لا انتخابات ولا دولة أو حرية الا بإنهاء الانقسام

حجم الخط

بقلم: فيصل أبو خضرا

 

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

بداية لا بد من القول ان شعبنا الفلسطيني يشعر باليأس والإحباط من استمرار هذا الوضع المزري وهذه الدوامة التي نراوح فيها، من استمرار للانقسام بكل تداعياته من جهة، ومن الجهة الأخرى استمرار الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ مخططاته الاستعمارية من قضم للأراضي الفلسطينية والاعتداءات اليومية على مقدساتنا الإسلامية والمسيحية والاعدامات والاعتقالات وهدم البيوت والاستيلاء على منازل المقدسيين ...الخ.

كما لا بد من التأكيد ان القول بأن الانتخابات الفلسطينية التي وعدت الفصائل شعبنا بها ثم تقرر تأجيلها هي المخرج لانهاء هذا الانفصال المعيب تعكس الجهل بعينه، وهي بمثابة وضع العربة أمام الحصان. والآن بعد تأجيل هذه الانتخابات هل سنقول ان إنهاء الانقسام بات أمام طريق مسدود بناء على موقف أصحاب المقولة نفسها؟!

يجب على قادة جميع الفصائل ان يدركوا ان عليهم وضع إنهاء الانقسام في مقدمة أولوياتهم لاستعادة الوحدة وخلق اوسع جبهة صمود ومقاومة حتى يعلم هذا الاحتلال والعالم اجمع اننا شعب واحد لا يمكن ان يفرقنا احد ونصر على انتزاع حقوقنا المشروعة بالحرية والاستقلال.

وها هي القدس قدمت درسا لكل قادة الفصائل في الوحدة ومقاومة مخططات الاحتلال، ويا ليت قادة فصائلنا يحذون حذو أهل القدس ويجسدون هذه الوحدة النضالية المشرفة بدل الاستمرار في التمترس في خندق الانقسام والاكتفاء بإتحافنا بشعارات براقة وببيانات الشجب والاستنكار وكفى الله المؤمنين شر القتال!

إن من واجب كافة القيادات فورا وبدون مضيعة للوقت ان يطلقوا ما اتفقوا عليه في اجتماع الأمناء العامين قبل شهور من ثورة شعبية حقيقية في جميع انحاء الأرض الفلسطينية حسب القوانين والاعراف والشرعية الدولية، وهنا لا يمكن لأحد التلكؤ او التذرع بأي ذريعة بعد ان أوصد الاحتلال كل الابواب وتنكر لكل الاتفاقيات وبعد ان ظهر النفاق الأوروبي الأميركي بأجلى صوره.

وفقط عندما تتشكل هذه الجبهة الفلسطينية الموحدة وتطلق صرختها المدوية سيشعر العالم أجمع ان هناك شعب مظلوم يريد استرداد ارضه وحقوقه المشروعة وعندها سيتحرك العالم لتدارك انفجار الوضع في المنطقة ولوضع حل عادل ونهائي للقضية الفلسطينية.

ونقول مجددا انه على الرغم من موافقتنا على التنازل عن ٧٨ بالمائة من أرض فلسطين التاريخية لوقف دوامة الحروب وسفك الدماء فقد تبين حتى للأعمى بان هذا العدو الغاصب يريد كل فلسطين والاردن و جنوب لبنان وحتى ان هناك من يقول من النيل إلى الفرات وهو ما يؤمن به اليمين الإسرائيلي المتطرف الحاكم اليوم.

ومن الواضح ان هذا العدو نجح نجاحًا باهرا في تنفيذ الكثير من مخططاته ونحن نتلهى بمناكفة بعضنا البعض ومحاربة بعضنا البعض ونكتفي بالشعارات والبيانات للأسف.

صحيح ان شبابنا وأهلنا في القدس صنعوا أسطورة في الصمود والإنجاز في باب العامود في القدس الشريف، وقبل ذلك ـ أمام ابواب الأقصى وأمام كنيسة القيامة ، الا ان هذا العدو لا يريد السلام بل يريد فلسطين جميعها وواصل اعتداءاته على شبان وأهل القدس وواصل اعتقالاته لأنه يعرف ان القدس هي درة التاج وان شعبنا متمسك بعاصمته الأبدية، فأين هي كل الفصائل التي تتشدق باسم القدس وأهلها؟!

وقد تبين بوضوح لشعبنا ان أميركا بايدن لا تختلف كثيرا عن أميركا ترامب في انحيازها لهذا الاحتلال الإسرائيلي وعدم رغبتها حتى بالضغط عليه لإجراء الانتخابات في القدس تنفيذا لاتفاقيات وقعتها اسرائيل وأميركا نفسها واودعت لدى المنظمة الدولية... وها هي اميركا بايدن تصمت على بناء المزيد من المستعمرات وتمارس ضغوطا علينا لوقف المساعدات لأسر الشهداء والأسرى. وها هي اوروبا ايضا اثبتت عجزها في الوقوف مع العدل والحق واثبتت نفاقها ايضا ولم تقم باي خطوة جادة للضغط على إسرائيل.

لذلك لا يمكن الرهان لا على أميركا ولا على اوروبا التي لم تتخلص بعد من استعمارها القديم ولبست ثوبا آخر معتقدة انها يمكن ان تضلل الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وعند لحظة الحقيقة لا تصب مواقفها سوى في مصلحة هذا الاحتلال.

ان اقل ما يمكن فعله الان هو اطلاق المقاومة الشعبية المشروعة كما حدث في القدس والانتفاضة الأولى في جميع انحاء الوطن، ومن يريد ان يساعدنا من الوطن العربي فاهلا سهلا ومن لا يريد فله الله، ولنثق ان كل أحرار العالم يقفون وسيقفون مع نضالنا العادل المشروع. وليعلم جميع زعماءنا الاكارم بان الحرية لا تعطى بل تنتزع، وان المفاوضات العبثية لن تجلب سوى المزيد من المستعمرات والمعاناة لشعبنا.

ان العدو لا ينصاع الا لإرادة وقوة المناضل الفلسطيني اما استجداء دول العالم لانقاذنا مما نحن فيه فهو رهان على سراب.

صحيح ان الانتخابات واجب وطني بامتياز، ولكن كيف لنا اجراء انتخابات نزيهة تحت الاحتلال، خصوصا في القدس، عاصمتنا الابدية ؟ وهو احتلال مدعوم أميركيا واوروبيا للأسف رغم كل شعارات اوروبا ومواقفها النظريه!

لذلك نقول ان من واجب السلطة الفلسطينية وحماس انهاء هذا الانقسام اولا واسناد القدس وأهلها، فالقدس تبقى معيار الحرب والسلام، وما حدث في الاسابيع الاخيرة فيها يجب ان يشكل مقدمة لمقاومة شعبية حقيقية تتبناها كل الفصائل في كل انحاء فلسطين.

اما أن ننتظر ان يتكرم علينا الاحتلال بالموافقة على الانتخابات ثم نتجه لبحث المصالحة وإنهاء الانقسام فهو خطأ فادح لأن ذلك يعني رهن المصالحة والوحدة بارادة المحتل.

وأخيرا نقول ان شعبنا الفلسطيني لم ولن يستسلم لإرادة المحتل، وقد برهن ذلك في انتفاضتيه الأولى والثانية وهبات القدس المتعاقبة دون ان ينتظر إذنا من هذا الفصيل او ذاك، واليوم فإن المطلوب من الفصائل كافة الارتقاء إلى مستوى هذه الإرادة الشعبية وعدم البقاء في خندق الانتظار!! والله المستعان