لم يعد هناك الكثير من الأسرار التي يمكن الحديث عنها في العلاقة بين "المكونات الحزبية – الفصائلية" في بقايا الوطن والشعب الفلسطيني، وقضايا الوطنية الكبرى، ليس كونها ساهمت في صناعة أحد أبرز النكبات لإدامة المشروع التهويدي، عبر اللعبة الانقسامية، مغلفة بـ "ثورية" شاذة، بل فيما بدأ من حركة استغباء سياسي في المواقف والسلوك والرد على تطور المشروع التوراتي على حساب الوطنية الفلسطينية.
منذ أن قررت تلك المكونات استبدال حركة المواجهة مع العدو المحتل بحركة "تصويت" لتجديد المشروع الانقسامي بثوب ديمقراطي، وتركها فعل التفاعل مع صرخة أهل الشيخ جراح بالقدس المحتلة لحركة تطهير عرقي صريح، شجعت بسلوكها المتفرج بتغيير أولويات الجدول الوطني، دولة الكيان لأن تذهب بعيدا في عملية "تهويد القدس" أرضا ومقدسا.
"القدس خط أحمر"، عبارة لم تغب عن ألسنة المكونات الحزبية – الفصائلية، وسلطتيها في جناحي البقايا، بل وصل الأمر بالبعض أن يذهب قولا بأن لا يترك "العدو" ساكنا، مهددا بما هو أخطر من اللغة، وأن كل الاحتمالات مشروعة، فيما سيؤدي الى فتح "باب جهنم" على دولة الكيان.
وسلطة تسمع رئيسها وأطرافها المكونة يصرخون كأرامل المولد، داعين العالم للتحرك، دون أن يغبر أي منهم قدميه ويذهب ليكون جزءا من مواجهة فجأة اكتسبت طابعا "ناريا"، بل ولم تصدر أوامر لعناصر فصيلهم بالذهاب الى الشوارع كي لا تبدو القدس "جزيرة فعل" مواجهة منعزلة، لم يدع الرئيس محمود عباس الى عقد لقاء دائم لتقرير ما يجب تقريره، واكتفى بدعوة غيره للفعل، فيما ه ينتظر
فصائل وسلطة حماس، فتحت كل أبواب الرد اللغوي، وقصفت تل أبيب وما بعد بعيد بأحدث "أسلحة اللسان النووي المتحرك"، دون ان تشارك عناصرها بقوة وكثافة في الحدث المباشر، ليصبح الحاضر المقدسي من مئات تواجه قوة عدو، الى عشرات آلاف يمكنها أن تكسر شوكة غزوة الأقصى والشيخ جراح.
وبدلا من تنسيق المشهد "الانفصالي مؤقتا"، وتطالب حماس رئاسة السلطة وقيادة فتح والفصائل الى عمل "آني مشترك" استغلت النكبة الآنية لتبرز كـ"بديل مواز" للرسمية الفلسطينية، عبر حركة اتصالات مع دولة ومؤسسات، علها تكسب نقاطا في رحل صناعة القادم المنتظر لوراثة ما بعد عباس، بعد رصاصة "حمد بن جاسم" لانقلاب "ديمقراطي" برعاية أمريكية – إسرائيلية لاحقة تحديثا لـ "الانقلاب الأول".
يبدو أن المكونات والسلطتين في الضفة والقطاع، راهنا على أن "الحدث المقدسي" سيمر سريعا"، وعندها ستبدأ صناعة رحلة جديدة من الادعاءات التضليلية لاستغلال ذلك خدمة لأجندة حزبية تساعد فيما سيكون من ردم مرحلة وبداية مرحلة.
لو أن الأمر مرتبط بالقضية الوطنية، لأعلنت حماس قبل فتح ومعها كل المكونات الفصائلية، وقف كل "عزف سياسي منفرد"، واتجهت للرئيس عباس أن يعلن حالة "الطوارئ الوطنية العظمى"، واعتبار "الحدث المقدسي" نقطة فصل بين زمن وزمن، ولا ينتهي بتوقف السماح بدخول الأقصى للمصلين، بل بانتهاء حركة التهويد والتطهير العرقي، وأن يتم اعلان "قيادة المقاومة الشعبية"، المتفق عليها منذ سبتمبر 2020.
كان على القوى في الضفة والقطاع، أن تلتقي عبر آليات التقنيات الحديثة لتؤكد أنها لن تستمر في رحلة "خراب الهيكل الوطني"، وتبدأ فعل صناعة جديد عبر خطوات عملية بالخروج الى مناطق الضفة والقطاع في مشهد كفاحي يعيد الروح التي أصابها تكلس طال انتظاره، واعتبار ذلك أول رصاصة الفعل الشعبي لفك الارتباط مع دولة الكيان.