سموتريتش يرسي أساس اليمين الإسرائيلي الجديد

حجم الخط

بقلم: انشل بابر



في ذروة أزمة تعيين وزير العدل، الثلاثاء الماضي، غرد رئيس حزب «الصهيونية الدينية»، بتسلئيل سموتريتش، بأنه اذا قرر المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت، بأن بنيامين نتنياهو في وضع عدم أهلية ولا يمكنه مواصلة شغل منصبه كرئيس للحكومة، فان الأمر سيتعلق بـ «انقلاب في الحكم» وبـ»القوة».
هذه الخطوة، حسب قوله، «ستلاقي قوة مضادة من الشعب الذي سيحارب من أجل استقلاله وسيادته». عصيان مدني؟ استفزاز؟ هل يوجد لسموتريتش في الاصل جنود من اجل ذلك؟ ليس في هذه الاثناء، لكن بالتأكيد هو يبني نفسه استعدادا لهذه اللحظة.
دعوة سموتريتش للشعب بالخروج الى نضال بالقوة ضد سلطات العدل هي الدعوة الاخيرة في سلسلة تصريحاته التي وضعته بوضوح على رأس اليمين الحربي.
قبل بضعة اسابيع، عشية يوم الكارثة، هب للدفاع عن الحاخام العنصري في صفد، شموئيل الياهو، ضد أحمد الطيبي، وحذّره من أن المسلم الحقيقي يجب عليه أن يعرف بأن «أرض إسرائيل» هي لشعب إسرائيل.
وطوال الوقت العرب مثلك، الذين لا يعترفون بذلك، لن يبقوا هنا. الحاخام شموئيل وعشرات الآلاف من تلاميذه، ونحن من بينهم، سنهتم بذلك.
هذه لم تكن المغازلة الاخيرة لسموتريتش في الفترة الاخيرة للتطهير العرقي. في هذا الاسبوع أطلق اقوالاً مشابهة في جلسة قائمته – «العرب هم مواطنون في إسرائيل، في هذه الاثناء على الاقل. يوجد لهم ممثلون اعضاء كنيست، في هذه الاثناء على الاقل. هذه بالطبع ليست افكارا جديدة بالنسبة له. هو لم يقم في أي يوم باخفاء أنه درس القانون من اجل أن يتمكن من تفكيك النظام من الداخل، والبرنامج السياسي الذي عرضه في 2017 «برنامج الحسم»، تحدث عن تمويل «هجرة طوعية» لعرب الضفة. الآن يبدو أنه يقوم بتوسيع ذلك ليشمل العرب من مواطني إسرائيل.
لا يوجد هنا أي تغيير فكري لسموتريتش. فهذه اقوال أيدها طوال حياته السياسية، ومع ذلك كان هناك من توقعوا وأملوا اعتداله الآن، لفظيا على الاقل، عندما يترأس حزبا يتكون من ستة اعضاء كنيست، قام نتنياهو ببناء الآمال عليه، على الاقل حتى الفترة الاخيرة، بأن ينضم الى الحكومة المدعومة ايضا من حزب «راعم».
الامر المسلي في تصريحات سموتريتش الاخيرة ليس تطرفها أو اعتبارها تجديدا، بل لأنها قيلت باستفزاز تجاه نتنياهو بصورة لا تقل عن الاستفزاز الموجه لليسار والعرب.
«بيبي لم يصنع معي أي معروف، وطوال الطريق أكدت بأنني غير ملزم له شخصيا، بل ملزم بقيم اليمين والصهيونية الدينية خاصتي»، غرد سموتريتش ردا على رئيس قائمة «الليكود»، ميكي زوهر، عندما اتهمه الاخير بـ «نكران الجميل»، وقال في المقابل: «لقد اجتزت نسبة الحسم لأن الليكود اعطاك ثلاثة مقاعد».
هذه هي الايام الجميلة لسموتريتش. للمرة الاولى توجد له قاعدة قوة كبيرة خاصة به، وهو لم يعد قلقا من التفكير بأن نتنياهو سيفشل في تشكيل الحكومة ويتنازل عن مقاعد المعارضة. صحيح أنه استمتع جدا في الاشهر الـ 11 التي كان فيها وزيرا للمواصلات، وحسب اقوال مهنيين أثبت بأنه كان وزيرا فعالا ومخلصا لشؤون الوزارة. ولكن توجد له برامج أكثر طموحاً.
اذا انضم شريكه السابق وعدوه الحالي، نفتالي بينيت، الى احزاب الوسط – اليسار من اجل انهاء حكم نتنياهو فانه سيكون لسموتريتش – زعيم اليمين الوحيد الذي لم يغره التعاون مع العرب «أعداء إسرائيل» – فضاء جديد. هو يضع الآن بنية تحتية لليمين الإسرائيلي الجديد.
يعرف سموتريتش جيدا أن جبهته الداخلية الايديولوجية البيتية ليست «الصهيونية الدينية» التي يتفاخر بتمثيلها، بل قسم صغير، أصولي قومي متطرف، لم يكن كافيا لاجتياز نسبة الحسم. لذلك، احتاج الى رجال كهانا التابعين لايتمار بن غبير، الذين يحتقرهم في اعماقه، ولمصوتين متدينين شباب. سموتريتش يؤمن بأنه خلافا للكهانيين هو يمكنه ايضا أن يندفع نحو التيار العام اليميني، ليس بمساعدة تلطيف الرسالة بل من خلال استغلال الفوضى التي يتسبب بها نتنياهو في صراعه البائس من اجل بقائه السياسي.
سموتريتش الذي سبق وانطبع في الماضي في الرأي العام، ايضا في اليمين، عندما قاد مسيرة ضد مسيرة الفخار، حسن كثيرا في السنوات الاخيرة، بدرجة غير قليلة بفضل علاقات متطورة مع وسائل الاعلام، الاحساس بالتوقيت. والآن حان الوقت ليقول بجمل قصيرة وجذابة «ما يعتقده الكثير من الناس في قلوبهم». ايضا الاشخاص الذين يريدون اعتبار انفسهم يمينا «معتدلا»، وهم في الحقيقة يؤمنون بأننا «غير عنصريين».
صحيح أن نفتالي بينيت كان الاول الذي رفع شعار «توقفنا عن الاعتذار»، لكن توجد له حاجة انسانية كي يكون محبوبا من قبل الجميع وهو لا يتوقف عن الاعتذار. سموتريتش في الحقيقة لا يعتذر امام أي أحد، ولا حتى أمام مؤيدي نتنياهو. هو لا يسعى فقط الى أن يقود الصهيونية الدينية، بل أن يقود كل اليمين في إسرائيل.
خلافا لنتنياهو، الذي فقط يستخدم التحريض العنصري كأداة سياسية ويتذكر الاحتجاج على جهاز القضاء فقط عندما يقدمه للمحاكمة، سموتريتش في الحقيقة يؤمن بذلك. هو الزعيم الوحيد الذي لا يخجل من أن يعرض على اليمين بالضبط ما يريده في أعماق قلبه، وهو طرد العدو، العربي.

عن «هآرتس»