الى قيادة حماس قبل الرئيس عباس...ما بعد الحدث الفلسطيني

حجم الخط

 كتب حسن عصفور 

وأخيرا، تم التوصل الى اتفاق وقف إطلاق نار، وهي التسمية الأدق سياسيا حتى ساعته، كونه لم ينتج بعد مضمونا واضحا، اتفاق وضع علامة فارقة في الشكل أولا، بان النهاية لم تكتب إسرائيليا، كما حاولت الحكومة العنصرية الحاكمة في تل أبيب أن تكون، ودون تحقيق لأي "مكسب سياسي خاص"، بل أنها دفعت، وإن لم يكن مكتوبا ثمنا تزامنيا، فيما يتعلق بالقدس والشيخ جراح، أمام الشقيقة مصر، وعلم الأطراف المتابعة كافة، وإن خرقته، لكنها أقرت به، الى جانب "ربح فلسطيني عام في ملامح أخرى.

11 يوما، ستحفظها الذاكرة الفلسطينية، بأنها علامة مضيئة في تاريخ المواجهات مع العدو التاريخي للشعب الفلسطيني، تمكنت أن تهز "السكون العالمي"، كما لم تهزها منذ أن نجحت قوى "الشر السياسي" بتمرير مؤامرة الانقسام، ما أصاب القضية الوطنية في مقتل لا زال ساري المفعول حتى ساعته.

وبلا أي خداع أو تضليل، من حق حماس أن تنتعش بكل ما يمكنها الانتعاش، بما كان بقيادة جناحها العسكري، مع أجنحة عسكرية أخرى، خاصة سرايا القدس وكتائب أبو علي مصطفى وكتائب المقاومة الوطنية، أساس الغرفة المشتركة التي وقفت خلف الحدث العسكري الجديد.

حققت حماس حضورا سياسيا خلال الأيام تلك لافتا تماما، وأن قيادتها كانت هي عنوان الحدث، وخطفت الضوء السياسي من الرئيس محمود عباس وفريقه المرتبك - التائه، وتلك مسألة متناسقة مع التطورات الميدانية، رغم محاول حركة فتح أن تكسر رتابة قرار رئيسها بعدم الذهاب الى أي شكل من اشكال المواجهة  الشعبية العامة مع دولة الكيان واحتلالها، دون أن تخسر فرصة العودة لاحقا، لو أرادت أن تكون حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وليس غيرها.

حماس حققت كثيرا في زمن قصير جدا، ولكنها قد تخسر كثيرا وفي زمن قصير جدا، أيضا، لو أنها لم تقف لتعيد ترتيب جدول أعمالها الوطني وفق ثقافة سياسية جديدة، بالمعني الحقيقي، وأن تدرك قبل غيرها، ان البعد الشعبي الفلسطيني والعربي، والاهتمام العالمي لن يدوم كثيرا، وقد يبهت سريعا جدا، وخلال أيام قد تكون أقصر من أيام المواجهة الحدث، لو انها عاشت في صندوق الإنجازات التي تحققت.

حماس، قادت المعركة العسكرية بحكمة قد تكون هي الأبرز في تاريخها، فاقت كثيرا جدا ما سبق من إدارة خلال الحروب الثلاثة على قطاع غزة، منذ وصولها الى الحكم، إدارة معركة عسكرية، رغم هفوات الذاتية، المرض المزمن فلسطينيا، كانت مثيرة للاهتمام العالمي قبل الفلسطيني، من حيث التدقيق والوحدة الخاصة بين مكونات الغرفة المشتركة.

مع وقف إطلاق النار، بدأت فورا عملية إطلاق النار السياسية، وحتى ساعته لا زالت قيادة حماس تعيش في "جو النشوة" وهو حق لها، ولكن اليوم التالي للمعركة أكثر أهمية تاريخية مما كان قبله بيوم، ولذا فعليها أن تبدأ في صياغة رؤيتها الجديدة، للداخل الوطني، وأيضا الى العالم المحيط، دون أي استخفاف بقيمته، ولا ترتهن كثيرا أو طويلا أن 11 يوما كانت كافية للتغير الجذري عالميا.

حماس القيادة، يجب أن تعيد تدوير رؤيتها، من خلال نداء عادل للقاء وطني عام يعمل مباشرة على رسم خريطة إنقاذ سياسي – وإعماري، نحو ترسيخ الوحدة الشعبية في كل فلسطين التاريخية حول الحدث، بالحفاظ على زخمها الكبير، أيام كسرت حل حواجز الانقسام نفسيا، دون ان تزيله واقعيا.

حماس عليها أن تبدأ في وضع علامة فصل جوهرية، هل هي حركة حكم أم معارضة، هل ستكون سلطة أم فصيل خارجها، ولكل منها أدواته ورؤيته السياسية، فلا مجال للسلوك على طريقة "الأنا" العمياء، حماس السلطة – الحكم برنامجها السياسي سيكون إجباريا متسق مع قرارات الشرعية الدولية، حماس المعارضة – المقاومة تبقى على برنامجها التحريري الكامل من النهر الى البحر، ولتتحمل هي مسؤولية ذلك.

حكم ومعارضة في آن، لعبة سياسية ساذجة...ولن تكون...تلك هي المسألة الرئيسية التي يجب حسمها قبل أي مسألة أخرى، فهي مفتاح الحضور العام.

قيادة حماس، قبل غيرها، عليها أن تتقدم برؤية لتشكيل حكومة وحدة فلسطينية، تنطلق من المصلحة الوطنية، ضمن قواعد الاتفاق التي تمت منذ 2015، وأكدها لقاء بيروت / رام الله في سبتمبر 2020، نحو فك الارتباط بدولة الاحتلال، حكومة تعمل على أنها لدولة فلسطين، وأن تبدأ بتغيير كل معالم "الحكم الذاتي" الذي فقد بعده الفلسطيني منذ عام 2000، خاصة وأن دولة الكيان لم تعد تتعرف بأن الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وحدة جغرافية واحدة والولاية عليها فلسطينية، تم تأجيل ممارسة بعضها الى حين

حماس، تتحمل مسؤولية استباقية نحو مجمل الحركة الوطنية، لإعادة سلوك العلاقات بعيدا عن الثقافة الفوقية، والطائفية، والتخلي عن التخوين والتكفير، فدونها كل الإنجازات تذهب ريحها الى بحر فلسطين.

ملاحظة: تكرار الإدارة الأمريكية رئيسا ووزير خارجية عن يهودية إسرائيل يفتح الباب واسعا للفلسطيني أن يعيد التفكير كليا بالحديث عن دولة في حدود 1967...خاصة مع وجود 22 % من السكان فيها فلسطينيون ...قضية تستوجب التفكير!

تنويه خاص: كم هو محزن وطنيا أن تعمل هواتف الرئيس عباس وقيادات حماس في كل اتجاه عدا الاتجاه المطلوب وطنيا...الغرور طريق الخراب...فحاذروا!