السنوار أشجع من نتنياهو وغانتس

حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي

 

 


هل ثمة احتمالية في أن رؤساء "حماس" هم من البشر؟ هل هناك احتمالية في أن نعترف بذلك؟ غسلت إسرائيل، منذ اقامتها، الادمغة من خلال شيطنة اعدائها. في الستينيات قمنا في عيد "لاغ بعومر" بإحراق صورة جمال عبد الناصر في ميدان ملوك إسرائيل. قالوا لنا إنه "الديكتاتور المصري"، ولم نستمع في أي وقت إلى ما كان لديه ليقوله. لم يكن انساناً بالطبع، ومثله ايضا ياسر عرفات ومنظمته: حتى الآن لا تعترف العبرية بمفهوم "حزب فلسطيني" و"جيش فلسطيني". لا توجد امور كهذه. يوجد لنا "جيش الدفاع"، ولديهم توجد فقط تنظيمات "ارهابية".
"حماس" بالتأكيد هي كذلك. لا توجد جمعيات خيرية، لا توجد حركة سياسية، لا توجد انتخابات داخلية، ولا يوجد مقاتلون. جميعهم "ارهابيون" و"مخربون". واذا كان الامر هكذا فإن من يقفون على رأسهم هم بالتأكيد قتلة. واذا كان الامر هكذا فان الخطاب المقرف الذي يتطور في إسرائيل عن تصفيتهم واخضاعهم والقضاء عليهم هو خطاب شرعي. من الشرعي ايضا هدم بيوتهم وقتل ابناء عائلاتهم.
على سبيل المثال، يحيى السنوار، يعرف المحللون بأنه شخص متوحش. فهل هو متوحش أكثر من الطيارين في سلاح الجو الإسرائيلي الذين قاموا  في الشهر الماضي بالقاء عشرات القنابل على المنازل وقتلوا 66 طفلا؟ يصعب علينا معرفة ذلك. هل يوجد دم على يديه اكثر مما يوجد على أيدي عدد من ضباط الجيش الإسرائيلي؟ يوجد شك كبير في ذلك. هل هو اكثر شجاعة واستعدادا للتضحية من قادة إسرائيل؟ لا احد يوافق على الاعتراف بذلك. السنوار هو العدو، لذلك هو ليس من البشر. محقق "الشاباك"، الذي حقق معه قال إنه لا توجد لديه مشاعر. والسجانة في مصلحة السجون قالت إنه جبان. ومثله ايضا محمد ضيف: أن نرسم طائر الرمال هذا مثل جندي شجاع، حتى بعد أن بترت يده ورجله وفقد عينه وفقد زوجته وأبناءه الصغار؟ هل جننتم؟ محمد ضيف شيطان، وكذلك ايضا السنوار.
هذه المقاربة البدائية لا يمكن مناقشتها، لكن يمكننا اقتراح قراءة اخرى للواقع. على سبيل المثال، هم ايضا من بني البشر. هناك في "حماس" في غزة من توجد لهم طموحات واحلام، نقاط ضعف، عيوب، وصفات تستحق التقدير ايضا. مثلا، توجد لـ"حماس" اهداف محقة يجدر الاعتراف بها، وحتى التسليم بها. هم ايضا ربما يريدون أن لا تكون حياتهم مكرسة فقط لأن يقتلوا ويُقتلوا. أو أن يدمروا إسرائيل كل يوم. أو على الاقل هم يعرفون أنه لا توجد امكانية لذلك.
لقد قضى السنوار 22 سنة في السجن، اقل بقليل من الفترة التي قضاها نلسون مانديلا. هناك تعلم كيفية التحدث بالعبرية بطلاقة وخسارة أن لا يسمعه الإسرائيليون وهو يتحدثها. بالعبرية هو يظهر اكثر انسانية. وقد قال بالعبرية ذات مرة في سجنه ليورام بينور إنه مستعد لمناقشة هدنة طويلة المدى مع إسرائيل، وربما ستتقدم الاجيال القادمة من هذه الهدنة.
يجب ألا يكون المرء مؤيدا لـ"حماس"، المنظمة المكروهة جدا، من اجل أن يتذكر بأن السنوار وضيف قد ترعرعا في مخيم خان يونس للاجئين. كم هو عدد الإسرائيليين الذين يعرفون عن ظروف الحياة هناك؟ هل يمكن أن يترعرع هناك شخص يحب إسرائيل، حفيد اشخاص تم طردهم من المجدل (السنوار) أو من كوكبة (محمد ضيف)، التي دمرت إسرائيل حياتها وحياة العائلات فيها الى الأبد، بما في ذلك الطرد وسلب الاراضي واللجوء والفقر والسجن والقصف و15 سنة من الحصار.
إن نضال "حماس" هو نضال شخص بائس امام دولة عظمى اقليمية. من السهل وعظه بالتنازل عن النهج العسكري، الذي لا يوجد فيه أي احتمالية وهو يتسبب فقط بذلك بالمعاناة لشعبه.
ولكن الحقيقة الفظيعة هي أنه عندما تقوم "حماس" بالاطلاق فان إسرائيل والعالم يهتمون بمصير غزة. فقط بعد ذلك، عندما تتوقف مدافع "حماس" عن الهدير ينسون غزة؛ ولتختنق.
أشاهد السنوار وهو يخرج من المخبأ غداة وقف اطلاق النار. المحللون قالوا إنه يحيط نفسه بالمدنيين لأنه جبان. بالتأكيد هو أكثر شجاعة من بنيامين نتنياهو وبني غانتس، المحميين بدرجة كبيرة. أيضا من ناحية عدالة نضاله توجد له أفضليات على سجانيه ومحتليه، حتى عندما تكون الوسائل التي يستخدمها "إجرامية"، بالضبط مثل التي يستخدمها أعداؤه.

عن "هآرتس"