تحاول «ح م اس»، ليس لأول مرة في السنوات الأخيرة، مرة اخرى إشعال الميدان في الضفة وفي القدس.
بين هذه الإمكانية وخيار المواجهة مع إسرائيل في قطاع غزة فان إحراق الضفة الغربية هي الإمكانية المفضلة لدى المنظمة «الإرهابية». وهكذا تحيل «حماس» المسؤولية الى السلطة الفلسطينية، وليدفع رئيس السلطة ابو مازن الحساب.
غير أن السنوات الأخيرة أثبتت انه حتى في فترات أكثر توتراً، كانت بين دوافع «حماس» وبين الواقع على الأرض فجوات واسعة جدا. في مرات عديدة في السنوات الأخيرة كانت فترات بدا فيها ان الميدان قريب من التصعيد، ولكنها مرت في نهاية المطاف في هدوء نسبي.
لو جرت الانتخابات لربما صوّت الجمهور الفلسطيني لـ»حماس». ولكن في الوقت ذاته يمكن القول بان الجمهور ذاته ايضا لا يسارع للخروج الى الشوارع من أجل أحد. كما أنه في كل ما يتعلق بالقدرة العملياتية للمنظمة «الإرهابة» لتنفيذ العمليات، يوجد فجوة كبيرة بين تصريحات زعماء «حماس» في غزة وبين الواقع على الأرض.
ومع ذلك، من المحظور بالطبع الاستخفاف بإمكانية التصعيد الكامنة في الضفة. ولا سيما في الفترة القريبة القادمة المليئة بمواعيد الذكرى، كيوم القدس ويوم النكبة، فيما التوتر في القدس ايضا لم يصبح خلفنا بعد.
لإسرائيل وللسلطة الفلسطينية مصلحة مشتركة واضحة للحفاظ على الاستقرار الأمني، وتبادل الاتهامات بين الطرفين لن يجديهما اي نفع.
في الميدان، رغم سلسلة الأحداث الأخيرة، لا يلاحظ الجيش الإسرائيلي في هذه المرحلة ظلاماً واضحا يشير الى تصعيد مهم يوجد على الأعتاب. ولا يزال، الساحة الفلسطينية هي الأكثر تفجرا للتصعيد، أكثر من اي ساحة اخرى، من لبنان وحتى ايران. في الجيش الإسرائيلي يخططون منذ فترة طويلة لمناورة شهر الحرب الذي يبدأ، الاسبوع القادم، ويشبه حربا في عدة ساحات بالتوازي. والأمر الأخير الذي يريدونه في الجيش هو أن تتشوش المناورة الحربية بسبب تطور غير مرتقب في الضفة او في القطاع.
وبالفعل صحيح حتى الآن أن لدى الاستخبارات لا توجد إخطارات عن عمليات مخطط لها من جانب منظمات «الإرهاب» اكثر مما في الايام العادية. ومع ذلك، في الكثير من الحالات، مثلما في العملية في مفترق تفوح لم تكن هناك معلومات مسبقة، إذ انه كلما كانت خطة العملية ابسط من حيث الصيغة والتخطيط هكذا تكون المعرفة الاستخبارية ايضا.
في الجيش الإسرائيلي يفهمون جيدا بان تواصل سلسلة العمليات، حتى دون صلة واضحة بين الواحدة والأخرى، يمكن أن يخلق أثر التصعيد، الذي تُعتبر «حماس» معنية به، صراعا ضد إسرائيل، بعيدا عن منطقة المسؤولية في غزة. غير انهم في «حماس» يأخذون هنا رهانا، إذ يكبتون الاثر المحتمل لخطوتهم: أن تصعيدا كبيرا يبدأ في الضفة ينتهي بشكل عام بجولة تصعيد او بحملة عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة.
عن «معاريف»