لا يوجد حل عسكري لغزة

حجم الخط

بقلم: أسرة التحرير لصحيفة هارتس

 

 


في وقت كتابة هذه السطور بلغ مقياس الدم لضحايا حملة حارس الأسوار 212 قتيلا في غزة، بينهم 61 رضيعا، و36 امرأة. في إسرائيل قتل منذ بداية الحملة 13 شخصا بينهم طفل ابن 5 سنوات. 1.400 شخص أصيبوا في غزة نحو نصفهم نساء وأطفال، و50 آخرون يوجدون في حالة حرجة. تشوشت الحياة في إسرائيل بشكل مطلق في نصف الدولة على الأقل فيما أن الكثيرين يعيشون في قلق دائم.
في الوقت الذي تتراكم فيه الجثث ومعها جزر الخرائب وموجات الدمار لمنشآت عسكرية والى جانبها عدد لا يحصى من الأبراج، المنازل، الشقق، المكاتب والبنى التحتية المدنية في غزة، تتواصل الحملة بلا عراقيل، بينما بات واضحا منذ بضعة أيام انها لم تعد تؤدي الى اي مكان، غير زرع المزيد فالمزيد من القتل والدمار في غزة وفي إسرائيل.
اذا كانت لهذه الحملة انجازات من ناحية إسرائيل – والتي هي في افضل الأحوال للمدى القصير – فهذه قد استنفدت منذ الآن. والآن تتواصل الحملة بقوة القصور الذاتي باستثناء ان إسرائيل يمكنها أن تواصل فيها «بثمن متدنٍ» نسبيا وذلك اساسا كي تبهر مواطنيها بقدرات الجيش والمخابرات الإسرائيلية، الذين يقاتلون ضد جسم عسكري أدنى منه بلا قياس. اذا استمرت الحملة عدة ايام اخرى فإنها ستؤدي فقط الى مزيد من القتل والدمار الزائدين. لن تكون اي منفعة منها، وبالتأكيد ليس لإسرائيل، بل ستزرع فقط مزيدا من الخوف، الكراهية، الاهانة وتطلعات الثأر.
في هذا الوضع للامور لا مجال الا لوقف الحملة فورا، دون أي تأجيل ومعاذير، بل وحتى قبل أن تضع الاسرة الدولية نهاية لها. ينبغي لـ»حارس الاسوار» ان تتوقف ليس فقط بسبب المعاناة والالم الرهيب الذي تلحقه بملايين البشر، وليس فقط لأن الولايات المتحدة تطلب ذلك من اسرائيل – هذه الحملة ينبغي أن تتوقف لأنها ايضا لا تساهم في شيء لاسرائيل.
هذه حرب اخرى خاسرة يمكن تفاديها من بين حروب كثيرة. وسبقتها كل الأخطاء الممكنة: استفزازات عنيفة وزائدة في شرقي القدس، في الشيخ جراح، في باب العامود وفي المسجد الأقصى. ناهيك عن أنه ليس ذلك ما يبرر النار العشوائية من «حماس» على السكان المدنيين، فإنه كان يجمل بإسرائيل لو كانت حرصت على الهدوء في فترة متوترة جدا بدلا من خلق الاستفزازات.
رغم تبجحات القيادة العسكرية والسياسية، فإن هجمات اسرائيل، الآن، عديمة الجدوى. وقادة «حماس» و»الجهاد الإسلامي» الذين صفتهم سيحل محلهم آخرون والقدرات العسكرية للمنظمتين سترمم بسرعة وستتبين كأكثر تطورا وخطورة من سابقتها، مثلما كان بعد كل الحملات السابقة.
لغزة لا يوجد حل عسكري. وحملة «حارس الأسوار» ايضا لن تغير هذا الواقع. يجب وقفها فورا.

عن «هآرتس»