تأجيل انتخابات "الوهم الوطني" و"المحاصصة الانقسامية الجديدة"!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 بداية لا يجوز الاستمرار في الحديث أن قرار "الرئيس محمود عباس" بتأجيل الانتخابات جاء مفاجأة، كما تدعي غالبية أطراف الرفض لتلك الخطوة، فكل ما سبق حمل في طايته القرار المعد مسبقا منذ أن صدرت مراسيم رئاسية دون مرجعية قانونية، ودون أي تقييد قانوني لها، ومنحت الرئيس ذاته سلطة "دستورية توافقية" خاصة، تسمح ولا تسمح له دون غيره تحديد المسار.

رد الفعل على "قرار الرئيس عباس"، كشف عن حالة فلسطينية "شاذة"، بين طرفي الموقف، قبولا بلا منطق، ومعارضة خالية من "الدسم السياسي"، كلاهما بحث عما له، دون التفكير فيما للشعب ذاته، مما ينتظره في اليوم التالي للعملية الإجرائية، حدثت أم لم تحدث، وهل حقا هي "مطرقة خلاص وطني"، ام مطرقة خلاص فصائلي.

تدقيقا، قرار التأجيل لا علاقة له بالذريعة التي استخدمها الرئيس عباس لتبرير ما أقدم عليه، مرغما وفرضا من صاحب "اليد العليا" في المشهد الراهن، دولة الكيان الإسرائيلي، ليس خوفا من نصر لفريق وهزيمة لفريق، فالأرقام أي كان الطرف الأول في ترتيب حصاد الكراسي الانتخابية، لن تنتج "حالة سياسية" لتشكيل توافقية حكومية دون آخر، أو آخرين.

الحديث الكاذب من قبل إعلام دولة الكيان، ان الخوف من فوز حمساوي بها، لهو "أم التضليل"، والبدعة التي يراد بها ومنها تبرئة الكيان من التلاعب بمظهر "ديمقراطي"، يعتقد البعض أنه حق بعد غياب، دون تدقيق فيما سيذهب بجوهر القضية الوطنية، ووضعها أسيرة ارتباط دائم بالعدو القومي ولكن بـ "خيار ديمقراطي"، بديلا لـ "فك الارتباط الوطني".

فحماس، لن تتمكن من أن تكون نصف + 1 في البرلمان لو كان، أي كان قدرتها على التحشيد والتضليل واستغلال هشاشة فتح م (7) وسلطتها، فهي في قطاع غزة تقف متعاكسة مع غالبية أهله وكانت سلطتها الدينية – الأمنية خلال سنوات الانقسام، كورق عباد الشمس كاشفا لعورات لن تخفيها بريق اللغة واستغلال الدين، فعيون الناس وذاكرتهم أكثر حصانة من تعابير وكتابات "أهل الحكم" الخادعة.

قرار التأجيل ليس مسألة ذات صلة بالشأن الداخلي الفلسطيني، بل هو قرار مرتبط بتطوير المشهد الانقسامي، وإدخال عناصر اشتعال مضافة الى حين ترتيب "مشهد بديل"، دون تأثير على جوهر المسار السياسي ومراقبة رد الفعل المعارض، ويمكن ملاحظة، غياب الحد الأدنى من "التنسيق" بين أطراف رفض للقرار، وكيف سارع كل من عناصرها الى الفعل الذاتي مسيرا وبيانا، بشكل تلقائي، وكأن الأمر "وجبة سريعة" يجب أن تتم قبل فوات الآوان، فكان "الرقص المنفرد" للرفض هو أبرز سمات ما بعد التأجيل.

وبعيدا عن "شكل" معارضة قرار التأجيل، هل هناك مضمون سياسي موحد لـ "قوى الرفض"، يمكن أن يشكل قاعدة تنسيق بينها لرسم معادلة يمكن التعامل أم معها، وهل حقا هناك هدف غير رفض الشكل، يمثل عاملا موحدا، بين من سارع بالتعبير رفضا، فتحديد تلك المسألة هو الذي يحدد حقيقة موقفها من تأجيل القرار وآلية التكوين المطلوب.

غياب التنسيق بين "أطراف رفض التأجيل"، لم يكن سوء ترتيب أو سوء تقدير، بل أن القوى المشاركة في بيان القاهرة لا تزال لديها قناة مفتوحة مع الرئيس عباس وفصيله، للبحث عن "اليوم التالي"، و"المحاصصة الجديدة" التي يمكن أن تكون، وما صدر منها هو جزء من حالة استباقية لتحسين الشروط، وما هي السبل الممكنة توافقا، خاصة لو استقر الأمر على "حكومة تقاسم وظيفي جديد".

حماس، ستعمل على أن تستخدم "معارضي القرار" لخدمة شروطها التفاوضية مع فريق الرئيس عباس" بكل السبل "المشروعة"، وقد فتح خطاب رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية الباب لذلك، عبر الإشارة الى "لقاء وطني" لكل القوائم والأطراف المشاركة لبحث القادم، وهو هنا مبدئيا، أقر المواقفة على التأجيل بأسلوب التوائي، ومنه تسلل الى ترتيب لقاء جديد، وما الإشارة الى الأطراف والقوائم سوى مناورة آنية، كونه يعلم يقينا أن الرئيس عباس وفريقه لن يقبلوا ذلك، خاصة قائمتي "المستقبل" و"الحرية" المنتج الفتحاوي الخاص.

ملامح "اليوم التالي" بدأت تتضح، لقاء سريع لترتيبات جديدة يناور كل من طرفي عناصرها بفرض "تحسينات" تعزز مطلبه، دون الذهاب بعيدا نحو "كسر العامود الفقري للانقسام" الذي سيستمر عبر "توافق وطني جديد"، مع طرق حصار القوى الناشئة خارج حسابات المشهد الرسمي.

ملاحظة: في الأول من أيار، عيد العمال العالمي، رفعت "قبضة" رفض العبودية والاستغلال، قبضة لم تنكسر رغم ما أصابها من "خدوش"...قبضة رفعت لتنتصر فلا خيار غيره...فتحية لحاملي جمرة التغيير الثوري الجديد!

تنويه خاص: سرعة بيان لجنة الانتخابات بتأييد قرار الرئيس عباس يتطلب سرعة حلها فورا...ومن غير ليه!