المبادرة العربية لا تزال الخيار الملائم للحل

المبادرة
حجم الخط

في مقال موشيه آرنس بعنوان: «لهم عيون ولم يشاهدوا» («هآرتس»، 10/11)، يزعم آرنس أنه يضع أساساً تاريخياً للوعد الذي أعطاه رئيس الحكومة للأمة قبل أسبوعين، «على حد السيف سنعيش إلى الأبد».
 المشكلة ليست فقط أن بنيامين نتنياهو وموشيه آرنس يزوّران التاريخ ويقدمانه بشكل أحادي الجانب، بل أيضاً يشوهان الواقع، ويلونانه بألوان متكدرة فقط، ويتجاهلان الفرص التي يقدمها.
 يوجد تأثير لهذه الرسائل السلبية؛ حيث إن الكثيرين قد يفهمون أن مستقبلهم ليس في اسرائيل، وبالتالي فهم يهاجرون، هكذا ستتحقق نبوءات اليمين التدميرية. 
عدة كلمات حول الماضي: البحث التاريخي لا يؤيد الرواية الإسرائيلية بالكامل التي تقول: إنه حتى العام 1967 أراد العالم العربي تدمير اسرائيل، أما نحن فمددنا يدنا للسلام، لكن الجدل في هذه المواضيع أكاديمي خالص، واتفاق السلام مع مصر يلائم فحص ادعاءات آرنس. 
يتحدث آرنس عن الاتفاق، وعلى ذِكر مساعي اسرائيل للسلام، إلا أنها حققته بعد أن استعرضت وأثبتت قوتها.
 مثلا في حالة السلام مع مصر لا يذكر أنه صوت ضد الاتفاق في الكنيست، ولا يذكر أيضاً أن غولدا مئير وموشيه ديان وأغلبية الجمهور الإسرائيلي آمنوا أنه لا بديل للسيف، كذلك أداروا ظهورهم لإشارات السلام التي أرسلها المصريون قبل حرب «يوم الغفران»، ودفعوا الثمن في تلك الحرب. 
اليوم أيضاً، بعد أكثر من 35 سنة على توقيع السلام مع مصر الذي يعتبره الخبراء أحد أسس الأمن الإسرائيلي المهمة، فإن موشيه آرنس يستمر في التعاطي معه باشتباه ويحتج لأن اسرائيل أعادت إلى مصر كل سيناء، وكان باستطاعتها الحفاظ على الأمن دون عمل ذلك.
 لم نتعلم منه شيئا عن التاريخ، ويتملص آرنس من حقيقة أن معظم  مساعدي باراك أكدوا أن أحد أسباب فشل المفاوضات مع سورية ومع الفلسطينيين هو أخطاء باراك. 
كل ذلك يتعلق بالماضي، وماذا عن الحاضر؟ يصف آرنس الوضع الحالي بألوان متكدرة. 
«القاعدة»، «داعش»، إيران هي القوى الفاعلة في المنطقة، لا يوجد من نتحدث معه، «وسنعيش على السيف إلى الأبد»، وليس مهماً الثمن الذي سندفعه، في المقابل لا توجد ولو كلمة واحدة عن مبادرة السلام العربية، التي تقدم لإسرائيل كل ما حلمت به، الاقتراح الذي كانت بدايته مبادرة السلام السعودية منذ 2002 ما زال موضوعاً على الطاولة، وقد تبنته ليس فقط الجامعة العربية بل العالم الإسلامي ككل. 
صحيح أن إيران لم تؤيده بشكل كامل، لكنها أيضاً لم تتحفظ عليه بشكل واضح. 
هذه المبادرة هي التغيير الأكبر في تاريخ الصراع، الجامعة العربية تقترح مقابل الانسحاب الإسرائيلي من «المناطق» وإقامة دولة فلسطينية، إنهاء الصراع بين الدول العربية والإسلامية مع اسرائيل. 
وإقامة علاقات دبلوماسية وعلاقات تجارية وسياحية.
 صحيح أن الاقتراح يحتوي على أجزاء صعبة بالنسبة لإسرائيل، لكن يمكن التفاوض عليها.
 المشكلة هي أن نتنياهو وحكومته لا يثقون بالعرب وكأنهم علقوا في الثلاثينيات والأربعينيات (كما تشير أقوال نتنياهو حول المفتي). 
بالضبط مثل آرنس، يتجاهلون الاقتراح الذي هو البديل الوحيد اليوم لسفك الدماء الذي لا ينتهي. 
إن الدخول إلى المفاوضات على أساس المبادرة العربية لا يعني أن اسرائيل ستتنازل عن الجيش الإسرائيلي، لا أحد يطلب ذلك، مغزى هذا الاتفاق هو جغرافي – التنازل عن مناطق غير حيوية لأمن اسرائيل، لكن لكون رجال السيف من اليمين لا يريدون التنازل عن هذه الأراضي فإنهم يتجاهلون المبادرة كليا، وما يقترحونه هو أن نستمر في العيش على السيف دون أمل بمستقبل أفضل، وهذا ما يجب أن نحاربه. 

عن «هآرتس»