هيومن رايتس تعيد الحقيقة السياسية: إسرائيل دولة فصل عنصري

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 في نوفمبر 1975 أعلنت الجمعية العامة في تصويت تاريخي اعتبار الحركة الصهيونية "هي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري"، في قرار الشهير رقم 3379، اعتبر في حينه، انحياز الشرعية العالمية الى الشرعية الفلسطينية، في مواجهة دولة تمارس التطهير العرقي والفصل العنصري ضد أهل البلاد الأصليين.

ولكن الانحدار العام في المشهد العربي بعد حرب الكويت – الخليج، وانهيار المنظومة الاشتراكية وعلى راسها الاتحاد السوفيتي، وعودة أمريكا للاستفراد بالقرار الدولي، فرضت بطلب من دولة الكيان، أن يتم الغاء القرار الأممي حول الصهيونية بصفتها حركة عنصرية، كشرط لمشاركتها في مؤتمر مدريد لـ "السلام"، وكان لها ما فرضت وألغي قرار 3379 بموجب القرار 46/86 الصادر بتاريخ 16 ديسمبر 1991.

ورغم أنه في تلك الفترة ارتكبت دولة الكيان من الجرائم التي هزت المشهد الإنساني العام، عبر ما عرف إعلاميا ودوليا بتسكير عظام أطفال الحجارة خلال الانتفاضة الوطنية الكبرى، التي انطلقت في ديسمبر 1987، ولكن الرسمية العربية خنعت الى الشرط الأمريكي – الإسرائيلي.

وخلال سنوات المواجهة الكبرى لفرض التهويد على الأرض الفلسطينية (2000 – 2004)، تجاهلت المؤسسات الدولية تلك الحقائق المتسارعة من تهويد واستيطان، حتى كانت حرب الكيان على قطاع غزة، وارتكبت خلالها كل أشكال "جرائم الحرب"، ما أدى الى صدور تقرير غولدستون أكتوبر 2009، الذي اعتبر أول وثيقة تفتح الباب لإرسال قادة إسرائيليين (سياسيون وأمنيون) الى محكمة الجنايات الدولية، ولكن "ضغوط دولية وإسرائيلية" أدت الى قيام الرسمية الفلسطينية بسحبه من النقاش، رغم أن الجمعية العامة أقرته بأغلبية كبيرة في نوفمبر 2009.

وبعد 12 عاما، أصدرت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بنسودا في فبراير 2021 تقريرا، يسمح لها "البدء بمرحلة جديدة من التحقيقات، التي قد تؤدي إلى توجيه لوائح اتهام لمتهمين بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، سواء كانوا فلسطينيين أو إسرائيليين".

وتشمل تلك الجرائم "التهجير القسري، الاستيطان، التعذيب، القتل العمد لمدنيين بدون ضرورة عسكرية، جريمة الأبارتهايد 0الفصل العنصري)، وغيرها الكثير".

قرار أكد بنص صريح جدا حدود دولة فلسطين في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، تأكيدا لقرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012، الذي تهربت قيادة منظمة التحرير من العمل لتنفيذه بأشكال مختلفة، الى أن أصدر الرئيس عباس مراسيمه الانتخابية في 15 يناير 2021، مستبدلا منصبه من رئيس سلطة الى رئيس دولة، دون أن يتوافق ذلك مع النظام السياسي القائم، كي لا يدخل في "صدام" مع دولة الكيان وأمريكا.

وجاء تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، ليدق جرس مرحلة كفاحية جديدة من الصراع القانوني – السياسي مع دولة الكيان، حيث اقرت المنظمة الدولية، ومقرها نيويورك، وأنشأت أساسا لاستخدام "حقوق الإنسان" ضد الاتحاد السوفيتي، ولذا لا يمكن اعتبارها منظمة معادية لإسرائيل من حيث المبدأ.

التقرير، وضع العبارات بوضوح مطلق، أن إسرائيل ترتكب جريمتين ضد الإنسانية متمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، وهما من جرائم الحرب، وتطرق التقرير الى تفاصيل تلك الجرائم، وأكد "على مكتب الادعاء في "المحكمة الجنائية الدولية" التحقيق مع الضالعين بشكل موثوق في الجريمتَين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد ومقاضاتهم." و "على الدول الأخرى أن تفعل ذلك أيضا وفقا لقوانينها المحلية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، وأن تفرض عقوبات فردية على المسؤولين عن هاتين الجريمتين، تشمل حظر السفر وتجميد الأصول".

تقرير يمثل انقلابا نوعيا في المعركة العامة ضد إسرائيل بصفتها دولة فصل عنصري واضطهاد.

الأمر لا يحتاج تفسيرات ولا بحثا فيما يرمي، فهو قاطع بلغته ومواقفه بحيث لا يترك للرسمية الفلسطينية، وكذا الفصائل زمنا للهروب من العمل على تطوير أداة فعل التنفيذ، لو حقا لا تزال صادقة في مسماها "الفلسطيني".

ملاحظة: فاز "الإسلاموي" منصور عباس بجائزة ترضية من العنصري سموتريتش بمنحه رئاسة لجنة في الكنيست الإسرائيلي...الصحيح مش لازم تزعلوا منه فهو مخلص لتراث "التحالف الإسلاموي" مع شارون ضد "الشيوعيين"...تاريخ سواده لا يزول بكم كلمة كذب!

تنويه خاص: ودعت مصر الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية بالسويس...رمز وطني بلا ألقاب عاش اسما وحضورا بتاريخ خاص..سلاما لروحك أيها الانسان الذي عشق وطنه فعشقك أهل وطنك العربي الكبير!