بات ملحا ان يكون لدينا برنامج مرحلي واضح المعالم لا يقتصر فقط على عناوين عامة بل يجب ان يغرق بالتفاصيل، لم تعد كافية عناوين عامة (المقاومة الشعبية السلمية) (إنهاء الانقسام)، الأدق كيف سننهي الانقسام، ما هو البرنامج الفعلي للمقاومة الشعبية، هل مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وتعزيز الصمود جزء منها، لم يعد مفيدا تكرار الشعارات وترك الناس (تقلع شوكها بيدها).
يجب ان نكون واضحين وضوح الشمس، اننا ذاهبون صوب تفعيل مفاصل النظام السياسي عبر الانتخابات واحترام التعددية السياسية وفتح قنوات التأثير على صناعة القرار، وأكثر وضوحا في مواجهة صلف وزعرنة الاحتلال ومستوطنيه، وأن نكون واضحين بمسألة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وألا تكون حياتنا قائمة على هبات وردات فعل ومن ثم نجتمع لنمجد الهبة ونضخمها ومن ثم نعود الى ذات النقطة.
يجب ان تكون مفرداتنا واضحة ولا لبس فيها، نحن نسعى للخلاص من الاحتلال وتجسيد دولتنا على ارضنا وكنس الاستيطان والمستوطنين، وربط الانتخابات بهذا الهدف وليس إغراقا بتفاصيل العمل البرلماني كما هو في الدول المستقلة.
يجب أن يكون المختلفون سياسيا ورؤى في الوطن أيضا أكثر وضوحا، ولا يجوز أن يكونوا فقط معلقين على خطاب الرئيس محمود عباس ولا يقيمون ما الذي جرى بعيدا عن الكاميرات ومكبرات الصوت، لم يعد كافيا أن دورهم التعقيب على تصريح لفتحاوي هنا وهناك وكأن هذا جل دورهم وأداتهم التغييرية، بإمكانهم أن يكون لديهم خبرات وبرنامج بديل وليس الوقوف أمام الفاصلة والنقطة فقط.
المختلفون سياسيا، لا يجوز أن يقتصر دورهم على إقحام انفسهم في قضايا تنظيمية داخلية (لحركة فتح) على قاعدة أن ما يحدث داخليا يؤثر على تفاصيل الحياة السياسية في الوطن!!! ولكن أهدافهم هي أبعد من ذلك بكثير، فهم يريدون استغلال هذا الواقع لتعميق الهوة وتخريب أي تفاهمات بين (حركة فتح وحركة حماس) لعلهم يجدون منفذا ينفذون منه، وإلا ما الذي يجعل محللا سياسيا كان يتناقض مع منطق المواجهات مع الاحتلال إبان انتفاضة الأقصى ويريدها (سلمية بحتة)، اليوم، يمجد رموزها ليس انتصارا ولكن استخداما لبلوغ هدف التأثير السلبي ليس إلا.
أما المصيبة، ذلك الدور الذي يرسمه بعض الفتحاويين لأنفسهم من عيار (جكر الحماة والكنة) والمؤسف ان غالبيتهم الكاسحة هم من الذين جلسوا في مقاعد قيادية في الحركة وحصلوا على عضوية المؤتمرات الحركية وحازوا على دورات في أرجاء العالم وحسنوا وضعهم الوظيفي حتى لو آخر عامين قبل تقاعدهم، ومنهم من طرحوا انفسهم مفكرين ومحللين سياسيين وكرروا ذات الفكرة على مسامعنا من (القانون الدولي) الى (هيئات الأمم المتحدة) وفي نهاية الأمر، اتفقوا مع من يريد إسقاط السلطة الوطنية الفلسطينية. وبات غلابى (حركة فتح) متهمين لديهم انهم مضللون، والغلابى هم الذين تقاعدوا قسرا ومن بقوا موظفين دون مسمى وأن حدثت انتخابات داخلية فتحاوية لا يحسبوهم على نطاق الشعبة ولا المنطقة ولا الإقليم وأن جرت انتخابات بلدية لا يطلب منهم إلا أن يكونوا ناخبين أوفياء للمرشحين وان رشحوا يكونوا في ذيل القائمة لأن عشيرتهم صغيرة رغم انهم يستظلون بحركة فتح وتاريخهم النضالي وليس بعشيرتهم.
أما أبطال مواقع التواصل الاجتماعي الموافقون والمعارضون لم يعد الفيسبوك مكانا لائقا بتجاربهم وخبرتهم بل يجب ان يكونوا في موقع التغيير فقط، فالفيسبوك لن يحرر وطنا ولا يحرر أسرى ولا يعيد لاجئين.
واضح تماما، أن الانتخابات ليست قضية مركزية لأي من الأطراف السياسية ولا من المستقلين وأكبر ما فيها استخدامها كأداة تصفية حسابات وليست تعبيرا عن برنامج ورؤية، ولو كان الأمر غير ذلك لكانت الانتخابات دورية وسلسة.
من قال، ان فلسطينيا واحدا كان وسيكون سعيدا عندما يرى عددا محدودا وقليلا يطالب بإجراء الانتخابات لأن هذا ضد قناعة الناس الوطنيين بأن المختلفين سياسيا يجب ان يكونوا حاضرين بقوة، وان الموافقين يجب ان يكون حضورهم مميزا ليس لحجب المختلفين سياسيا بل لطرح وجهة نظرهم بقوة وتحقيق التفاف شعبي حولها.
واضح تماما، أن الفصائل الوازنة تدرك تماما موضوع القدس وأهميته ولا تقع في شرك من عيار (عدد الناخبين في القدس ليس كبيرا بالتالي ليس من الضروري أن نقف عنده ولتستمر الانتخابات!!!!) (القدس أجلت لمفاوضات الوضع النهائي واليوم تذكرتموها!!!) صحيح أننا أمام نتائج كارثية جراء تأجيل القضايا المفصلية الى مفاوضات الوضع النهائي دون خطوط مرجعية التي تم تجاهلها من قبل الاحتلال ولكن هذا لم يمنع أن تظل القدس مركز المواجهة، ولعل دور أمير القدس فيصل الحسيني كان واضحا وكان محل إجماع من قبل الكل الفلسطيني رغم أن بعض الذين يلعبون بملف الانتخابات استخداما، اليوم، كانوا يعكرون صفو عمله في القدس على أساس أنهم أصحاب الكلمة الفصل وليست مؤسسات القدس وشخصيات مقدسية مختلفة المشارب الفكرية في محاولة منهم للانقضاض على الطاولة المستطيلة في بيت الشرق التي تضم الجميع واختصارها عليهم هم الذين هم ذاتهم أو أمثالهم يناكفون في الانتخابات.