توقع الخبير في شؤون مدينة القدس، جمال عمرو، أنّ تلجأ المحكمة العليا "الإسرائيلية" إلى امتصاص الغضب الشعبي الرافض لقرار إخلاء 28 عائلة في حي الشيخ جراح؛ من خلال تجميد أو تأجيل القرار، مُردفاً: "لكن الاحتلال لن يلجأ لإلغاء القرار بالكامل بعد صدوره".
القرار سينطوي على ألغام
وقال عمرو في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" اليوم الخميس": إنّ القرار سينطوي على ألغام، لإنعدام حسن النوايا لدى الاحتلال وقضاءه"، مُضيفاً: "سيكون في طي القرار كما سابقه، خبث بطلبه من سكان الشيخ جراح الاتفاق مع المستوطنين".
كما وصف القضاء الإسرائيلي بـ"الاحتلالي" المنحاز لجيشه ومستوطنيه، مُوضحاً أنّ القضاء الاحتلالي شكل من أشكال المراحل المتقدمة من العدوان على الشعب الفلسطيني، ويُنفد ما لا يستطيع جيس الاحتلال ومستوطنيه تنفيذه.
محاكمة باطلة
وأشار إلى أنّه وفقًا لاتفاقية جنيف الرابعة لا يجوز أنّ يتعرض الشعب الفلسطيني للمحكمة أصلاً؛ وبالتالي ما يجري ظلم وعدوان بحق شعبنا وأرضه وممتلكاته الذي يقع تحت قوة السلاح الاحتلالي "الإسرائيلي".
ويتبنى القضاء "الإسرائيلي" منذ العام 1972 الحجج التي يتذرع بها المستوطنون، بأنّ تلك الأراضي المهددة بالمصادرة في حي الشيخ جراح تعود ملكيتها ليهود اشتروها العام 1876، أيّ قبل احتلال الشطر الشرقي من المدينة المقدسة العام 1967.
وترفض المحاكم "الإسرائيلية" البحث في قضية ملكية الأرض، وتستند بدلاً من ذلك إلى الاتفاق الذي وقعه المحامي اليهودي نيابة عن العائلات الفلسطينية الـ17، والمطعون بصحته من قبلها.
وتذهب المحكمة "الإسرائيلية" إلى أبعد من ذلك، بادعائها أنّ تلك الوثيقة تسري أيضاً على العائلات الـ 28، بمن فيها تلك التي لم توكل ذلك المحامي من الأساس. كما تعتبر المحكمة أنّ عدم دفع تلك العائلات الفلسطينية الإيجار للمستوطنين يُعتبر إخلالاً بذلك الاتفاق، ما يسمح بإخلائها من منازلها.
وردّ الفلسطينيون على تلك الادعاءات، بعدد من السندات، على رأسها وثيقة عثمانية جاؤوا بها من تركيا العام 2010، تُؤكّد أنّ منطقة كرم الجاعوني تعود بالكامل لعائلة حجازي الفلسطينية، والتي يسكنها اليوم 80 عائلة مقدسية.
كما أظهر الفلسطينيون مرسوماً مُوقعاً من وزير المالية "الإسرائيلي" في حينه، صدر عن الكنيست عام 1968، ينص على التزام إسرائيل باتفاق الأردن مع "الأونروا"، والذي يُؤكّد أنّ ملكية تلك الأراضي تعود لقاطنيها.
وتسلمت السلطة الفلسطينية منذ أسابيع 14 وثيقة رسمية تتعلق ببناء الوحدات السكنية في ذلك الحي، والتي تُظهر تفاصيل الاتفاقية التي وقعتها وزارة التنمية الأردنية في حينه مع "الأونروا" لبناء الـ 28 وحدة سكنية التي يدعي المستوطنون ملكيتهم لها.
الملكية والتأجير في أغلى مدينة بالعالم
وبالحديث عن مصير السكان الذين يتم طردهم من حي الشيخ جراح، قال عمرو: "إنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي تقول لهم أنتم أحرار، ولكنّ مدينة كالقدس تُعتبر أغلى مدن العالم، حيث يبلغ سعر شقة سكنية صغيرة فيها نحو نصف مليون دولار أمريكي، وإيجار أيّ شقة يتراوح ما بين 1500 إلى 2000 دولار".
وأضاف: "في حال استمر الاحتلال في غطرسته، وطرد أهالي الشيخ جراح، ستنتقل الهبة الشعبية في القدس إلى انتفاضة مدعومة من غزّة، بناء على تهديدات القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف".
وبموجب قانون أملاك الغائبين الصادر العام 1950، لا يُسمح للفلسطينيين الذين طردوا من أرضهم بالإكراه العام 1948، باستعادة ممتلكاتهم، حتى وإنّ امتلكوا سندات الملكية.
في المقابل، ينص قانون الشؤون القانونية والإدارية الصادر لعام 1970 على أنّه يُمكن لليهود الذين فقدوا ممتلكاتهم في القدس الشرقية عام 1948 استردادها.
وختم عمرو حديثه، بالقول: "إنّ القضاء الإسرائيلي لم يكن في أيّ يوم مُنصفاً للسكان الفلسطينيين، وبالتالي يجب تعزيز صمود سكان القدس والشيخ جراح معنوياً، وعدم طرح فكرة الانتصار الصهيوني مُطلقاً".