضي الإسرائيلية. بل دعا الى «تهدئة الخواطر من كل الجهات»، في كل ما يتعلق بالمواجهات في القدس. وشارك في الاستعراض وزير الدفاع، بيني غانتس، ووزير الامن الداخلي، امير اوحنا، ورئيس الاركان، أفيف كوخافي، ورئيس «الشاباك»، نداف ارغمان، وكذا مفتش عام الشرطة، كوبي شبتاي. في جهاز الامن قلقون من انه لا توجد جهة واحدة يمكنها أن تهدّئ الخواطر مثلما كان في أزمة البوابات الالكترونية، حينما تنازلوا عنها فعاد الهدوء. وعليه فان التخوف الكبير هو من حالة تقود الى اشتعال كل المنطقة. «يجب تبريد القدس، وبسرعة»، قال مسؤول كبير في هيئة الاركان.
النار التي بدأت، يوم الجمعة، بالطبع باذن من «حماس»، نفذت لمسافات قصيرة حتى سبعة كيلومترات عن الجدار، وفي بعضها تضمنت قذائف هاون لتحدي منظومة «القبة الحديدية».
تم اعتراض ست صواريخ، معظمها سقطت في مناطق مفتوحة، واثنان على الأقل داخل البلدات.
من ناحية «حماس» فانها وفرت البضاعة لاحداث القدس، وبالتوازي حققت نقاطا مهمة لها جدا؛ تمهيدا لانتخابات السلطة الفلسطينية. رغم ذلك، يعتقدون في الجيش الإسرائيلي بان السنوار سيقرر عدم التوجه نحو التصعيد طالما بقيت القدس هادئة. والتحدي الان هو اجتياز الأسابيع المتقبية حتى انتهاء رمضان.
هذا ايضا هو السبب الذي جعل إسرائيل تحتوي الحدث. رد الجيش الإسرائيلي، الذي كان بالاجمال طفيفا ولم يتسبب باصابات، تضمن أساسا ضربة لبنى تحتية تحت الأرض ومخازن سلاح. ومع ذلك، قرر رئيس الاركان كوخافي ألا يـأخذ المخاطرة وأجل – ولكن لم يلغِ – سفره الى الولايات المتحدة الذي كان مخططا، أول من امس، وهو سفر مهم جدا للتنسيق الأمني وكذا لمحاولات التأثير على الاتفاق المتبلور بين الولايات المتحدة وايران، والذي لا تشارك فيه إسرائيل في هذه المرحلة على الاطلاق. اما من سيسافر فهما رئيس «الموساد»، يوسي كوهن، ورئيس مجلس الأمن القومي، مائير بن شباط.
عن «يديعوت»