إسرائيل أمام تحدٍّ: منع الانزلاق إلى موجة عنف جديدة

حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور

 

 


تفيد تجربة الماضي بأن منفذي العملية في مفترق تفوح سيلقى القبض عليهم بسرعة. عملياً، يمكن الافتراض بأن قوات الأمن تعرف منذ الآن، غير قليل عن هويتهم. فتفاصيل المركبة التي نفذ منها إطلاق النار – هيونداي فضية – نشرت بعد وقت قصير من الحدث في الشبكات الاجتماعية. وسيؤدي التحقيق بالتأكيد بسرعة الى معرفة من سافروا فيها وقت العملية.
التقدير هو ان هذه خلية، وليس «مخربا» منفردا. فمن الصعب لشخص واحد ان يقود المركبة وفي الوقت ذاته ان يلتقط اهدافا لضربها، وان ينفذ اطلاق نار دقيقا في الوقت ذاته. وعليه، ففي كل الحالات التي نفذت فيها في الماضي عمليات مشابهة، كان في المركبة ما لا يقل عن مسافرين اثنين بل احيانا اكثر، ممن شاركوا في العملية.
كثرة المشاركين تسهل على المخابرات التحقيق في العملية. امكانية الوصول الى «مخرب» منفرد لا يشرك احدا في خططه اكثر صعوبة من خلية يكون اعضاؤها مطالبين بالتنسيق. كما أن استخدام السلاح يساعد في التحقيق؛ فبخلاف عمليات الطعن أو الدهس، السلاح ثمة حاجة لشرائه، والشراء يضيف مشاركين ويزيد احتمال الوصول الى المنفذين.
الجهود، الآن، هي للوصول الى منفذي العملية بالسرعة الممكنة، لأنه من اللحظة التي يجتازون فيها الروبيكون وينفذون العملية، يكونون اكثر خطرا. من ناحيتهم، لم يعد هناك ما يمكن ان يخسروه؛ فالعملية التي نفذوها ستبعث بهم الى السجن، او الى العالم الآخر، وهذا منوط بالوضع الذي يتركهم فيه مقاتلو وحدة «يمم» الخاصة بعد أن يصلوا اليهم. كلما ابتعد هذا الموعد، يزيد الاحتمال في أن يحاولوا تنفيذ عملية اخرى.
هذا القلق، التكتيكي، ينخرط في قلق أكبر بكثير، استراتيجي. فالرياح التي تهب في الايام العشرة الاخيرة من الساحة الفلسطينية بعيدة عن ان تبشر بالخير. بدأ هذا بأحداث باب العامود في القدس، وتواصل بإطلاق الصواريخ من غزة، وانتقل الى العمليات في الضفة. صباح أول من امس، حيدت امرأة حاولت تنفيذ عملية في «غوش عتصيون». وبعد الظهر جاءت عملية اطلاق النار في «السامرة».
الإحساس في اوساط العديد من المحافل هو أن هذه بداية موجة «ارهاب». فأيام رمضان حساسة في كل سنة، ولكن يخيل انها في هذه السنة اكثر تفجرا من اي وقت نتيجة للتداخل بين الحملة التي لا تتوقف على شرقي القدس، وتأجيل الانتخابات في السلطة الفلسطينية، وفترة ما بعد «كورونا» بآثارها الاقتصادية والاجتماعية، وبالأساس ايام العيد والحماسة الدينية التي تجلبها معها – والتي تشعلها دوما محافل ذات مصلحة، وعلى رأسها «حماس».
سيزداد هذا التحدي جدا في الأسابيع القريبة القادمة.
في الأسبوع القادم، سيحيي الفلسطينيون ليلة القدر وفي إسرائيل يوم القدس، وبعد ذلك ثمة تواصل متفجر على نحو خاص، عيد الفطر، يوم النكبة، وعيد الأسابيع.
الجيش الإسرائيلي يستعد لذلك، وستعزز القوات في الضفة بعدة كتائب (بعضها استبدلت سرايا حرس الحدود التي نقلت بمساعدة الشرطة في القدس)، ولكن يخيل أنه سيكون مطالبا بأكثر من ذلك.
إحدى الظواهر الدائمة والمقلقة بعد عمليات كهذه هي محاولات محافل اخرى الاقتداء بها، والعمل بإلهام منها. وعليه، فالجهد الأساس، الآن، - الى جانب الجهد الجسدي، لاستعراض التواجد في الميدان – سيكون استخباريا. بعضه سيبذل في العثور على الخلية التي نفذت العملية، ولكن أساسه سيتجه لإحباط عمليات مستقبلية.
في السنة الماضية (2020) نجحت قوات الأمن في الإبقاء على مستوى متدن نسبيا من «الإرهاب» في الضفة. وقد نبع هذا بقدر كبير من «كورونا» ومن أن الاحتكاك بين اليهود والفلسطينيين تقلص الى الحد الأدنى، ولكن السطر الأخير كان انخفاضا دراماتيكيا في عدد المصابين: 3 قتلى و46 جريحا، مقارنة بـ 10 قتلى و66 جريحا في 2019 و16 قتيلا و83 جريحا في 2018.
التخوف، الآن، هو من انقلاب الميل. كما أسلفنا، فإن التحدي، الآن، سيكون القاء بطانية على الارض، لقمع العنف. وهذا سيتطلب خليطا من العصي والجزر، وكذا العثور على الجهات التي تشعل النار ومعالجتها. اولا وقبل كل شيء «حماس»، التي تلعب لعبة مزدوجة: في الوقت الذي تحاول فيه الإبقاء على القطاع هادئا، تبذل المنظمة جهدا واضحا في اشعال الضفة، بما في ذلك تمويل وارسال خلايا «ارهاب».
وعليه، وكجزء من التحقيق في العملية، ستحاول المخابرات ان تفهم بأكبر سرعة ممكنة تفاصيل عن الخلية. هل عملت على اساس محلي، في الحارة، دون انتماء تنظيمي ما أم ان لها شركاء آخرين؟ هذا حرج ليس فقط من أجل المعرفة اذا كان ممكنا احباط العملية، بل للفهم اذا كان احد ما يقف خلفها. اذا تبين أن العملية نفذت ومولت بأمر من احدى منظمات «الإرهاب»، فستكون إسرائيل مطالبة بأن تلقي المسؤولية على من يقفون وراءها، بكل ما ينطوي ذلك على معنى.

عن «إسرائيل اليوم»